«جاء هذا العام مختلفا للمصريين عامة.. وللأقباط خاصة» بهذه الجملة بدأ معى نادر رؤوف 83 عاما - حديثه قائلا: الخوف هو عنوان هذا العام بالنسبة لى ولعائلتى، والحقيقة أن إحساس الخوف عندى وصل لدرجة شعورى بأن مصر لم تعد وطنى، وأنا أقول هذا الكلام وقلبى يعتصر بالألم، فمصر التى طالما كانت مهدا لجميع الأديان، ومنارة للجميع، أصبح التشدد مسيطرا عليها، وأصبح النموذج السائد فيها هو الرجل الملتحى الذى يكفر كل من يعارضه.. والصوت الأعلى هو صوت القوة وليس صوت الحق. يصمت نادر برهة ثم يتحدث لى قائلا: تخيلى يا سيدتى أن المكان الوحيد الذى نشعر فيه بالأمان، وهو الكنيسة.. أصبحنا نخاف من الذهاب إليه، لدرجة أن والدتى قالت لى: لا تذهب إلى الصلاة فى الكنيسة هذا العام خشية أن تحتك بالأقباط عناصر من جماعات التكفير والهجرة، أو الجماعات الدينية المتشددة بعد تصريحاتهم الأخيرة. أما مريم شاكر فهى أم تبلغ من العمر 72 عاما تشعر بالوحدة فى بلدها فتقول: للأسف كل أهلى وأقاربى هاجروا منذ حوالى ستة أشهر، لكنى لا أملك المقدرة المادية للسفر. لم أكن أتخيل أنه سيأتى يوم وأفضل فيه ترك بلدى التى ولدت وترعرعت بها ودُفن فيها آبائى وأجدادى، فمصر الوطن الذى حمانا جميعا أقباطا ومسلمين ولم نشعر فيه يوما بالتمييز، ولم يسألنا أحد فى يوم قط عن ديانتنا، جاء عليه اليوم الذى يحتمى فيه الأقباط من المسلمين المتشددين والذين يتاجرون باسم الإسلام. لكنهم للأسف لا يعرفون معنى الإسلام الحقيقى الذى جاء به عمرو بن العاص، وفتح باسمه الكنائس التى كانت مغلقة ولم يمس الأقباط بأى سوء، بل على العكس أعطى لهم حقوقا لم تكن لهم. وتضيف مريم: هناك شيء لا أفهمه حتى الآن، وأستغربه فى نفس الوقت وهو تصريحات عصام العريان عن دعوته لليهود فى مصر، فكيف له أن يدعو اليهود فى أرض مصر ويطرد الأقباط فى نفس الوقت، وهو يعلم أشد العلم أن المسلمين والمسيحيين يكرهون اليهود، والعكس صحيح.. فبعد كل هذه المتغيرات كيف لنا أن نطمئن على أنفسنا فى مصر. ∎ قانون دور العبادة الموحد من أولى القضايا المنتظر فتحها فى السنة الجديدة.. ملف قانون دور العبادة الموحد، والذى أعلن مجلس الشورى أنه سيكون على رأس قائمة القوانين التى سيشرعها. وذلك بعد أن نظم العشرات من اتحاد شباب الثورة وعدد من الأقباط المستقلين وقفة احتجاجية بمنطقة دوران شبرا للمطالبة بضرورة تدخل الرئيس لحماية الأقباط وسرعة إصدار قانون دور العبادة، وذلك لوضع حد للتعدى على الأراضى التابعة للكنائس وحمايتها. فيما أعلن ممدوح رمزى - عضو مجلس الشورى المعين - عن لقاء سيتم هذا الأسبوع بين النواب الأقباط المعينين بمجلس الشورى مع رجل الأعمال رامى لكح، لتحديد مشروعات القوانين التى سيتقدمون بها لجلسة الشورى غدا، وعلى رأس تلك المشروعات، مشروع قانون دور العبادة الموحد. ∎ الهجرة.. والتهجير يعتبر هاجس الهجرة من أسوأ المشاعر الذى اجتاحت الأقباط منذ أن تولى التيار الإسلامى الحكم، ولا يرجع ذلك لخوفهم فقط، لكن بسبب الممارسات الخاطئة التى ارتكبتها بعض التيارات المتشددة المحسوبة على الإسلام. وبناء على ذلك، فقد حذرت منظمات قبطية عديدة، من تزايد معدلات هجرة الأقباط بعد وصول الإسلام السياسى للسلطة، ويقدر عددهم بحوالى 052 ألفاً فى 8 أشهر فقط. وقال نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان إن المنظمة رصدت منذ إعلان الدكتور محمد مرسى عن عودة مجلس الشعب المنحل عشرات المئات من الأقباط الذين يحتشدون أمام السفارات الأجنبية، خصوصاً الأمريكية والكندية، للمطالبة بالحصول على تأشيرة هجرة. وحذر جبرائيل من أنه إذا استمر الحال كذلك فى التضييق على المسيحيين، وعدم كفالة حرية ممارسة عقائدهم، وبناء كنائسهم، وحقهم فى الوظائف العليا، وحرمانهم من التمثيل السياسى المناسب، مؤكدا أن ذلك ينذر بخطر تقلصهم إلى حد الندرة، مما يخل بالتركيبة السكانية للبلاد ويهدد استقرارها الاقتصادى والاجتماعى، إذ من بين هؤلاء الذين تركوا البلاد ومن ينوون تركها الكثير من كبار رجال الأعمال. وفى السياق ذاته، أوضح البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية أن هناك العديد من الأحداث التى تدعو إلى التخوف وهجرة الأقباط إلى الخارج مثل التطرف الذى أصبح فيه المجتمع. كما أن المجتمعات التى يذهب إليها الأقباط ليست وردية، ولجوء بعض الأقباط إلى الهجرة جاء لمعالجة الخوف من التطرف المجتمعى. ∎ الزواج الثانى يعتبر ملف قانون الأحوال الشخصية من أكثر الملفات الشائكة التى تواجه الرئيس مرسى بالنسبة للأقباط، فلا ننسى أنها كانت السبب الرئيسى وراء انطلاق شرارة الثورة على الكنيسة، والمجلس الإكليريكى. فقد قام عدد لا يستهان به من الأقباط بعدة تظاهرات فى عهد البابا الراحل، مما أدى إلى استبعاد الأنبا بولا رئيس المجلس لبعض الوقت.. ويختص هذا القانون بحق الأقباط فى قانون مدنى يستطيعون من خلاله الزواج والطلاق.. وبالرغم من رفض الكنيسة لطلبهم لأنه يخالف التعاليم الإنجيلية لكنهم مازالوا يصرون عليه، ويرون أن هذا حقهم المشروع.. وبالفعل كانت رابطة أقباط 83 قد نظمت وقفة احتجاجية أمام قصر الاتحادية لإعلان رفضها إضافة نص للمادة الثانية من الدستور والذى يقضى بحق غير المسلمين فى الاحتكام لشرائعهم بما يحرمهم من الحصول على «طلاق من الكنيسة» لغير علة الزنى، وهو ما يلغى لائحة 8391 المعمول بها والتى تتيح تسعة أسباب للطلاق. ورفع المتظاهرون أمام القصر لافتات «الكنيسة تريد دستورا دينيا ينسف حقوق الأقباط ويشجع على الفتنة الطائفية لتصبح دولة داخل الدولة».. وعن ذلك قال الناشط القبطى نادر الصيرفى: سلمنا الرئيس خطابا طالبنا فيه بعدم تدخل الكنيسة فى العمل السياسى، والحصول على حقنا فى الزواج الثانى، وعندما سألنا عن أعدادنا أجبنا بأن مؤسسة الرئاسة أكفأ منا فى حصر الحالات من القضاء.. والحقيقة أن قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الحاكمة للطلاق فى المسيحية من مصادرها الأصلية بداية من القرن الرابع حتى نهاية فترة البابا كيرلس السادس البابا السابق للبابا شنودة تنص على ذلك.. وأكد الصيرفى أن معه تصاريح بالزواج داخل الكنيسة موقعة من الأنبا بولا نفسه لكن شيئا لم يحدث، ولا نريد أن نفعل مثل البعض الذين لجأوا للتحول ظاهريا للإسلام ثم عادوا مرة أخرى بعد ذلك. والحقيقة أن الزواج يخص الكنيسة التى تقوم بالشعائر الدينية وأما الطلاق فهو عمل مدنى بحت خاصة بعد أن أقرت الكنيسة مراجعتها لأحكام القضاء قبل التصريح بالزواج الثانى، وقد وعدنا الرئيس بالنظر فى هذا الأمر. ∎ الكنائس المغلقة يعتبر ملف الكنائس المغلقة من أكثر الملفات الشائكة التى تخص الأقباط فى مصر، فبعد أن حصر الأقباط عدد الكنائس التى قام جهاز أمن الدولة بإغلاقها والتى تقدر بنحو 05 كنيسة، طالب الشعب الكنسى البابا بضرورة فتح هذا الملف.. وتضمن هذا الملف المبانى الكنسية الخدمية التى تحتاج إلى تكملة بناء أو ترميم، وقام بعض الأساقفة ،ومعظمهم من الصعيد ، بمحاولة إقناع البابا بسرعة إرسال ملف الكنائس المغلقة للمجلس العسكرى، وحالت وفاته دون ذلك. وقد أرسل بالفعل القمص صليب متى كاهن كنيسة مار جرجس بشبرا، وعضو المجلس الملى العام برسالة الى الدكتور محمد مرسى يطلب منه إعادة فتح 05 كنيسة مغلقة لخدمة الأقباط الذين يعانون من عدم وجود كنائس يقومون بالصلاة فيها. وأضاف فيها أن التاريخ لن ينسى موقف القائد الإسلامى العظيم عمرو بن العاص عندما فتح الكنائس المغلقة، وقام بإعادة الأنبا بنيامين فى ذلك الوقت الذى نفاه الرومان مضيفا أنه مثال للجميع لتأكيد الوطنية. كما أن فتح الكنائس المغلقة سوف تعمل على إعادة الطمأنينة إلى قلوب الأقباط جميعا خاصة فى مثل التوقيت الذى يعانى فيه الأقباط من عدم الطمأنينة. الحلقة القادمة: مصير قانون دور العبادة الموحد