وفى وسط معاناتنا للتفاهم مع سياسات مختلفة وتيارات متنوعة والحيادية بين هذا وذاك.. نجد فى المقابل اثنين ليسا بأصدقاء أو أصحاب مهنة واحدة وإنما هما أخان شقيقان تربيا فى منزل واحد مع نفس الأب والأم ومع ذلك خرج كل منهما إلى تيار مضاد للآخر فأحدهما يساوى وهو كاتب صحفى يؤمن بالمدنية والدولة الحرة سياسيا واقتصاديا وهو الكاتب وائل لطفى رئيس التحرير التنفيذى لجريدة الصباح، و الآخر سلك مسلك التيار الإسلامى ل 16 عاماً حتى انشق مؤخرا بسبب خلاف على طريقة العمل السياسى وهو إسلام لطفى الناشط السياسى وأحد مؤسسى حزب التيار المصرى.. كيف يتعاملان ويتجنبان الشجار، وما الذى ساعد فى إنشاء شخصية مستقلة ومضادة لكل منهما؟.. هذا ما سيرد عليه الكاتب وائل لطفى فى حوار «لصباح الخير».
∎ ما سبب نشأة تيارين مختلفين فى أسرة واحدة وما الذى شكل أيديولوجيتك المختلفة عن أخيك إسلام ؟
لم ينشأ الاختلاف الفكرى والسياسى بينى وبين إسلام فحسب وإنما أيضا أخى الذى يكبرنى محمد لطفى وهو جراح قلب سلك مسلك التيار الإسلامى مثله مثل إسلام قبل الانشقاق عن فكر الجماعة وسياستهم، وكان السبب الرئيسى الذى كون تفكيرنا وأيديولوجيتنا المختلفة هو «مكتبة والدى» وديمقراطية كل من أبى وأمى فلم يفرضا علينا رأياً أو فكراً ولم يحتكر أحدهما عقولنا لملئها وفقا لأفكارهما بل لكل منا شخصية مختلفة ورأى يحترم مبنى على ثقافة ومبادئ وليس على فراغ فنحن «اتربينا على الثقافة».. وكل منا اختار الكتب التى تتناسب مع أفكاره وميوله وشخصيته التى يقتنع بها وتستهويه.
∎ هذا يعنى أنك انتميت لجماعة الإخوان أو سلكت مسلك التيار الإسلامى ثم انشققت عنهم؟.
ليس بهذا المعنى الصريح، وإنما أنا فى عمر ال 21 عاماً أو 31عاماً كنت دؤوب على القراءة خاصة عن كتب الإخوان لأنها فى تلك الفترة كانت كثيرة ومنتشرة وفى يوم فى مقر الهيئة العامة للكتاب كنت عندها فى الصف الأول الثانوى وكانت الهيئة العامة للكتاب مستضيفة فى ندوتها الأستاذ أحمد بهاء الدين وتحدث عن الإسلاميين والديمقراطية والمرأة ونقده للإسلام السياسى، وأنا كنت حريصا على قراءة كتب عن تاريخ وسياسة الإخوان وفى نفس الوقت حريصاً على معرفة الرأى الآخر.
∎ ما الذى صدمك من التيار الإسلامى؟
عندما اشتريت مجلة «لواء الإسلام» التى كنت مداوماً على شرائها وهى مجلة شبابية تعبر عن جماعة الإخوان المسلمين فى النصف الثانى من الثمانينيات وقد وضع فيها صور لكبار الكتاب والمثقفين مثل طه حسين، العقاد وتوفيق الحكيم وكتب فيهم مقالة مدلولها أن هؤلاء رموز الفكر عملاء للغرب والثقافة الغربية.. عندها بدأت أفكر بطريقة مختلفة.
∎ هل حاولت اجتذاب أخيك إسلام أو توجيهه إلى تيارك؟
- بالعكس، إطلاقا لم يكن لى الوصاية «الفكرية» أو الحجر الفكرى عليه وإنما تركت له مطلق الحرية كما أطلق لى والدى الحرية فى الآراء التى أقدسها وأحترمها ومؤمن بها فعلى النقيض تماما والعكس عندما تخرجت فى 5991 كانت بداية دخول إسلام للجامعة وكان أيضا منذ صغره على اعتياد لقراءة الكتب المختلفة والمتنوعة وليس كتاباً ذا فكر معين أو طابع خاص وعندما التحق بالجامعة سألنى: «ما هو التيار الفكرى والسياسى الذى أنتمى إليه؟» وبمنتهى الحيادية قلت له: «مقدرش أحدد لك» فاختيارى أنا يناسبنى أنا ويطابق ميولى وشخصيتى.. فأخبرنى أن هناك أصدقاء لى يؤمنون بالحرية التامة ومدنية الدولة كالتيار الليبرالى الذى انتميت له وإنهم يريدون أن يتحدثوا معى بشأن تيارهم.. فلم أعط له ردا وأخبرته بأن يفعل ما يحلو له وما يناسبه ويجد راحته فيه..
∎ بالتأكيد تعرضت أنت وأخوك إسلام إلى صدام فكرى..؟
بالتأكيد اختلفنا ولكن لم نصطدم أو نتشاجر فكان اختلافنا راقياً ومتحضراً، أما فترة الشجار والتعصب فكانت فى فترة المراهقة قبل النضج الفكرى، فمررنا بمحطتين محطة المراهقة وكانت وقتها الحدة فى النقاش والتعصب فى الرأى فكان هو يتعصب للتيار الإسلامى وأنا أنقده أما الآن فمر بمرحلة النضج الفكرى والاستقلالية الفكرية والمرونة فى التعامل وتقبل الآخر جملة وتفصيلا.. فالآن كل منا يدافع عن و جهة نظر دون تعصب وأرى ميزات فى التيار الإسلامى وأرى أيضا نقاط خلاف عليهم ويرى إسلام أيضا ميزات وعيوباً لليبراليين قبل أن يترك التيار الإسلامى.
∎ وما السبب الذى جعل إسلام يغير مساره بعد سنوات قضاها وسط التيار الإسلامى؟
لأن إسلام شخصية نقدية وكنت متوقعاً أنه مهما طال الزمن شخصيته النقدية ستجعله ينشق عن الجماعة لثغرات كثيرة فى سياستها.. فإسلام شاب طموح وإيجابى حالم ورومانسى وهو طابع أغلب الإخوانيين الرومانسية الحالمة والدفء فى المشاعر والطموح الجامح مثل إقامة «دولة الخلافة» أو مشروع النهضة.. ولم أتعامل معه أو مع أى من الجماعة على أنهم أعداء بل كان منهم شباب من ضمنهم إسلام إيجابى نقدى ينظر للفن بنظرة راقية ويستمعون للأغانى قد تكون لهم معايير على الفنون ولكن ينظرون بإيجابية كل جيل إسلام وكانوا يجتهدون حتى وإن كان اجتهاداً خاطئاً.
∎ وما الذى كان يحسم خلافكما أو بالأحرى كيف تعودان مرةأخرى لتتقابلا فى نقطة واحدة؟
الذى كان يحسم المسألة هو عدم اختلافنا فى القيم وإنما اختلافنا دائما فى الأفكار، فكلانا تربينا على نفس القيم الحميدة والقويمة: الشرف، الأمانة، التقدير وغيرها من القيم فإن كان يسارى ماركسى أو تيار إسلامى ولديهم قيم فهى التى وحدها توحد التيارات المختلفة وإن اختلفت الأفكار.
كلانا قبل الثورة فى تيارين مختلفين ومع ذلك تلاقينا واتفقنا فى الثورة وبعدها.∎