لانبالغ اذا قلنا ان فنانا التشكيلى عبد العال حسن مفتون بالنساء و الحياة فى الريف فقد اسرته منذ اول مرة هذه البيئة الخصبة على مستوى الاشكال و الالوان و الروح
تجد نفس العالم ولكننا نشعر بأنه مازال قادرا على البوح بتفاصيل مدهشة وألوان زاهية فضلا عن مضمون جميل بلوره عبدالعال بأنه دعوة من القلب لكى يسعد الله صباحنا ويومنا أيضا.
ويتجول الفنان عبدالعال فى معرضه الجديد فى الريف والأسواق والشواطئ ليخرج لنا مجموعة من أفضل أعماله، وتجده يصور بعين فنان وراءه خبرات فنية كبيرة، النساء فى البيت والسوق والغيط، ويصور أيضا الملامح الأساسية لهذا العالم من ملابس وإكسسوارات وما يتعلق بحياة هؤلاء النساء مثل القفة، المنديل أبوأويه، السلة، القفص وهى الأشياء التى ترتبط بمعنى وحياة هؤلاء النساء فى هذا العالم، فى دعوة صريحة لمشاهدة الفن والجمال كما يراه ويعتقده.
ويبدو أن دعوة الفنان عبدالعال قد وجدت صدى طيبا لدى محبى وعاشقى الفن التشكيلى، حيث تجمع عدد كبير منهم لمشاهدة إبداعات عبدالعال الجديدة، وافتتح المعرض الفنان الكبير نور الشريف الذى قال لنا إنه شعر بالسعادة بمجرد أن شاهد اللوحات التى عبرت عن عالم مدهش وملىء بالجمال والبراءة والحب لأناس حقيقيين من أرض هذا الوطن الذى سيظل معطاء منذ آلاف السنين وحتى الآن.
ومن مشاهدة أعمال المعرض الذى ضم أكثر من 03 عملا تجمع بين النساء والبنات فى الريف ومنظر المراكب والأشرعة، ويمتد حتى 03 نوفمبر الجارى نجد أن هناك علاقة وثيقة بين عبدالعال وأبطال أعماله وتشعر ببهجة وعالم غنى بالألوان والتفاصيل المدهشة.
وعن ذلك يقول الفنان عبدالعال: لقد تكونت علاقتى بالأماكن والبشر الذين أرسمهم عبر سنوات، وأشعر أن هناك شيئا ما يربطنى بهذا العالم ويحيلنى إلى اكتشاف الجمال فيها.
وحول عنوان المعرض «يسعد صباحك» يؤكد بأنه لم يكن من الصعب عليه أن يجد أفضل من هذا العنوان لمعرضه الجديد الذى يتناول فيه حياة المرأة المصرية فى الريف والأسواق، فهذا العالم ملىء بالمفردات والهوية الواضحة، ففى الريف الجميل عندما تقول لنسائه «صباح الخير» يفاجئنك برد أجمل هو «يسعد صباحك»، وقد استلهمت فكرة المعرض ومضمونه من هذه العبارة البليغة التى اعتبرها ليست مجرد رد للتحية فقط، وإنما هى أيضا دعوة من القلب لكى يسعد الله صباحنا وأيامنا أيضا.
وهنا نشير إلى أن عبدالعال مهموم بالجمال الداخلى والخارجى للعالم الذى يرسمه، فنجده يقول بوضوح: عندما كنت أتجول فى الأسواق الريفية كنت أرى نفس المرأة التى مثلها الفنان المصرى القديم وهى تحمل على رأسها سلة كبيرة من الخوص ممتلئة بكل خيرات الأرض، وتحمل فى يدها أوزة أو تذهب متأنقة بملابسها الزاهية الفضفاضة إلى السوق أو الغيط، وحتى داخل بيتها تبدو متأملة وحالمة ومنتظرة لغد أفضل يخلو من المشكلات والهموم.
ويؤكد الفنان عبدالعال هذه الفكرة قائلا: رغم مرور السنين على هذا المشهد، فإنه يظل باقيا وكأن الزمن لم يتحرك كثيرا، فها هى نفس المرأة بنفس الملامح تحمل على رأسها نفس السلة المليئة بخيرات مصر.
وهذا ما يحيلنا إلى فكرة أخرى مهمة وهو أن عبدالعال لا يبحث عن ملامح نسائه وبطلات أعماله فقط وإنما يرمز من خلالهم إلى أن هذا البلد العظيم ملىء بالخيرات، فاتركوه يعبر عن جماله ولا تحاولوا القضاء عليه، فالجمال والخير باقيان فى مصر وعلينا أن نبحث عنهما وننميهما دائما.
أما عن لوحات المراكب التى قدمها عبدالعال بجوار لوحات النساء فى الريف والسوق، فإنها تعبر- حسب رأيه- عن جماليات من نوع آخر، حيث رصد فيها علاقة المراكب بالبحر بالبشر الذين يعملون فى مهنة الصيد، وكأنه أيضا يبحث عن علاقات جمالية أيا كان المضمون الذى يرسمه وهو ما يعتقده عبدالعال نفسه بأن دور الفنان التشكيلى هو البحث عن الجمال وتقديمه للآخرين فى قالب فنى وبطريقة تخلو من الرصد وتنحو نحو التأمل وتستلهم التجربة الفنية للفنان ذاته.
وكعادة الفنان عبدالعال فإنه يقدم لنا فى معرضه الجديد مجموعته اللونية المفضلة والتى ارتبطت بأعماله السابقة والحالية، فنجد الأحمر والبرتقالى والأصفر والأزرق والأسود، وعندما يضع تلك الألوان على ملابس النساء والبنات والأسواق أيضا تجد صورة زاهية تشى بالجمال والدهشة والبراءة والسعادة.∎