ورد أحمر ودباديب وشوكولاتة.. إذا نحن فى عيد الحب.. هذا هو الشكل التقليدى لعيد الحب ويجده البعض فرصة للتعبير عن الحب تجاه شريك حياته، وتكلم الكثيرون عن أن الحب ليس فقط بين العشاق والمخطوبين والمتزوجين، فمعنى الحب يمتد للأهل والأصحاب. ولكن.. لم يلتفت أحد إلى أن عيد الحب فرصة لنتذكر أنفسنا «ونحبها»، خاصة الزوجة المصرية التى غالبا ما تكون مطحونة فى العمل والمواصلات.. و«طالع عينها» فى مذاكرة الأولاد وطلباتهم.. وشقيانة فى تنظيف البيت والطبخ وخلافه وتصبح مضغوطة ومتوترة وسط مطالبات من حولها والتى بالمناسبة لا يتبعها «لا حمد ولا شكر»، وتأتى مناسبة كعيد ميلادها أو عيد جوازها أو عيد الحب وتنتظر أن يتم التعبير لها عن الامتنان أو الحب أو الشكر من زوجها وأولادها، وكثيرا ما تصدم فى ظل زحمة الحياة «فتتقمص يومين» ثم تعود للدوران فى ساقية حياتها. وجدت أن عيد الحب فرصة مثالية لا توجه لكل زوجة وأنصحها ألا تضع مفتاح سعادتها فى يد من حولها فتنتزع هى الفرحة بيدها ولا تنتظر التعبير عن الحب إلا من داخلها هى تجاه نفسها، فإذا عبر لها زوجها وأولادها «خير وبركة» وإذا لم يحدث فهى سيدة الموقف.
وهذه ليست دعوة للأنانية أو تفضيل الذات أو «ترك البيت يضرب يقلب»، على الإطلاق وإنما دعوة لتبنى ثقافة قليل جدا من الزوجات المصريات قد توصلن لها، فوصلن للسلام الداخلى والمصالحة مع النفس بدلا من العصبية وتعليق كل همومهن على من حولهن، فقد تجد إنسانة سعيدة وراضية عن نفسها بغض النظر عما إذا كانت غير جميلة وغنية ومع هذا دائمة الشكوى وتسمع جملا مثل «أنا أفنيت شبابى وسبت شغلى عشانكم»، فى الغالب تكون هذه الشخصية ممن يفرط فى حق نفسه وتطالب الغير بحفظ هذا الحق، لذا فالتوازن مطلوب حتى لا تصبى غضبك على من حولك.. فلا تطالبى من حولك أن يحبوك ويظهروا ذلك أو يعطوك حقوقك قبل أن تظهرى أنت حبك لنفسك وتعطيها حقوقها.
كيف تحبين نفسك طوال السنة؟!
الأمر ليس صعبا ولا حتى مكلفا، فالروشتة سهلة وستجدين نفسك تقومين بنفس الأمور لأجل أفراد أسرتك، فاعتبرى نفسك فردا إضافيا يجب عليك الاهتمام به.
أولا: اهتمى بنفسك: وليس الاهتمام بالنفس مقصورا على الشكل الخارجى وإنما اهتمى بصحتك وغذائك الصحى وممارسة الرياضة، فهى تحسن الحالة المزاجية وتشعرك بالرضا عن نفسك والثقة، وكذلك الذهاب للطبيب إذا مرضت فهو التصرف الطبيعى إذا مرض ابنك ولكن قد تؤجلين مشوارك أنت للطبيب والغريب أنك قد تقصرين فى الذهاب للطبيب عندما تمرضين أو لا تحضرين لنفسك الدواء وفى نفس الوقت تغضبين وتلومين زوجك إذا نسى إحضار الدواء.
ثانيا: لا تقسى على نفسك وعلى من حولك: فلا تلعنى الظروف وتعاملى بإيجابية مع عيوبك، ففى كتاب «كيف تتخلص من تصرفاتك السلبية وتقيم علاقات ناجحة مع الآخرين» ليوسف الأقصرى أعطى بعض النصائح للتعامل والتى يجب أن تؤمنى بها بدلا من توبيخك لنفسك منها:
- تحل بالإيمان واعلم أن الموارد الخارجية لا تصنع حياتك وإنما يصنعها ما بداخلك من قدرات.
- تحمل نتائج أعمالك واعتذر عن أخطائك ولا تظل تلوم نفسك.
- لا تهتم بصغائر الأمور فمفتاح السعادة هو التغاضى ومعرفة أن الحكم بالسوء والجودة ليس مطلقا.
- لا تتذمر فالتذمر لا ينتج عنه إلا الإحساس بالعجز.
ثالثا: اقتطعى وقتا لنفسك وليكن نصف ساعة يوميا تقومين فيها بما تشائين، فلن تؤثر نصف الساعة فى جدول التزاماتك، مارسى أى هواية تجبينها، ارقصى، غنى، اقرئى، ارسمى أو حتى استمتعى بهدوء بكوب شاى أو فنجان قهوة فى كافيه أو فى البيت بمفردك أو دللى نفسك فى بعض الأوقات ولو مرة أسبوعيا أو حتى شهريا، فمشوار خاص بك للكوافير أو السونا أو السينما قد يفرق كثيرا، كذلك فى المناسبات الخاصة بك مثل عيد ميلادك أو زواجك لا تتركى مفتاح سعادتك فى يد غيرك فلا تعتمدى على وجود أحد ليشجعك على مشوار ممتع تودين الذهاب له ولا تنتظرى هدية من أولادك أو زوجك لتفرحى، فرحى أنت نفسك واشترى لنفسك هدية لعيد ميلادك والبسى شيئا جديدا، بل تستطيعين كما تفعلين مع أولادك أن تطبخى صنفا تحبينه أو تصنعى «كيكة» حلوة فى عيد ميلادك وتشترى الورود الحمراء لنفسك فى عيد الحب وأدخلى السرور على قلبك وقلب أسرتك وتذكرى أنك أنت مصدر سعادتك.
رابعا الفضفضة: دراسة نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية شملت 1739 شخصا بينهم 877 من النساء تمت متابعتهن لمدة 10 سنوات لدراسة احتمال إصابتهن بأمراض القلب، فوجد أن الأشخاص المرحين التلقائيين والذين يعبرون عن مشاعرهم بإحاطة أنفسهم بأصدقاء للتعبير عن مشاعرهم أقل بنسبة 22٪ تعرضا لأخطار أمراض القلب والضغط لقدرتهم على التغلب على مشاعر التوتر، فاحرصى على وجود الأصدقاء فى حياتك ولو قل عددهم المهم أن تشعرى معهم بالسعادة والراحة وبأنك على طبيعتك.
خامسا: لا تضعى حدا لأحلامك أو قدراتك ولا تفقدى الأمل: يمكنك فى أى سن أن تفتحى صفحة جديدة وتحققى ما رغبت فيه دوما، ففى حديث لأوبرا وينفرى قالت: أعظم اكتشافات هذا القرن هو معرفتنا بأن الإنسان يستطيع تغيير مستقبله بمجرد تغيير معتقداته، فإذا آمن الشخص بنفسه فى أى وقت ورغب فى تحقيقه واعتقد فى ذلك سيستطيع تحقيقه لا محالة. وفى كتاب «الكنز» لماجدة المفتى تقول: الكاتب الهندى ديباك شوبرا يؤكد أن كل إنسان خلق وله موهبة خاصة تميزه حتى ولو لم تكن شديدة الأهمية وعلى كل إنسان اكتشافها فى أى وقت ليتناغم مع الطبيعة. وكتبت: «لكل إنسان خزانة يختار ما يملؤها به» لذا فعليك اختيار ما يملأ خزانتك إما أمل، حب، سعادة أو العكس، لذا ففى الفترة التى تسمى مثلا بسن اليأس قد تكون خفت التزاماتك نحو أولادك وأصبح عندك فائض من الوقت، فيمكنك دراسة أى شىء كنت تتمنين دراسته وتثقفين نفسك فى أى مجال أو أخذ كورسات مثلا كنت تريدين أخذها ولم يتسن لك ذلك واجعلى ذلك هديتك لنفسك. سادسا: ابحثى عن السعادة فى كل وقت وليس فى المناسبات فقط: وهى فى رأيى تكون بالرضا عن كل ما حولك مهما كانت المشاكل والرضا وحب نفسك مهما كان بك من عيوب.. الدكتورة نيرمين البسيونى دكتورة تنمية المهارات والسلوكيات عندما سألتها عن السعادة التى يمكن أن نحققها لأنفسنا قالت: السعادة هى فى صفاء النفوس وفى الحب والنجاح والأمل فى الغد مهما واجهنا من صعاب فى الحياة. ولا توجد سعادة أو راحة مطلقة فى هذه الدنيا والإنسان بطبيعته يميل إلى المطلق ويسعى بالطبع إلى امتلاك كل ما يريده كى يحصل على سعادته المنشودة ولكن لا وجود للمطلق فى هذه الدنيا والسعادة فى عمل شىء نحبه أو هدف نسعى إليه والسعادة نجدها فيما نبحث عنه دائما، فالسعادة فى منظورنا تكمن فيما نبحث عنه، وليس فيما حصلنا عليها ونملكه بين أيدينا بالفعل، فالسعادة دائما نراها فيما لا نملكه فى حياتنا. والسعادة مصدرها القلب لأنها شعور خاص بالإنسان وحده لا يشاركه فيه أحد فلا سعادة بدون قلب مطمئن وساكن ولا يوجد قلب مطمئن بدون إيمان، والإيمان والرضا بما قسمه الله لنا هما مدخلنا للسعادة. فالسعادة هى أن تكون راضيا عن الحياة بصرف النظر عما تواجهه بها، فقط عليك أن تحاول أن تغير ما بها من صعاب وإن استطعت فقد تزيد سعادتك وعليك برفقة أحبائك فهى أكبر سعادة فى الدنيا أراها والسعادة تحيا وتموت أحيانا، فإن ماتت فى جهة ابحث عنها فى جهة أخرى قد تجدها حية وموجودة. فالرضا والقناعة نفسهما سعادة وبدلا من الالتفات إلى ما حرمنا منه فى الدنيا علينا أن نلتفت إلى ما أعطانا الله إياه وبالتأكيد سنجده كثيرا جدا يفوق ما حرمنا منه. وفى الحديث النبوى يقول عليه الصلاة والسلام: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إذا أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن». سابعا: ابتسمى دائما فالابتسامة لها مفعول السحر ليس على من حولك فقط وإنما عليك أنت، ففى كتاب شريف عرفة، لماذا من حولك أغبياء؟! كتب أنه قد أثبتت الدراسات الحديثة أن رسم البسمة حتى دون الشعور بالسعادة يبرمج العقل والجسد على تحسن الحالة المزاجية. وأخيرا علينا ألا ننتظر السعادة، بل علينا أن نرحل معها إلى أى مكان تتوجه إليه وبذلك نستطيع أن نكون سعداء فى كل الأوقات.