حصول الفنان التشكيلى سميرالجندى على جائزة الدولة للتفوق جعلنى أستعيد جماليات فن الخزف الإسلامى الذى وهب الفنان الكبير عمره له وللعمل على نشره سواء فى صورة أعمال متحفية أو فى صورة مقتنيات بسيطة يستطيع أن يشتريها المواطن العادى وتأخذ مكانها فى بيوتنا فنستعيد تذوق هذا الفن الأصيل وهو الدور الذى نجح فيه الفنان سمير الجندى تلميذ الراحل الكبير «سعيد الصدر» رائد فن الخزف، بعد رحلة متواصلة من عشق الخزف بدأها منذ تخرجه فى قسم الخزف بكلية الفنون التطبيقية، وإشرافه على أقسام الخزف بوكالة الغورى مما أتاح له فرصة التفاعل أكثر مع جماليات هذا الفن المبهر من خلال تعامله مع القطع القديمة التى تحتاج إلى ترميم، ثم تفاعله مع القديم وتطويره والحرص على تواصل إنتاج الجديد المعبر عن روح التراث ممزوجا بلمساته الخاصة.
وإذا كان من يشاهد الخزف الإسلامى المعروض بمتحف الفن الإسلامى يجد نفسه مستمتعا بجماليات هذا الفن العريق، ومتمنيا اقتناء قطع فنية مستوحاة من هذا التراث العظيم، فإن من يدخل أتيليه وورشة الفنان سمير الجندى يشعر بأن الجمال لا يقتصر على رؤية جماليات الفن العريق وقد عادت تنطق من جديد كتحف فى طريقها لتضيف لمسات جمالية إلى الأماكن التى ستستقر بها سواء عند اقتنائها فى بيوت أو سفارات أو وزارات، وإنما هناك متعة أخرى يتمتع بها الزائر لهذا المكان النابض بالحياة وهو مشاهدة رحلة القطعة الفنية منذ هى تراب مثلما نحن مخلوقون من تراب، إلى أن نرى أيدى صبية صغار يساهمون فى نقل التراب بعد أن تم خلطه بالمياه فصار طينا طريا إنما بلا شكل، ثم إذا بمعالم رحلة التشكيل تبدأ فى الوضوح بمجرد وضع قطعة من الطين فوق ما هو معروف بدولاب العمل، حيث بدايات تحويل الطين الأصم إلى عالم من الجمال يتحقق عبر دقة لمسات قدم الصانع الماهر التى تحرك «الدولاب» وفوقه الطين، فى اللحظة نفسها التى تمر بانسيابية لمسات أصابع يديه فوق الطين ليحيله ببراعة تبدو من شدة إتقانها وكأنها حركة فطرية ونغمة تنبعث من بين أصابعه فيستجيب لها الطين برضوخ وصولا إلى الشكل المطلوب.
بعدها يأتى مشهد الأيدى التى تنقل ما قام الصانع بتشكيله من فخار ليتم وضعه مرصوصا إلى أن يجف، ثم يدخل فرن الحرق ليخرج صلبا إلى أن ترى أنامل لفنانين من مختلف الأعمار يقومون بتحويل هذا الطين المحروق إلى قطع فنية ناطقة بالزهور أو الطيور أو مختلف تشكيلات الفن الإسلامى الجميل.
هذه المراحل المختلفة والمحافظة على هذا الفن الأصيل وتعليمه لأجيال جديدة صاعدة هو المهمة الرائعة التى يواصل الإنجاز فيها الفنان التشكيلى الكبير سمير الجندى، فى صحبة رحلة من المعارض الفنية التى أقامها أو شارك فيها داخل مصر وخارجها فى دول عديدة عبر العالم مثل كندا وألمانيا وسويسرا - هولندا - فرنسا - إيطاليا - أمريكا - اليابانروما- العراق - الإمارات - البحرين. ترتب على هذه المعارض حول العالم اقتناء الكثير من الأفراد لأعماله فى تلك الدول كأن أعماله تقوم بدور المتحف المتنقل أو بدور السفير لهذا الفن الأصيل، بالإضافة للمقتنيات الرسمية للعديد من أعماله فى رئاسة الجمهورية، وفى العديد من الوزارات المصرية والسفارات الأجنبية والمتاحف معلنة عن استمرار الحياة لهذا الفن العريق، واستمرار التفاعل مع جمالياته على مر السنين.