المواهب الفزة لم يعد لها مكان ظاهر.. الكرة الجماعية هى الأساس، كل الفريق نجوم.. الاستثناءات فى المواهب أصبحت محدودة جدا، ولم تعد تفرق فى الأداء الجماعى لأى فريق الذى هو فعلا الطابع المميز للكرة الحديثة.
وربما لم تشد البطولة الأوروبية الجمهور المصرى حتى الآن، لعدة أسباب لعل أهمها انشغال هذا الجمهور هذه الأيام بهمومه السياسية التى تحدد مصير بلد بأكمله لعدة سنوات مقبلة.
الوضع أكثر إثارة فى الشارع المصرى والمواطن مهموم بتدبير أمور حياته اليومية التى تزداد صعوبة يوما بعد يوم، ومهموم بتدبير مواقفه السياسية التى تزداد تعقيدا أسبوعاً بعد آخر.. مفاجآت الشارع السياسى فى مصر أصبحت فعلا أكثر إثارة من المفاجآت الكروية، هو يتابع ما يدور فى مصر من خلال برامج تليفزيونية تزيدها سخونة وتعقيدا وربما تزيدها غموضا أكثر مما توضحها.
برامج متعددة، واتجاهات متشعبة، لكن أكثر ما يميزها أنها عجينة واحدة تتشكل بأكثر من شكل لكن أكثر ما يفقدها حيويتها أيضا التكرار، والتكرار هنا نابع من نفس الوجوه التى تتحدث فى كل البرامج ابتداء من الصباح وحتى آخر الليل!
حيوية الشارع السياسى، وربما تكون أكثر تفاعلا مع الأحداث من هذه البرامج، وهذه الحيوية أيضا انعكست على الاهتمامات الكروية للمشاهد المصرى. سافر فريق مصر يصارع فى بطولة كأس العالم وفاز خارج أرضه فى وضعية جديدة، عليه ولم يترك هذا الانتصار رد الفعل الإيجابى المتوقع.
وكان الانتصار باهتا على عكس ما كنا نشاهد من قبل، عندما كانت الكرة هى الملهاة الحقيقية للشعب الملتاع الباحث عن أى بسمة فى أزماته المتعاقبة.
لم يعد هذا المواطن مهتما بعودة الدورى كما كان من قبل، لم يعد مهتما بالبرامج الرياضية التى كانت تحيطنا من كل جانب صباحا ومساء، وحل الاهتمام بالسياسة ورجالها، وبرامج الرؤساء ومشاريعهم هى أساس الاهتمامات الآن!
وحتى تستمر الأوضاع على لاعبى الكرة والنقاد، والصحافة الرياضية أن تبحث لنفسها عن أدوار أخرى، صحيح أن بعضهم أقحم نفسه فى السياسة عن عمد أو غيره، إلا أن هذا الاهتمام لم يترك تأثيره على المتابع، بل ربما أثار حفيظة البعض، ونال بعض مقدمى البرامج النقد أكثر من المدح!
أيام مصر الآن مفعمة بالأحداث، والاهتمام بالكرة وهمومها يتراجع إلى أدنى مستوى، فى وقت تتصارع فيه
الآراء والأهواء من أجل حلم أن ترسى مصر إلى بر الأمان الذى باتت تحلم به وتعيش على آمال الوصول إلى هذا المشروع ليعيدها إلى خريطة المكان الذى تستحقه فعلا!