صحة الرئيس ليست سرا حربيا !! فنحن لا نريد «فرعونا» يعتلى عرش مصر، ولا «طاغية» مريضا بكرسى السلطة، ولا نريد رئيسا «منغلقا عقليا» يتوهم أنه الدولة وأنه المجد !! لا نريد «إلها» ولا نصف إله ولا حتى ربع إله يحكمنا !! لكل هذا يجب أن يتمتع رئيس مصر بصحة جيدة جسديا ونفسيا وعقليا لأنه يقود أمة.. فما هى أسرار وخبايا «الملف الصحى» للمرشحين للرئاسة ؟!
عندما يتقدم المواطن العادى لوظيفة بأى جهاز حكومى يطلبون منه ضمن أوراق التعيين أن يخضع لفحص طبى شامل يتم بعده تحديد مدى صلاحيته لشغل الوظيفة أم لا ؟! والذى يتضمن التحاليل الطبية والسكر والضغط ووظائف الكلى والكبد وفيروس «سى» ورسم القلب بالمجهود وعيون وأذن وصدر وغير ذلك، وهو ما ينص عليه قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم «74» المادة «20» لسنة 1987، والذى يشترط فيمن يشغل إحدى وظائف الدولة أن يثبت لياقته الصحية، والمتأمل للمشهد الذى نراه الآن يتعجب جدا فكيف مثلا لمن يتقدم لاستخراج رخصة قيادة سيارة يخضع للفحص الطبى، بينما رئيس مصر القادم الذى يقود شعبا أكثر من «90مليون إنسان» ويقود أمة عظمية وكبيرة، للأسف الشديد وحتى كتابة هذه السطور لا نعرف أى شىء عن «الملف الصحى» للمرشحين لرئاسة مصر بعد إعلان القائمة النهائية بأسمائهم.. أليس ذلك عجيبا ؟!
أمراض المسنين !!
المحزن جدا أن رئيس مصر القادم سوف يتسلم وطنا منهاراً أمنيا واقتصاديا وعلميا وكل شىء، وهو ما يتطلب منه مجهودا مضنيا وخارقا لإعادة هيبة مصر، فهو يمثل بلده فى المحافل الدولية، يتحمل مسئولية قرارات مصيرية، أعباؤه تتطلب يقظة وانتباها وصحة أكثر من جيدة وحيوية دائما، تساعده على العبور بمصر إلى بر الأمان والنهضة والتقدم، ولكن رغم أهمية كل هذا فإن المثير للذهول أن أعمار بعض المرشحين للرئاسة تتراوح بين 71، 72، وحتى 76سنة !! والقليل جدا جدا منهم أقل من «60 سنة» !! هذا فى الوقت الذى تؤكد فيه كل المنظمات الصحية العالمية والهيئات الطبية الدولية أن «المسن» هو ذلك الشخص الذى تعدى الستين من عمره، ومع التقدم فى السن يعترى كبار السن تغيرات كثيرة فى الجسم من الناحية الفسيولوجية مثل ضعف الإبصار والسمع وقلة الحركة وضعف كفاءة الكلى والرئتين، وعادة ما يصاب المسن بعدة أمراض وليس مرضا واحدا، ولذلك فهو يستهلك ما بين 5 إلى 7 أدوية.
معروف طبيا أن هناك أمراضاً كثيرة شائعة بين المسنين أخطرها «شيخوخة المخ»، فمع التقدم فى العمر تحدث تغيرات فى هيكل وشكل المخ، وضمور بعض الخلايا، وفقدان الاتصال بين الخلايا العصبية.
كما تتعرض الأوعية الدموية التى تمد المخ بالدم لتصلب الشرايين مما يجعلها عرضة للانسداد أو نزيف المخ مع ما يسببه من إعاقات، وأسباب تصلب شرايين المخ هى زيادة الدهون فى الدم، وتليف وقلة مرونة الأوعية الدموية، مرض السكر، التدخين، أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وكلها أمراض كثيرا ما تصيب المسنين، وأيضا «السكتة الدماغية» وهى جلطة أو نزيف بالمخ، والشلل الرعاش «مرض باركنسون»، والخرف «العته» وهو إحدى المشكلات الشائعة بين المسنين وخاصة خلل الذاكرة، والزهايمر، والاكتئاب وهو من الأمراض النفسية الملازمة لتغيرات السلوك التى تحدث بكثرة فى المسنين.
أمراض القلب وضغط الدم والسكر
يصاب كبار السن الذين تخطوا سن الستين بالكثير من أمراض الشيخوخة منها أمراض القلب مثل السكتة القلبية، جلطة بالقلب، تذبذب أذينى، أمراض صمامات القلب أو الصمام الصناعى، تضخم فى عضلة القلب، ارتفاع ضغط الدم ومضاعفاته على شبكية العين وخلل وظائف الكلى وربما فشل كلوى، فمع التقدم فى السن يقل حجم الكليتين ويصاحب ذلك قلة الدم الواصل إليهما وتقل قدرتهما على التخلص من المواد الضارة وسموم الجسم، كما تطرأ على «الكبد» الكثير من التغيرات، حيث تقل قدرة الكبد على تكوين عوامل التجلط، وتصنيع الألبومين وتصنيع الأنزيمات الخاصة بالتخلص من السموم، كما تقل كمية الدم المغذى للكبد، ومع التقدم فى السن تحدث تغيرات فى «الرئتين» حيث تقل مرونة الرئتين ويقل السطح الداخلى للحويصلات الهوائية مما قد يؤدى إلى انسداد الشعب الهوائية، ويحدث ما يعرف بانتفاخ الرئتين، وحتى «القفص الصدرى» عند المسنين يتغير فتضعف عضلات التنفس، ويتيبس القفص الصدرى، وتزيد معدلات توقف التنفس أثناء النوم.
ليس هذا فقط بل إن الكثير من كبار السن الذين لديهم الاستعداد يصابون «بمرض السكر»، ويعانى المسنون من متاعب كثيرة مع مرض السكر، حيث تزيد نسبة السكر فى الدم ومع تراكمها بأجهزة الجسم المختلفة تحدث مضاعفات شديدة فى الأوعية الدموية وفى القلب والمخ والجهاز العصبى والكلى والعين والأطراف، أما «ضعف السمع» فهو ثالث مرض مزمن يصيب المسنين بعد ارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل، ويزداد ضعف السمع مع التقدم فى العمر ويصيب 25٪ من المسنين بين 65-47 عاما تزداد إلى 04٪ من المسنين أكبر من 75 عاما، وهناك علاقة بين ضعف السمع والخلل فى الوظائف المعرفية للمخ، أما «التهاب المفاصل» فهو أحد الأمراض الشائعة والمنتشرة جدا بين المسنين، وهو يأخذ أشكالاَ مختلفة مثل الروماتويد المفصلى، والالتهاب العظمى المفصلى، وغير ذلك مما يعيق حركة كبار السن، وهناك «هشاشة العظام» والتى وصلت معدلاتها فى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى حد الوباء، حيث بلغ عدد المصابين بها ما يزيد على «25 مليونا»، ويتعرض «مليون ونصف المليون» للإصابة بالكسور سنويا، و«أمراض العيون» تحدث بكثرة فى المسنين، حيث يصاحب التقدم فى السن عادة ارتفاع فى نسبة فقد الإبصار ويعانى 25٪ من المسنين مشاكل عديدة فى الإبصار تفقدهم القدرة على القيام بأنشطة حياتهم اليومية، وغير ذلك الكثير من الأمراض التى تصيب كبار السن ومن تخطوا سن الستين
وماذا بعد ؟!
السؤال المهم الآن : هل مصر بعد ثورة 25 يناير العظيمة تحتاج إلى رئيس مسن ؟! إن من المهم جدا قبل أن ننتخب رئيس مصر القادم أن ندرس كل تفاصيل «الملف الطبى» نفسيا وجسديا منذ الطفولة وحتى لحظة ترشيح نفسه لرئاسة الدولة حتى لا يترك الحبل على الغارب لأى عابر سبيل !!
ولتكن البداية بدراسة «شخصية الرئيس» دراسة دقيقة وفاحصة، لأن الشخصية هى «الكيان النفسى» للإنسان التى تحدد ملامحه النفسية؟
ومن هو ؟ وما هى صفاته ؟ وكيف يتصرف فى المواقف المختلفة ؟ وكيف يتعامل مع الآخرين ؟ لأنه إذا كان هذا «الكيان» مريضا ويعانى من اضطرابات نفسية فسوف يكون ذلك وبالا على الشعب وعلى الدولة، باختصار شديد نريد «مواطنا» من طينة هذا الشعب، لا نريد «فرعونا» يعتلى عرش مصر، ولا نريد «طاغية» مريضا بكرسى السلطة، ولا نريد «نيرون» يحرق مصر، ولا نريد «هتلر» يحكم البلد بالحديد والنار، ولا نريد «ستالين» ولا أى رئيس فولاذى يقهرنا !! نريد «إنسانا طبيعيا» يحبنا ونحبه ليرأس هذه الدولة العظيمة.