ماإن وصل مؤخرا الشيخ رائد صلاح شيخ الأقصى إلى وطنه فى الأراضى الفلسطينية التى احتلتها إسرائيل عام 1948، عائدا منتصرا على اتهام الصهاينة له فى لندن بالإرهاب ومعاداة السامية، وما أن صرح للصحفيين فى المطار قائلا : « ذهبت إلى بريطانيا حاملا الهم الفلسطينى، وعدت مشتاقا للقدس»، حتى تم استدعاؤه من الشرطة الإسرائيلية واقتياده إلى مركز شرطة المطار، حيث تم تسليمه أمرا عسكريا بأنه ممنوع من دخول القدس .
إنه العقاب الذى سبق أن تعرض له كثيرا، حيث قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلى عدة مرات بإصدار قرارات تمنع دخوله القدس بذريعة المحافظة على الأمن، وكانت كلما تنتهى مدة شهور المنع المحددة ضده يعودون فيصدرون قرارا عسكريا جديدا بموجب قانون الطوارئ بتجديد إبعاده عن المدينة المقدسة، كما اعتادت إسرائيل التنويع فى وسائل محاولاتها لقمعه ومنعه من التصدى لمخططاتهم ضد المسجد الأقصى ومدينة القدس، حيث تعرض للسجن وللاعتقال عدة مرات، كما تعرض أيضا لمحاولات لاغتياله بالإضافة إلى التهديد بسحب المواطنة منه، أما مطاردته خارج الوطن فهو التطور الجديد الذى مارسته إسرائيل ضده مؤخرا مع الاستعانة بقوى الضغط أو اللوبى الصهيونى فى الخارج، لكن أذن الله سبحانه أن ينصره عليهم، وأن يحقق إنجازا قضائيا غير مسبوق ضد الصهاينة باعتراف الصحف البريطانية، لكن لم يلق هذا الإنجاز التغطية الإعلامية الكافية فى مصر مع تزاحم الأحداث المحلية .
الحكاية بدأت حين سافر فى يونيو الماضى الشيخ رائد صلاح من مقر إقامته بمدينة « أم الفحم» فى فلسطينالمحتلة عام 1948 من أجل إلقاء محاضرة فى مجلس العموم البريطانى تحمل رسالة حضارية يخاطب من خلالها نخبة المجتمع البريطانى ومن خلال هذه النخبة يخاطب المجتمع البريطانى برمته حول قضية القدس وأوضاع الفلسطينيين، فإذا به يتعرض للاعتقال وقرار من وزير الداخلية البريطانية بترحيله من لندن قبل يوم واحد من موعد المحاضرة، وذلك بناء على طلب منظمة صهيونية فى بريطانيا تحمل اسم «منظمة أمن المجتمع» طالبت بمنعه من دخول البرلمان ومنعه من إكمال نشاطاته التى كان قد تم إعدادها قبل صوله وطالبت بترحيله، حيث فوجئ بقوات من الشرطة البريطانية تدخل غرفته فى الفندق ومعها قرار باعتقاله تمهيدا لترحيله، فإذا بالشيخ رائد صلاح لا يستسلم للترحيل وإنما قام بالطعن على القرار وأسبابه، على الرغم من أن هذا الطعن يترتب عليه أنه بدلا من أن يعود إلى وطنه وأهله، فإن عليه أن يظل فى السجن لحين البت فى الطعن، وبالفعل تم نقله من سجن المطار إلى سجن آخر، إلى أن قبلت المحكمة بأن يخرج من السجن بكفالة، على أن يبقى تحت شروط، منها عدم التحدث للإعلام أو فى مكان عام، ومنها عدم الخروج من البيت إلا ما بين التاسعة صباحا والسادسة مساء، مع الذهاب يوميا إلى قسم الشرطة فى الساعة الثانية عشرة ظهرا للتوقيع .
يضاف إلى هذا وضع جهاز مراقبة عليه فى البيت، وأيضا وضع حلقة حول قدمه للمراقبة، وهو الأمر الذى يظل يتحمله لمدة حوالى ال 10 شهور، إلى أن ربح القضية التى علقت عليها العديد من وسائل الإعلام فى بريطانيا بأنها أول انتصار لإنسان تلصق به تهمة معاداة السامية، وهو ما قالته أيضا البارونة « وجنى تونغ» فى كلمتها خلال الاحتفال الذى أقامته الجالية المسلمة فى المنتدى الفلسطينى للشيخ رائد صلاح قبل عودته إلى فلسطين، التى استقبلته سلطات الاحتلال الإسرائيلى فيها بقرار جديد يقضى بمنعه من دخول القدس، بما يعنى ذلك حرمانه من زيارته المسجد الأقصى، فإذا بالشيخ رائد صلاح يتحدى وهو يعلق على هذا القرار قائلا : « ستبقى القدس فى قلبى، وسيخترق حبها كل الحواجز».
ومن خلفك يا شيخ الأقصى ويا فارس القدس نردد : « وستبقى القدس فى قلوبنا جميعا يا شيخنا الجليل، وسنتخطى من أجل حبها كل الحواجز بإذن الله»