تلال من النفايات والسلع الرديئة تحاصرنا فى كل مكان بلا رقيب فى ظل غيبوبة الأجهزة الرقابية، وغياب معايير الجودة والصحة، والمستوردون يأتون بالنفايات فى كل صوب من أجل أرباح فلكية، ولو على جثة المواطن المصرى الذى يعيش محاصراً بالسلع المجهولة والرديئة فى كل مكان وانتقلت الظاهرة من الأرصفة والشوارع والمحلات خاصة المحلات التى تحمل ب «2.5» والتى يباع فيها كل شىء ب2 جنيه ونصف، ومستحضرات تجميل، إكسسوارات حريمى، لعب أطفال، وغيرها مصنعة بمواد مجهولة تحمل بداخلها أمراضاً مسرطنة وأمراضاً للكلى والكبد.. كل هذا والقانون والأجهزة الرقابية فى إجازة !! امتلأت الشوارع بالعديد من المحلات التى يطلق عليها «محلات 2.5» فأصبح فى كل حارة وزقاق محل من هذه المحلات، خاصة أنها دائما ما تحمل شعار «الكل موجود من الإبرة للصاروخ»، فكعادتها «صباح الخير» فى قلب الشارع لترصد هذه الظاهرة التى تؤثر بشكل سلبى على السوق المصرية، فالبداية كانت فى أحد المحلات فى منطقة القصر العينى فوجدنا حقا مدى الكميات الهائلة من السلع سواء ضرورية أو ثانوية وأيضا مدى تهافت المواطنين مع اختلاف مستواهم الاجتماعى على جميع هذه السلع مهما كانت جودتها، والملاحظ مدى النظام الذى تتميز به هذه المحلات فكل ركن به سلع معينة بدءا من الركن الخاص بالسلع المنزلية التى نجدها تباع فى هذه المحلات بأسعار منخفضة للغاية فى الوقت ذاته نجدها تباع فى المحلات الأصلية بأسعار باهظة فعلى سبيل المثال وجدنا السلع المستخدمة فى الطهى لا يتعدى سعرها عن 01 جنيهات فى المقابل أنها تباع فى المحلات الأصلية بأسعار غالية تصل أحيانا إلى مئات الجنيهات، وأيضا وجدنا السلع المستخدمة فى الشراب والطعام مثل الأكواب والأطباق تباع بالفرت بحيث لا يتعدى سعر الطبق أو الكوب من 5,2 إلى 5 جنيهات، أما عن مستحضرات التجميل فحدث ولا حرج ففى هذا الركن وجدنا كل ما لذ وطاب فمثلا كريم الأساس الذى يباع بمئات الجنيهات فى الشركات المتخصصة يباع هنا ب 2.5 وبودرة التفتيح تباع من 15 جنيها إلى 25 جنيها بالإضافة إلى أقلام الروج مختلفة الأشكال والماركات والتى أصبحت أسعارها فى متناول الجميع بحيث بلغت ال 3 جنيهات إلى 5 جنيها وأيضا الأدوات المستخدمة فى تنظيف البشرة والوجه والجسم لا يتعدى سعرها عن 7.5 جنيه، أما فى ركن العطور الذى تنسى كل شىء أمام الأسعار التى تحطم أسعار العطور الباهظة فنجد حتى المكتوب عليها انها عطور مركبة يتهافت عليها الناس، لأن ثمنها ضئيل للغاية بالمقارنة بأسعار العطور فى المحلات الأخرى.
أما فى محل آخر أمام محطة سعد زغلول فكان النصيب من هذه السلع أكبر بكثير فوجدنا ركنا خاصا بلعب الأطفال الموحدة السعر فجميعها ب 2.5 مهما كان حجمها أو مدى وظيفتها فى تعليم مهارات الأطفال، وأثناء جولتنا داخل المحل لاحظنا أيضا كتب تنمية مهارات الأطفال فى السنوات الأولى من عمر الأطفال وأيضا تباع ب 2.5 فقط يا بلاش بالإضافة إلى الركن الخاص بجميع الملابس الخاصة بالنساء والتى يصل أسعارها من 2.5 إلى 10 جنيهات وغيرها من السلع المجهولة المصدر التى تحمل العديد من الشبهات.
وفى هذا الإطار أكدت دراسة صادرة عن المجلس التصديرى للصناعات الغذائية أن حجم إنتاج السلع المغشوشة وسلع بير السلم وصل إلى 021 مليار جنيه مقارنة بالأعوام السابقة فى المقابل أن حجم إنتاج السلع الرسمية بلغ نحو 02 مليار جنيه فقط مقارنة أيضا بالأعوام السابقة مما أدى إلى انخفاض صادرات المنتجات المصرية فى الأسواق الخارجية بعد أن بلغ حجم إنتاجها إلى 9 مليارات جنيه.
وأشارت الدراسة إلى مدى تحرك الإدارة العامة لمباحث التموين والتجارة الداخلية فى ضبط أكثر من 5451 قضية من السلع المهربة والمجهولة المصدر والتى كان من المقرر توزيعها على محلات «2.5» والأرصفة مما جعل الإدارة تتحرك فى غلق أكثر من 88 محلا من هذه المحلات فى محافظات مختلفة.
∎ الجملة
فى هذا الإطار أكد محمود عبدالله - 30 سنة - أحد العاملين فى محل 2.5 أنه لا يعلم مصدر هذه السلع وليس لديه أى معلومات عن أنها مجهولة المصدر أو أنها مغشوشة ولكن المحل لا يتعامل إلا مع تجار الجملة فقط الذين يوردون للمحل هذه السلع وعند توريد هذه السلع لا يهمنا سوى أنها مكتوب عليها «صنع فى الصين» وقال عبدالله إن هذه المحلات لا تبيع سلع! مغشوشة والدليل على ذلك أنه لم يأت شكوى من هذه المنتجات فضلا عن أنها فرصة للخروج من أزمة البطالة. ويقول أحمد إبراهيم - 53 سنة - صاحب أحد المحلات إن هذه التجارة مثلها مثل الأنشطة التجارية الأخرى التى يغلبها طابع مافيا التجار والمحتكرين، المعرفين لدينا بحيث يتم الاتفاق على حجم الصفقة وحجم الأموال التى تنفق عليها ودائما ما يؤكدون لنا إنها سلع سليمة وتخضع للرقابة.. وعن أسعارها المنخفضة يؤكد أحمد أن أسعارها المنخفضة نتيجة أنها صناعة صينية.
∎ المخاطر !!
ومن جانبه يرى الدكتور سمير القط استشارى أمراض جلدية وتناسلية بجامعة القاهرة أن انتشار هذه المحلات وبداخلها هذه السلع المغشوشة يمثل خطورة بالغة على صحة الإنسان، وأكد د. القط أن الأمر يحمل العديد من المحاور لعل أبرزها مستحضرات التجميل التى تباع بأسعار منخفضة فى هذه المحلات مما يؤدى إلى أمراض عديدة لعل أهمها مرض سرطان الجلد بسبب المنتجات التى تستخدم فى تفتيح البشرة وتنظيف الوجه مما يؤدى فى أغلب الأحيان إلى ظهور حب الشباب واحمرار الوجه لأن البشرة والوجه من أكثر المناطق الحساسة فى جسم الإنسان لذلك فهى أكثر عرضة للمشاكل والأمراض، أما عن لعب الأطفال فيدخل فى تركيبها نسبة عالية من مادة الرصاص السامة ولا ننسى دهانات الألوان الضارة لأنها قليلة الجودة والتى تستخدم فى طلاء هذه اللعب لجذب أكبر عدد من الأطفال وبالإضافة إلى المادة البلاستيكية البالغة الضرر التى تستخدم فى التحكم فى حركة لعب الأطفال لأنها تتميز بصفة المرونة التى تساعد على صنع العديد من الأشكال المختلفة للألعاب لذلك نجد شكل المسدس والدمية وغيرهما من الألعاب.
وأشار د. القط إلى أدوات الطهى أيضا التى تباع فى هذه المحلات والتى يدخل فى تركيبها مادة الألمونيوم القلية الجودة والكفاءة مما يترتب عليها أضرار فعلى سبيل المثال تؤدى إلى الأمراض المتعلقة بالكبد والكلى خاصة أن هذه الأدوات مجرد تجميع من فضلات الأوعية السلمية مهما يتسبب فى أمراض جديدة على صحة الإنسان وضعف المناعة لدى الأطفال لذلك لابد توقف نزيف المواطنين بسبب هذه السلع المغشوشة.
∎ «الإغراق»!!
ومن جانبه يشير سامح مصطفى زكى عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية وعضو مجلس إدارة شعبة المستوردين إلى أن انتشار هذه السلع والمحلات أكبر دليل على غياب الرقابة واستغلال الظروف التى يمر بها المواطن البسيط فى ظل الانتشار المبالغ فيه لهذه السلع مع تهافت المواطنين على السلع الرخيصة مما نتج عنه زيادة القدرة الشرائية ومعدلات الطلب على هذه السلع والمحلات، خاصة أن السوق المصرية يغلب عليها طابع السعر وليس الجودة مما زاد فرص الاستيراد العشوائى التى تعمل على إغراق السوق بهذه السلع المجهولة المصدر مما أثر على الصناعة الرسمية، وانخفضت معدلات الاستيراد بسبب هذه المصانع «بير السلم».
وأضاف سامح أن عدم فرض ضوابط على هذه السلع والمحلات يؤدى إلى نزيف متواصل من الخسائر لكبرى الشركات والمصانع لأن مصانع بير السلم تتهرب من الضرائب والمستحقات المطلوبة من السجل التجارى، لذلك لابد من وضع معايير وتشجيع الصناعة المصرية الرسمية وليس صناعة المنتجات المغشوشة.
إن هذه السلع والمحلات المجهولة المصدر تسبب خسائر فادحة للاقتصاد المصرى، حيث تشير إحصائيات البنك المركزى إلى أن فاتورة الاستيراد السلعى بلغت 49 مليار دولار، وارتفاع قيمة السلع الاستهلاكية إلى 28٪ فى المقابل انخفضت واردات المواد الخام إلى 14٪ والسلع الرسمية 2.3٪ مما يؤثر على الاقتصاد المصرى، وأيضا يؤثر على حجم الاستيراد للسلع المصرية فى الأسواق الخارجية.