تقبلت وقررت المساهمة في اتجاهات عديدة لم أكن أتصور أني سوف أتقبلها أو أساهم فيها عندما كان عمري 21 سنة. علي الرغم من ذلك كان مفهوم الدولة العلمانية كما يتداوله كثير من المثقفين في مصر والذين لم أشعر أبدًا بالانتماء إليهم بحكم حياتي خارج مصر وطريقتي في الحياة التي لم يكن بها أي شيء نمطي ولا حتي الثقافة أقول كان مفهوم الدولة العلمانية مفهوما لم أستطع استساغته. نعم معظم المثقفين في العالم الإسلامي والعربي أصدقاء أحترمهم أكبر احترام ولكن لقد هربت من أوروبا لكي أعيش في جو مصري شرقي له نكهة من الإيمان وخوف الله وهو الجو العام الذي نشأت فيه ولما حرمت منه في حياتي الطويلة في أوروبا عرفت قيمته.. طبعًا وجودي في المملكة العربية السعودية كان تعويضًا عن فترة طويلة من الحرمان من القيم الروحانية الشرقية لذلك كنت لا أستمع لأي حديث يتطرق إلي دولة علمانية. مع الوقت تفهمت حكمة الدولة المصرية وقررت أن أكون أحد جنودها، الحكمة ملخصها غاية في البساطة: مجتمع مدني نعم ولكن لا أريد أي مساس بدين الدولة أو الأسس الأساسية التي أقبلها بالسليقة وبدون أدني تردد، ويقبله كذلك جميع إخوتي وأصدقائي وأحبابي من المسلمين ومن غير المسلمين بما في ذلك صاحب القداسة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية المصري الأصيل البابا شنودة حفظه الله. الذي حدث في الإسكندرية ومعرفتي بالحسد الدفين الذي يشعر به حاسدون معروفون لي وعلي مستوي الدول لمصر وأمان وتلاحم أهل مصر أقول الذي حدث في الإسكندرية ويؤخذ في الاعتبار أنه تكرار لحوادث مشابهة وإن لم تكن بهذه البشاعة لابد أن أعيد النظر وحتي لو كانت هناك حاجة لدولة علمانية وهو أبغض الحلال لي فيجب علي كرجل علمي أن أعيد النظر. كنت في أشد حالات الانزعاج وأنا في الغربة في لندن وأسمع هذه الأخبار ولذلك حاولت الاتصال بأحبابي مثل الدكتور حماد عبدالله حماد وأخي الحبيب إليكس شلبي وصديقي الحميم محسن بدوي المثقف الوطني المصري الرائع وأخيرًا ضمير الأدب وعبقري مصر جمال الغيطاني. الآراء اختلفت بعدد الأشخاص ولكن الإجماع الذي أضم له صوتي المتواضع هو أن المسلم والمسيحي راح ضحية في هذه الجريمة البشعة. الإجماع هو أن الدولة سوف تسير بنفس التصميم والقوة علي حماية مصر كما أوضح السيد الرئيس محمد حسني مبارك في خطبة رأيتها له في لندن وتأثرت بشدة من تأثره الواضح في صوته ووجهه فزاد الكيل كيلين. اتفقنا جميعًا أن الحل هو النقاش الواضح والشفافية بعيدًا عن التشنجات وإعطاء الفرصة لمن احترف الصيد في الماء العكر خصوصًا وأني متأكد أن محترفي الصيد هم معكرو الماء، وهم نفس الأشخاص والأفكار الذين يقفون خلف تهيئة علي الأقل الجو الملائم لهذه الجريمة الشنيعة في حق جميع الأديان وإهانة ما بعدها مهانة أن تنسب لأي مسلم. كنت حمدت الله علي أن الانتخابات مرت في سلام وبدأنا الاستعداد للعمل والتركيز علي العلم والزراعة والصناعة والصحة والبيئة والبطالة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان وفجأة تتحول الأنظار إلي ما ليس وراءه طائل سوي الخراب العام.. خراب للمسيحي والمسلم وللإنسانية ككل. كنت كتبت قبل أيام مقالة بعنوان «لا صوت يعلو علي صوت الأمن القومي» ولكن كما لو كان «قلبي دليلي» كنت خائفًا من القوي الخفية التي لا تخاف من شيء مثلما تخاف من مصر قوية. لا تعطوا هؤلاء الكفار الفرصة.. النحاس باشا ومكرم عبيد باشا لم يعطيا أحدا مثل هذه الفرصة.. قوة مصر كانت دائما في وحدتها التلقائية.. مصر هي أجمل شيء في الوجود.. مصر هي أكبر حب يملأ القلب.. لا تدعوا شيئاً أو أحدا يفسد ما أبدعه الله تعالي وصوره في أكمل صورة.. مصر دولة لا يسكنها سوي مصريين أي شيء آخر هو اختيار شخصي بحثت.. اتركوا أي شبهة للتفرقة الدينية أو العرقية لبلاد مثل إسرائيل نظامها زائل لا محالة ولا تتركوا لأعداء الإنسانية فرصة الشماتة وتفكيك ما كونه أجدادنا في خمسة آلاف سنة من الحضارة.