أوصي المجتمعون في مؤتمر اتحاد الكتاب، الذي عقد الأربعاء الماضي، تحت عنوان: "صورة الوحدة الوطنية في الأدب المصري" بأن يكون عام 2011 هو عام الوحدة الوطنية في مصر، والتعبير عن ذلك بكل الوسائل، كما أكدوا علي ضرورة الإسراع في إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد، وحل مشكلات الأقباط في مصر، والدعوة لاجتماع عاجل يضم عددًا من الكتاب من الإخوة الأقباط والمسلمين لمناقشة الاحتقان الطائفي، وتنظيم سلسلة من الندوات واللقاءات حول دور الأديب والمثقف في حماية الوحدة الوطنية. وأوصي المؤتمر أيضا بضرورة تشكيل لجنة حول كيفية تواصل المثقف المصري مع الشارع، وتنسيق الاتحاد عبر لجنة تطوير الكتاب بوزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بالمنهج الدراسي المقدم للطلاب في مراحل التعليم المختلفة، وأن يقيم الاتحاد عددًا من المسابقات الأدبية للشباب للحث علي الوحدة الوطنية، ومطالبة مكتبة الأسرة بالاهتمام بطباعة الأعمال الأدبية التي تحث علي الوحدة الوطنية هذا العام، وحث وزارة التربية والتعليم علي إدراج الأعمال الأدبية التي تحث علي الوحدة الوطنية كأعمال نجيب محفوظ وبعض أعمال الكتاب مثل رواية "خالتي صفية والدير" لبهاء طاهر وبعض الكتاب الآخرين ضمن مقرراتها، كذلك ضرورة الحث علي تجديد الخطاب الديني لدي رجال الدين المسلمين والمسيحيين. الروائي بهاء طاهر أكد أننا تأخرنا كثيرا في معالجة هذا الموضوع، وأغلقنا الجرح علي القيح، ونحن نشهد آثار هذا الاحتقان، وكنت أتمني لو أن هذه الجريمة النكراء أيقظت النيام، وأظهرت الصورة علي حقيقتها لنتدارك ما فاتنا، لكن للأسف تغير الأمر نحو وجهة جديدة تماما أتمني أن ننتبه لها سريعا، ولقد ناقشت هذه القضية في كتابي "أبناء رفاعة"، ورصدت جهود رفاعة الطهطاوي في تغيير الفكر العثماني، الذي يدعو إلي الواحدة في الفكر، إلي فكرة المواطنة، إلا أن المجتمع المصري شهد حالة من التراجع الفكري وانتشار الفكر الظلامي، منذ بداية السبعينيات. وأكمل: الأدب وحده لا يستطيع أن يغير شيئا، فبالأفعال والأدب يمكننا تغيير الأوضاع الحالية. أما الروائي إبراهيم عبد المجيد، فقال: كتبت مئات المقالات لأنبه لخطورة الموقف، ولكن لم يستجب لي أحد، وللأسف فإن محافظة الإسكندرية اختفت منها مظاهر الإخاء والود بين المسلمين والأقباط منذ 25 عاماً، حتي أصبح بإمكاننا أن نقول إنها في طريقها للضياع، لقد سبق أن رصدت هذا في أعمالي "طيور العنبر"، و"لا أحد ينام في الإسكندرية"، حيث إن الإسكندرية كانت في الماضي تستوعب كل الجنسيات، وكل الطوائف والأديان يهود ويونان وأرمن، ومسيحيين وعرب، اليوم هناك حالة من العنف، ورفض الآخر، وأنا غير متفائل بمستقبلها في ظل هذا الوضع. الكاتب يعقوب الشاروني قال: لو أن الأقباط نفذوا تعاليم السيد المسيح عليه السلام في قوله "إن قريبي من فعل معي الخير وليس من اتفق معي في العقيدة"، ولو أدرك المسلمون ذلك أيضا ما حدث كل هذا، إلا أن هناك محاولات غربية دائمة لتمزيق البلاد العربية والنيل من استقلالها، ويمكننا أن نري هذا بجلاء في العديد من الدول العربية. من جانبه دعا الناقد حسام عقل، إلي فتح الحوار المتبادل بين المثقفين والتيارات المتشددة حتي يردوهم إلي عقولهم وإلي حياة الوسطية والاعتدال التي عرفتها مصر قديما. وقال الناقد الدكتور عبد المنعم تليمة: إن مصر تعيش حالة من التنوع الديني منذ آلاف السنين، وأن مثقفي مصر ومبدعيها عبّروا في أعمالهم عن غايات النهضة الأربع وهي "تحرير الوطن وتحديث المتجمع المصري وتفعيل الفكر، وأخيرا توحيد الأمة"، و مصر هي الدولة الوحيدة التي لم تشهد علي مدار تاريخها الحضاري أية حركات انفصالية أو حروب أهلية، مضيفا أنها لم تغب عن التاريخ يوماً علي الرغم مما يحدث لها من مراحل صعود وهبوط متباينة، ولهذا ستبقي في رباط ليوم الدين. الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب، وأمين عام اتحاد الكتاب العرب، أكد أن قضية الوحدة الوطنية ليست قضية سياسية فقط، والإرهاب ليس قضية أمنية فقط، فلفترات طويلة تعاملنا مع الإرهاب والتطرف، كجريمة لا تختلف عن الجرائم الاخري يتصدي لها الأمن، وكأنها مشكلة سياسية كسائر المشكلات، القصة هذه المرة هي قصة وجدان أمة وثقافة شعب وحضارة عريقة، اعتمدت منذ تاريخها علي التآخي بين الديانات والطوائف، والملل، وقامت حضارتها حول هذا التآخي. من جانبها حذرت الإعلامية إقبال بركة من أن العقيدة المسيحية بها تعاليم أساسية تدعو إلي فكرة الاستشهاد، قائلة إنه من الوارد أن يبدأ الشباب المسيحي في تفجير الكنائس، ولو حدث فسوف تكون أسود مرحلة في تاريخ مصر. وأضافت: نحن نفهم في الإسلام أكثر من دعاته الذين يتربحون من الدين، ويجنون الملايين عبر قنواتهم الفضائية، وعلينا أن ندرك تماما أن هناك عدوا أساسيا للثقافة والتنوير في مصر، لذا فاللوم لا يقع علي عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، لأن المثقفين مسئولون أيضا عما حدث ومشاركون فيه بسبب صمتهم في التصدي للإرهاب.