المحلل السياسي الروسي «ألكسي فلاسوف» شن هجوما منهجيا علي الولاياتالمتحدة ، في أسبوعية «ديلوفوي فتورنك» الروسية، لأنها ليست صادقةً في حديثها عن الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في آسيا الوسطي. أن اهتمام الأمريكيين منصب فقط علي ضمان مصالحهم، التي تتوزع علي ثلاثة محاور: المحور الأول هو موارد الطاقة، حيث واشنطن مهتمة قبل كل شيء بمكامن اليورانيوم في كازاخستان. والمحور الثاني يتعلق بأهمية آسيا الوسطي كخط إمدادٍ لعملياتِ الناتو في أفغانستان. وأخيراً رغبةُ الإدارة الأمريكية بإضعاف نفوذ روسيا والصين في هذه المنطقة. هجوم فلاسوف المدروس علي الولاياتالمتحدة وضع كلا من الصين وروسيا في سلة واحدة، وأيد تحركات الصين الأخيرة في محيطها الإقليمي وهو ما كتبت عنه الأسبوع الماضي تحت عنوان: «الصين والهند وباكستان.. شراكة خارج التوقعات». في نفس اليوم (الأربعاء 22 ديسمبر) نشر الملياردير «جورج سوروس» مقالا في موقع (سيندكت بروجكت) بعنوان «الولاياتالمتحدة والصين وحوار الصُم»، تمحور حول فكرتين ، الأولي مهاجمة التوجهات الاقتصادية الجديدة للصين في محيطها الإقليمي، والثانية عدم تعاون الصين برفع قيمة عملتها بشكل منظم. «الاختلال في التوازن العالمي الذي كان من بين الأسباب الجذرية التي أدت إلي انهيار عام 2008 لم يصحح حتي وقتنا هذا بل إن بعض أسباب الاختلال أصبحت أضخم من أي وقت مضي. فالولاياتالمتحدة لا تزال تستهلك أكثر مما تنتج، الأمر الذي يؤدي إلي عجز تجاري مزمن. فما زال الاستهلاك الأمريكي أعلي مما ينبغي، حيث بلغ نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمستوي الاستهلاك المنخفض والذي يصعب استمراره في الصين والذي يبلغ 35.6% من الناتج المحلي الإجمالي. وأصبحت الأسر الأمريكية غارقة في الديون وبات لزاماً عليها أن تزيد من مدخراتها." لكن سوروس - من حيث لا يدري - أكد ما قاله المحلل الروسي فلاسوف في نقده للولايات المتحدة، يقول : " لنتأمل هنا بلداً مثل أفغانستان. إن ذلك البلد غني بالموارد المعدنية التي تحتاج الصين إليها، ولكن الولاياتالمتحدة هي التي تنفق عشرة مليارات من الدولارات شهرياً بسبب احتلالها لبلد لا يتجاوز ناتجه المحلي الإجمالي 15 مليار دولار. ووفقاً للوضع الحالي فإن الولاياتالمتحدة من المرجح أن تخفف من تواجدها قبل أن تهدأ الأمور في أفغانستان ويصبح في الإمكان تنمية الموارد المعدنية هناك. وبما أن الصين هي السوق الواضحة لهذه المعادن، فمن المنطقي أن تشجع الصين المشاركة الأمريكية المستمرة من خلال تقديم مساهمة كبيرة في تكاليف تدريب الجيش الأفغاني". لا يغيب عن سوروس بالقطع أن الصين ستصبح قطبا عالميا في المستقبل المنظور ، إلا أن المجالات الأساسية كالابتكارات الحديثة والاختراعات ستبقي في أيدي الأمريكيين ، كذلك القدرات العسكرية للولايات المتحدة ، مهما بذلت الصين من جهود جبارة في هذا الصدد . ويكفي أن نعرف أنه في العام الماضي فقط وصل تفوق الأسطول العسكري الأمريكي إلي درجات هائلة حيث كان أكبر من كل أساطيل العالم 14 مرة. لذلك يشدد علي إن الصين لن تتمكن من مضاهاة الولاياتالمتحدة لبعض الوقت. وإذا استمرت الميول الحالية فإن الصين سوف تضطر إلي تكريس نسبة متزايدة من مواردها للإنفاق علي مؤسستها العسكرية علي حساب سكانها عموما، والذين سوف يجد قادة الصين صعوبة متزايدة في تلبية توقعاتهم. في هذه الحالة، فإن ازدهار الصين اليوم - كما يقول - من المرجح أن يكون عابراً زائلا. ولا شك أن الدول المجاورة المتخوفة من سلوك الصين قد تسعي إلي طلب الحماية تحت جناحي النسر الأمريكي، وهو ما من شأنه أن يزيد من حجم الميزانية العسكرية الأمريكية، التي أصبحت أضخم مما ينبغي لها بالفعل. وما لم يبذل كل من الولاياتالمتحدة والصين جهوداً مخلصة في سبيل التوصل إلي فهم أفضل للآخر، فإن العالم سوف يصبح في مواجهة وقت عصيب مضطرب في عام 2011، وما بعده.