منذ يومين وبالتحديد في 18 ديسمبر الجاري لم نحتفل بيوم اللغة العربية.. ولما كنا لا ننتبه للأحداث إلا بعد أن تفوت، ولا للأيام المهمة إلا بعد أن تعبر، فقد خرجت الأخبار والمقالات عن هذا اليوم أثناء وبعد مروره، ومنها هذه الكلمات المتأخرة.. للأسف لم نكن نعلم أن الأممالمتحدة قد خصصت هذا اليوم للاحتفال باللغة العربية وتشجيع استخدامها إذا أنه اليوم الذي أقرت فيه الأممالمتحدة اللغة العربية كإحدي لغاتها الرسمية.. أما نحن فلا عرفنا ولا سمعنا عن أي نوعية من الاحتفالات بلغتنا التي نتحدث عاميتها ونقرأ ونكتب فصحاها.. ولا قامت مؤسسة تعليمية أو ثقافية ولا صحيفة ولا قناة إعلامية بالإعلان عن أي نوع من الاحتفالية.. ولا مسابقة لغوية.. ولا عرض لإبداع لغوي.. ولا إصدار كتاب جديد عنها.. ولا أي حس ولا خبر.. والحقيقة المرة هي أنه لا يوجد ما نحتفل به فيما يخص اللغة العربية.. فقد ساء مستواها عندنا بشكل غير مسبوق.. ولم نعد نستخدم تلك اللغة بطريقة صحيحة.. كما أن كلمات طه حسين لم تعد تسري علي هذا الجيل.. ففي أيامه كانت (لغتنا العربية يسرا لا عسر.. ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها.. ولنا أن نضيف إليها ما نحتاج إليه من ألفاظ ومعان لم تكن مستعملة من قبل).. ولكننا الآن لا نستطيع تكرار مقولة عميد الأدب العربي.. ففي الأجيال الجديدة وأتحدث عن الأغلبية وليس الكل صارت لغتنا العربية (عسر لا يسر) إذ لا نجد الكلمات التي تعبر عنا من خلالها لأننا لا نقرأها.. ولا نفهم شعرها ونثرها لأننا لا ندرسها بطريقة صحيحة.. ولم نعد (نمتلكها كما امتلكها القدماء) لأننا لا نمتلك أدواتها ولا نستخدم تراكيبها ولا نغوص في نحوها وصرفها.. كما أن ليس لنا الحق (أن نضيف إليها أو نحذف منها) لأننا لا نملكها ولا نتحكم فيها ولا نعبر بها عن أنفسنا.. بم نحتفل إذا؟ بلغة صارت غريبة علي ألسنة أبنائنا وعقولهم؟ بلغة أبعدها التعليم عما تحتويه من إبداع وأسلوب وفكر وحياة ووضعتها المناهج التعليمية في قوالب جامدة عتيقة صعبة عسرة الفهم مليئة بالصم والتلقين المقيت، ما جعلها بعيدة كل البعد عن الأبناء الصغار وصرف نظرهم عن حروفها ومشاعرهم عن كلماتها وفكرهم عن تراكيبها وأساليبها؟ أم بلغة لا تستطيع أن تثبت وجودها علي ألسنة من يدعون أنها لغتهم الأم في مقابل اللغات الأجنبية التي تدرس بطريقة أفضل مائة مرة منها؟ أم نحتفل بلغة أدي فقدانها إلي مشاكل في تعلم اللغات بوجه عام عندنا فصرنا لا نعرف لا لغتنا ولا اللغات الأجنبية؟ لا داعي للاحتفال باللغة العربية طالما أننا لا نحييها.. فلنجدها أولا ونعمل علي تنميتها ثانيا ونؤصلها بين أبنائنا ثالثا حتي نجد ما نحتفل به عندئذ..