بين الحاجة إلي إنفاق أكثر علي التعليم باستمرار وبين أهمية الاتفاق المجتمعي علي المخرجات النهائية للعملية التعليمية وبين تدقيق وفحص العملية التي يتم بها التعليم لتحقيق هذه المخرجات وأهمية الدور الذي يلعبه المدرس المعلن والخفي في العملية التعليمية والتربوية تقع العوامل الأساسية لوضع التعليم في بؤرة اهتمام الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين باعتباره قاطرة التقدم والتحديث لأي مجتمع. يرتبط بهذه العوامل جميعاً أهمية أن تكون المناهج الدراسية متواكبة مع المعطيات التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية المعاصرة متضمنة انعكاساً متوازناً للتاريخ العريق والجغرافيا المتميزة والثقافة المتأصلة والقيم والمفاهيم الدينية لجميع الأديان التي تتميز بها مصر. تلعب المناهج الدراسية وما تحتويه من معارف وأفكار وعلوم وقواعد سلوكية وقيم أخلاقية ومهارات فكرية وعملية وغيرها دوراً مهماً في العملية التعليمية والتربوية للدارسين فمن ناحية لا بد أن تتناسب مع عمر وسمات الدارسين في كل مرحلة من حياتهم فتزداد مداركهم وتنشط علاقاتهم بالمجتمع المحيط بهم وتعزز فيهم القيم والمبادئ والسلوكيات التي تنهض بهم وبالمجتمع والوطن وتتراكم عبر مراحل العمر المختلفة ومن ناحية أخري لا بد من توافق المناهج الدراسية مع الإطار والمناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش فيه هولاء الطلاب، فهم الهدف الرئيسي من كل ما تحتويه هذه المناهج ومن العملية التعليمية بكاملها. كما أن المناهج الدراسية لا بد أن تتواكب مع التقدم العلمي والتكنولوجي بما يعاون الدارسين علي التفاعل مع هذا التقدم واستيعابه فتنشط فيهم قدرات الإبداع والتفكير العلمي والنقدي ونكسبهم مهارات استخدام آليات وتقنيات التكنولوجيا الحديثة. ومن ناحية أخري لا بد أن تكون المناهج التعليمية عبر سنوات التعليم المختلفة مؤهلة للطلاب لدخول سوق العمل عند تخرجهم من خلال اكتسابهم المعارف والمعلومات والمهارات التي تجعلهم قادرين علي المنافسة في هذه السوق التي تتغيير وتتجدد باستمرار. فإن لم تكن هذه المناهج الدراسية غير قادرة علي المعاونة مع مكونات العملية التعليمية الأخري علي تحقيق المخرجات النهائية لهذه العملية المرتبطة مباشرة بنوعية الخريجين من التعليم وحجم المعارف والعلوم التي تم اكتسابها ومدي ارتباطها بالإطار العام للمجتمع والتطور العلمي والتكنولوجي، كما ترتبط بقدرة الخريجين علي التفاعل والمشاركة ونوعية القيم والمبادئ التي تم غرسها فيهم، وبقدرتهم علي التفاعل والتواجد في سوق العمل سواء بالالتحاق بالأعمال القائمة أو المبادرة بالقيام بأعمال اقتصادية وتجارية ومالية - فإن كل ما يبذل من جهد ومال ووقت يصبح هدراً لا قيمة له. لذلك فالمراجعة الدورية للمناهج الدراسية في إطار عالم متغير - ضرورة ملحة حتي تصبح مناسبة وفاعلة لتحقيق الغايات العظمي من العملية التعليمية والتربوية.