تابعت بشكل منظم إلي حد كبير.. التغطية الإعلامية للعملية الانتخابية سواء في يوم الانتخاب الأصلي وما بعده، أو في يوم الإعادة وما بعدها. وبعيداً عما يمكن أن يندرج تحت التجاوزات الإعلامية.. فسوف أهتم هنا بجانب مغاير هو أسلوب الحوار الذي وصل في بعض الأحوال إلي مستوي لا يليق بمضمون الحوار. لا نجيد أي شكل من أشكال الحوار الإيجابي الذي تنتج عنه استفادة شخصية حقيقية لأي من أطراف الحوار. وربما يكون نموذج ذلك الدال إننا لا نطبق الشروط الأساسية لفنون الحوار علي جميع مستويات حياتنا بداية من وجود (حالة) من الحوار بين الأب والأم وأبنائهما الصغار، ومروراً بالأستاذ والتلميذ في المدرسة والجامعة فيما بعد، وصولاً إلي الحياة العامة علي صفحات الجرائد وعلي البرامج الحوارية سواء في التليفزيون أو علي الفضائيات. ولقد شد انتباهي لهذا الموضوع بشكل أساسي، أنه أثناء استضافتي في أحد برامج القنوات الفضائية.. ظل مقدم البرنامج يتحدث مع ضيوف البرنامج ومع واحد من المشاركين بمداخلة تليفونية دون أن يسمع بعضهم البعض، وظهر المشهد الأخير وكأن كل واحد يغني علي ليلاه دون أن تكون هناك مشاركة بينهما.. لأنه لا أحد سمع إلا صوت نفسه فقط. إن "ثقافة الحوار" لها شروط يجب توافرها لكي يكون حواراً بناءً، وعلي سبيل المثال: - الإصغاء.. بمعني أنه لا يمكن بناء حوار سليم دون أن يكون هناك إصغاء جيد بين أطراف الحوار لكي لا يتحدث كل طرف وكأنه في جزيرة منعزلة يتحدث في جانب، والطرف المقابل له يتحدث علي الطرف النقيض. - الاتصال.. بمعني أن يكون لدي كل طرف من أطراف الحوار مبادرة الاتصال الجيد أمام الطرف الثاني. وهو ما يساعد علي أن يقوم كل طرف بتوصيل رسالته بشكل صحيح وبسيط ودقيق ومفهوم لكي يحدث حالة من التفاعل حول موضوع الحوار. - قبول الاختلاف.. وهو شرط أساسي يفترض أن يقبل كل طرف الرأي المخالف له قبل أن يبدأ الحوار من الأصل. ولا يعني بالطبع قبول الاختلاف.. الاقتناع به أو تبنيه، ولكن قبول مبدأ أن الآراء متنوعة لحد التباين. - توطيد العلاقات بين أطراف الحوار.. بمعني أن الحوار في حد ذاته هو (حالة) إنسانية بالدرجة الأولي، ويجب أن يحكم هذا الحوار مبدأ التقدير والاحترام للطرف الثاني كإنسان له رأي مخالف عن الرأي الذي أميل إليه. وهو شرط يؤدي إلي الوصول لمساحة مشتركة من التفاهم والتعاون. إن ما سبق، يؤكد أننا في العديد من أفعالنا نكرس الثقافة المضادة لثقافة الحوار.. تلك الثقافة التي لو تم تطبيقها لأفرزت لنا العديد من النتائج الإيجابية سواء علي مستوي الأشخاص أو علي مستوي القضايا محل الحوار. وهي ثقافة من شأنها أن ترسخ قيم الاختلاف وقبوله لأبعاد تتجاوز الرأي إلي الاختلاف السياسي أو العقيدي أو الثقافي. بالمناسبة، تذكرت أنني قد كتبت هذا الكلام قبل ذلك.. بعد انتخابات 2005 تحديداً.. ولا يزال واقع الحوار كما هو.