" فيه ناس كتبوا فيها شعر .. وناس رسموها فلاحة جميلة.. فيه ناس اتخنقوا منها وعايزين يسيبوها..وناس هتموت وترجع ليها.. مبسوطين منها أو ساخطين عليها.. جوانا كلنا صوت بيصرخ ويقول: أنا من البلد دي"، بهذه الكلمات تعبر التشكيلية أماني زهران عن معرضها الفردي الجديد بأتيليه القاهرة، الذي افتتح منذ أيام قليلة، بعنوان "أنا من البلد دي"، وقامت بإهدائه لروح والدتها، التي عبرت عن افتقادها بشدة. حاولت أماني في معرضها أن تقدم لقطات مختلفة لعدة حالات مصرية، فتنوعت أعمالها بين البورتريه والمنظر الخارجي في الحارة أحيانا، أو علي ساحل البحر أحيانا أخري، حتي الطبيعة الصامتة ومنظر الحمام الواقف بشموخه. الحرفية الشديدة والتمكن التقني من الخامات المختلفة التي عرضتها أماني بمعرضها، هي دائما السمة الأساسية لأعمالها الفنية، وإن كان تمكنها بخامة الباستيل أكثر تميزا من خامة الزيت، وجاءت الحالة اللونية عندها متنوعة ما بين الإضاءة الصباحية والليلية، من خلال استخدامها الألوان شديدة السخونة، كما لو أن اللوحة رسمت بأي من المناطق الحارة بمصر، واستخدمت في أعمالها الألوان الشديدة البرودة والنعومة وكأنها في إضاءة الغسق، تفاوتت أحجام الأعمال ما بين الفرخ الكامل، ومساحة الربع فرخ، كما نوعت في قطوعاتها ما بين الطولية والعرضية. إذا كان من أهم جماليات المعرض الفردي عموما، أن يكون مثل الجملة المفيدة، أي لها بداية ولها نهاية، فقد كانت المشكلة في معرض زهران، صعوبة تحديد نقطة البداية، فكل لوحة يمكن أن نبدأ المعرض منها، لكن في نفس الوقت لم يكن هناك رابط بين الأعمال، فكل عمل يمكن أن يشكل الفكرة الأولية لمعرض قائم بذاته، فبدت الأعمال وكأنها متناثرة وغير مترابطة، فافتقد المعرض للروح العامة التي تأخذ المتلقي بمجرد دخوله، وتسيطر عليه حتي يمتلئ بالحالة الشعورية كاملة، وهو ما لم يتوفر في هذا المعرض، رغم تواجد عناصر النجاح.