يتوافق الاحتفال بعيد ميلاد قاسم أمين، المولود في الأول من ديسمبر سنة 1863، مع الانتخابات البرلمانية التي تشهد للمرة الأولي، بعد تجربة سابقة لم تكتمل، تخصيص مقاعد محصنة دستوريا للنساء في كل المحافظات، بما يتيح حصولهن علي أربعة وستين مقعدا، فضلا عما قد تحصلن عليه في الدوائر المفتوحة. بعدما يقرب من قرن ونصف القرن علي ميلاد رائد الدعوة لتحرير المرأة، وما يزيد عن قرن بعد رحيله، لا شك أن المفكر الكبير يراقب ما يدور في الحياة المصرية بكثير من الاهتمام، فالدعوة التي كان يبشر بها تتراوح بين الصعود والهبوط، والحقوق والمكاسب تواجهها محاولات دائبة للردة والتراجع، أما المستقبل فإنه رهين -في المقام الأول- بإرادة المرأة والمجتمع معا. كوتة المرأة هي الفرصة الأكبر لصناعة وتنمية كوادر نسائية واعية، تستطيع بعد الفترة الانتقالية أن تنافس بجدية، مستفيدة من الخبرات المتراكمة في دورتين تقتصر المنافسة فيهما علي النساء في مواجهة بعضهن البعض. إقبال النساء المصريات علي المشاركة فعل إيجابي وجدير بالثناء والتقدير، لكن لغة الخطاب المتبادل في بعض الدوائر تجاوز المأمول من احترام آداب الحوار، وحطم الأعراف والقواعد الأخلاقية، فأي معني للخوض في الأعراض والمسائل الشخصية، وما التبرير لتعمد التشويه والتشويش، بديلا لطرح البرامج والدعاية المحترمة الموضوعية التي لا تمتد إلي إهانة وإيذاء المنافسات؟ من القول المستهلك المعاد أن يُشار إلي أن المرأة نصف المجتمع ذلك أن الشعارات وحدها لا تصنع واقعا أفضل، والعمل السياسي مدرسة لا يتخرج فيها المرء إلا عبر اكتساب التجارب والخبرات. ما أحري تأجيل التقييم حتي تتضح الصورة كاملة، ولعل الذين يرصدون سلبيات المعركة الانتخابية بين النساء، ينبهون أنفسهم ما تشهده معارك الرجال من بذاءة وانحطاط، في بعض الدوائر، يفوق كل المسموح به والمتعارف عليه. انتهت الجولة الأولي من المعركة الطاحنة قبل أيام، والنتائج النهائية تكتمل في معركة الإعادة بعد أيام أخري، والأمل قائم في تقييم موضوعي يكون مدخلا جادا لانتخابات سنة 2015، التي ينبغي أن تكون أفضل وأنضج وأقل في أخطائها وتجاوزاتها.