لا أوافق علي أي نوع من الرقابة الدولية علي الانتخابات النيابية في مصر ، الا اعلاميا في الحدود المتعارف عليها ، ربما يكون لدينا ضيوف لمتابعة العملية الانتخابية كما يذهب ضيوف من عندنا وعند غيرنا لمتابعة الانتخابات في معظم دول العالم بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها. أما الرقابة الدولية علي الانتخابات المصرية فهي مسألة أخري لمن لا يعرف ذلك، فهي تعني وجود سلطة غير مصرية تتدخل في شأن من شئون السيادة، لايحدث ذلك عادة الا في الدول منقوصة السيادة التي هي بصدد الاستقلال حديثا علي سبيل المثال، أو جزء من مهمة جهات دولية تشرف علي حل أزمة محلية حول النزاع الرقابة الدولية علي الانتخابات وسيلة من وسائل الحث علي الاستقرار وقبول المتناحرين لسلطة شرعية. ليس لدينا في بلادنا أي ظرف من الظروف التي تحتم قبول المراقبة الدولية، فلا نزاع ولا خلاف علي أن مصر بلد استقراره ثابت للغاية، كما أن النظام السياسي مستقر تماما، البلد يحكمه دستور وقوانين ومؤسسات وسلطات راسخة تماما في عمق الأرض السياسية، لا قدسية لأي من المواد التي تحكم الحياة السياسية بما يعني أنها قابلة للتغيير بالوسائل المشروعة بارادة الأغلبية الشرعية من أبناء البلد. هناك أسباب كثيرة أخري تدعونا الي رفض المراقبة الدولية علي شأن من شئوننا المحلية، لكننا نؤكد حق مؤسسات المجتمع المدني المصرية التي تعمل لحساب تنمية المجتمع المصري في متابعة الانتخابات وحفز كل القوي المشاركة علي التزام الحياد والنزاهة في التطبيق العملي لفعاليات الانتخابات ، حتي مؤسسات المجتمع المدني التي تتقاضي أجرا في صورة منح وهبات من جهات أجنبية فليس من حقها التدخل في الشأن المصري بأي حال. في هذه المسألة يجب أن نكون واضحين تماما، لهذا لا نترك الحزب الوطني وحده يرفض المراقبة الدولية بمفهومها الرسمي الذي أشرنا اليه، بل نحث كل القوي المصرية التي تشعر بالمسئولية عن بلدها وتحترم استقلاله الوطني وسيادته أن تشارك في الرفض وتشجب المحاولات الرخيصة للتدخل الأمريكي في الشئون الداخلية المصرية، وتتفهم لماذا تحرص الولاياتالمتحدة علي التدخل في شأن مصري داخلي بصورة فجة كما فعل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي من أيام. كان فيليب كراولي قال في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن إن بلاده ملتزمة بتأييد ودعم إجراء انتخابات حرة وحيادية في مصر، وحمل الحكومة المصرية مسئولية تطبيق تعهداتها بإجراء انتخابات شفافة ونزيهة ، وهو ما يستدعي تضافر جهود الهيئات المحلية والدولية وحضور مراقبين دوليين، علي حد قوله. حدد كراولي في لهجة متعالية، ثلاث خطوات علي مصر اتباعها لإثبات نزاهة الانتخابات، وهي: السماح بالتجمعات السياسية السلمية، والسماح لمراقبين دوليين بحضور عمليتي التصويت والفرز، وضمان تغطية إعلامية حرة. ان لهجة الخطاب الأمريكي ومحتواه غير مقبولتين علي الاطلاق، لهجة التهديد لا تليق مع دولة كبري مثل مصر، ثم من قال ان مصر حريصة علي إجراء انتخابات نظيفة من أجل السيد كراولي أو غيره، لقد بادرت الدولة المصرية الي التأكيد علي أنها حريصة علي نزاهة وشفافية العملية الانتخابية ليس من أجل ارضاء الولاياتالمتحدة وانما لأن مصلحة مصر في نمو اصلاحاتها السياسية تتطلب ذلك. أما كيف تحقق الدولة المصرية ذلك الهدف ، فلا يمكن قبول ما يتناقض أو ما يتعارض مع الثقافة السائدة في التعامل بين الناس والطريقة المعروفة لادارة مثل هذه الأمور والا حدثت كوارث أمنية لا يدفع ثمنها الا الشعب المصري وحده، ولسنا بحاجة الي التذكير بنتائج تطبيق الثقافة الأمريكية في مجتمعات غير مستعدة لها. من يقبل بتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الشئون الداخلية المصرية ومن بينها الانتخابات النيابية، يقبل أن تتدخل في غيرها من أمور تتعلق بالسيادة الوطنية فتملي علي بلادنا ما تفعله في شئون الدعم الاقتصادي لمحدودي الدخل أو كيفية التأمين الصحي علي المواطنين، وكيف نتصرف في القضية الفلسطينية، وربما تحدد لنا كيف نوزع أنابيب البوتاجاز علي المنازل، لست أدري لماذا لا تكون مصر بالمرة ولاية أمريكية تابعة للحكومة الفيدرالية في واشنطن!!