وافقت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) علي خطة لبدء سحب قواتها من الخطوط الأمامية في أفغانستان، اعتباراً من أوائل العام المقبل، وذلك وفقاً لوثيقة داخلية أطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية. ومن المتوقع وفقاً للوثيقة أن يتم نقل مقاليد السلطة في أول الأقاليم الأفغانية بحلول شهر يوليو المقبل، غير أنه من المتوقع أن تحتفظ قوات تابعة للحلف بالسيطرة الأمنية في المناطق الأشد خطورة حتي عام 2014، ثم تقوم بدور المساندة إلي بعد هذا التاريخ. كما اتفق قادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" أمس الأول علي اقامة درع مضادة للصواريخ عبر تبني "مفهوم استراتيجي" يتناول كل انواع التهديدات التي تطاول أمنهم وكيفية الرد عليها. وذكر دبلوماسيون في لشبونة أن قادة الناتو وافقوا علي استراتيجية لمدة عشرة أعوام ، تهدف إلي السماح للحلف بالعمل خارج نطاق أوروبا ومواجهة الأسلحة الجديدة مثل الهجمات الإلكترونية. كانت صحيفة "تليجراف" البريطانية قد ذكرت في عددها الصادر أمس أن خطة الناتو بتحديد عام 2015 لخفض عدد الجنود المشاركين في مهمتها القتالية بأفغانستان ليس نهائيا، حسبما ألمح زعماء الحلف، الأمر الذي يلقي بشكوك حول الموعد النهائي الذي حدده رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فيما يتعلق بالانسحاب البريطاني. وأوضحت الصحيفة أنه رغم "رغبة القادة الغربيين لمغادرة افغانستان، إلا أن الجدول الزمني للانسحاب لا يزال مشروطا، وأن هذه الشروط تتعلق بمقدرة الحكومة الأفغانية علي تأمين البلاد من هجمات طالبان". ويذكر كيركون بأن الرئيس الأمريكي باراك اوباما قال بوضوح إن عام 2014 هو مجرد "هدف طموح". ونقلت الصحيفة عن مسئول رفيع في الناتو أن هناك "انتكاسات لا مفر منها" فيما يتعلق بالعمل من أجل انتقال السلطات عام 2014. ويقول كيركون إن الجيش الأمريكي أبدي تصميما علي "إضافة موارد" إلي القتال في افغانستان. ويرجع تاريخ "المفهوم الاستراتيجي" الأخير لحلف الأطلسي إلي عام 1999 . ومنذ ذلك الحين، قضي الحلف ما يقرب من ثمانية أعوام في القتال في أفغانستان، واضطر إلي مواجهة التهديدات الجديدة مثل "الإرهاب" وحرب البرمجيات والقرصنة، والتي لا تتضمن وثيقة عام 1999 أيا منها بشكل واف. وتتألف وثيقة هذا المفهوم من 11 صفحة ستحل مكان المفهوم السابق الذي يعود إلي العام 1999، وتم تبنيها في اليوم الأول من قمة الحلف الأطلسي في لشبونة. ويشمل المفهوم الجديد اقامة نظام مضاد للصواريخ الهدف منه حماية سكان واراضي دول الناتو، علي ان يصبح هذا النظام "احد العناصر الاساسية في الدفاع الجماعي" لدول الحلف. وجاء ايضا في وثيقة المفهوم الاستراتيجي ان الحلف سيطلب من روسيا "ومن شركاء آخرين اوروبيين اطلسيين" التعاون في مجال الدفاع المضاد للصواريخ. ولم يشر "المفهوم الاستراتيجي" الي دول مثل ايران ولا الي مناطق مثل الشرق الاوسط قد تشكل تهديدا مصدره الاسلحة الباليستية والنووية، ما يبرر اقامة هذه الدرع. وأبدت تركيا رضاها عن هذا الموضوع. كذلك، تمكنت فرنسا وألمانيا اللتان كانتا مختلفتين حول دور الدرع النووية والدفاع المضاد للصواريخ، من التوصل الي تسوية تحفظ مصالحهما. وتلبية لرغبة برلين، تنص الوثيقة علي "التزام الناتو بتأمين الظروف لعالم خال من الاسلحة النووية". وبناء علي رغبة باريس، جددت الوثيقة التأكيد انه "ما دام هناك اسلحة نووية في العالم، فإن الحلف سيظل تحالفا نوويا". ورغم ان اللجوء الي السلاح النووي "غير مرجح الي حد بعيد"، فإن "الضمان الاقصي" لامن الحلفاء ينبع من الترسانات الاستراتيجية "وخصوصا الترسانة الأمريكية" فضلا عن القوات الضاربة البريطانية والفرنسية. وفضلا عن مهمة الدرع في التصدي للتهديد الباليستي، اشار قادة الحلف إلي تهديدات أخري مباشرة ومتعاظمة مثل الارهاب والهجمات الالكترونية داعين الحلفاء الي التزود بقدرات الرد الملائمة. ومن دون ان يشير إلي افغانستان، اكد الحلف الاطلسي انه سينفذ مستقبلا مهمات في مناطق بعيدة بهدف التصدي للتمرد وارساء الاستقرار، مع اخذ خبرته في الاراضي الافغانية في الاعتبار وعبر انشاء خلية مدنية "متواضعة" لادارة الازمات. وتطور الولاياتالمتحدة بالفعل نظاما مضادا للصواريخ طويلة المدي. وربما يسفر قرار الناتو عن نقل بعض أجزاء هذا النظام إلي أوروبا وابتكار برنامج كمبيوتر لربط هذا النظام بمختلف الأنظمة الأوروبية قصيرة المدي. وبالتوازي، طورت عدة دول أوروبية وهي فرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وإسبانيا أنظمة مضادة للصواريخ قصيرة المدي أو حصلت علي صواريخ باتريوت الأمريكية. وكانت الولاياتالمتحدة قد أعلنت بالفعل عن خطط لنقل أجزاء من نظامها إلي أوروبا، بدءا من سفن حربية من طراز ايجيسكلاس، والتي ربما تتمركز العام المقبل في شرق البحر المتوسط. وسيتم بعد ذلك نشر صواريخ برية في رومانيا عام 2015 وبولندا في عام 2018 . ويفوض القرار حلف شمال الأطلسي بابتكار برنامج كمبيوتر يسمح لقائد واحد من الحلف باستخدام كل الأنظمة في وقت واحد، بما في ذلك النظام الصاروخي الأمريكي للتصدي لأي صواريخ مهاجمة. كما ذكرت صحيفة الاندبندنت في مقالها الافتتاحي أن قمة الحلف كان لها ثلاثة بنود أساسية، وهي الاتفاق علي "مفهوم استراتجي" جديد، والحرب في افغانستان، والعلاقات مع روسيا بما في ذلك خطط إقامة منظومة للدفاع الصاروخي. ويضيف المقال إن هذه "المجموعة المتفاوتة" من الأولويات يمكن أن ينظر إليها "كتبرير لاستمرار وجود الناتو أو كدليل علي أن هذا التحالف صار خارج الزمان وقد فقد طريقه". ويشرح المقال هذه الفكرة بالقول إن الناتو قد تغير منذ سقوط جدار برلين و"انهيار الشيوعية".