سن الإخوان سنة سياسية، وقلدتها فيها العديد من القوي بعد نجاحها، وهي استغلال الجمعيات الخيرية في الدعاية الانتخابية وتجهيز أرضية للمرشحين بين الناس، الغريب أن الأرقام تؤكد أن هناك آلافًا من الجمعيات الأهلية التي أنشئت بأسماء المرشحين والطامحين في الوصول للبرلمان وحتي زهوة العمل العام وشهرة الأنشطة التطوعية، وهذا الواقع يثير العديد من التساؤلات حول ضوابط إنشاء هذه الجمعيات واستغلالها السياسي خاصة لو كانت جمعيات إسلامية تحتوي علي مساجد ودور أيتام، بالذات أن عددًا غير قليل من النواب وصلوا إلي البرلمان بهذه الطريقة المشبوهة. وبالفعل يعتمد العديد من المرشحين علي الجمعيات الخيرية كأداة للدعاية سواء التي يملكونها أو التي يديرون مجالس إدارتها، وتتنوع أغراضها بين مساعدة الفقراء وإعانات شهرية ورحلات للحج والعمرة ونفقات للعلاج الشهري وتزويج للأيتام وخدمات أخري كشنط رمضان وشوادر اللحوم، وكان لها دور كبير في الأيام الأولي للعيد. وتتعدد الدوائر التي تنتشر بها تلك الظاهرة، ورصدنا العديد من المرشحين الذين يوضعون في هذه الدائرة منهم مجدي بيومي، مرشح الفئات ببني سويف صاحب المؤسسة الخيرية التي تتولي تنظيم حفلات الزفاف الجماعي وتوزيع اللحوم قبل الأعياد. وفي المنوفية «شبل عباس» رجل الأعمال وصاحب جمعية «الرحمة» الخيرية، وهناك مرشحات كثيرات من الكوتة تقلد الرجال ويروجن لأنفسهن بالجمعيات الخيرية، ومنهن «سلوي حماد» ولديها جمعية «بنت المنوفية»، وحتي المستقلون يفعلون ذلك ومنهم «أشرف محمود» في أشمون صاحب جمعية «المواساة الخيرية»، وهناك أيضًا «مجاهد نصار» مرشح «شبرا الخيمة» صاحب مؤسسة «المجاهد» الخيرية، وكذلك المحاسب فرج عمران رئيس أبو عمران الخيرية وهو مرشح بدائرة قنطرة غرب وشرق أبو صرير. بالإضافة إلي زينب البدري - مرشحة الكوتة بالقاهرة ولديها جمعية بالخليفة وريهام وهي أيضًا مرشحة بالأقصر وترأس جمعية خيرية لخدمة أبناء الأقصر. وهذه مجرد نماذج قليلة جدًا من ظاهرة تحتاج لدراسة حقيقية، وفي هذا الإطار قال «عبدالعزيز حجازي» رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية - إنه لا مانع مطلقًا من ترشح هؤلاء، فلديهم عمل أهلي تطوعي اجتماعي، ولا مانع من ممارستهم حقهم السياسي والنزول لساحة الانتخابات، ولعل دورهم يفوق دور أعضاء الحزب وحول استخدام أنشطتهم في حملاتهم الانتخابية، قال «حجازي» في مفاجأة مثيرة إنه لا يمانع في ذلك حتي لو كانت تلك الجمعية تحصل علي دعم مالي من الخارج، طالما أن أوضاعها القانونية والمالية مراقبة. وعن قيام بعض المرشحين بإنشاء جمعيات خيرية قبل خوضهم الانتخابات البرلمانية واستخدامها كإحدي وسائل الدعاية، أوضح أن هناك شروطًا كإنشاء الجمعيات الخيرية ويسهل انشاؤها في مدة لا تزيد علي 60 يوما، طالما توافرت تلك الاشتراطات، وبالتالي من حق أي شخص انشاء جمعية خيرية، وأنها إذا لم تقوم بدورها المحدد، فهناك امكانية لحلها بعد فترة من إنشائها. وفيما يتعلق باشتراطات إنشاء الجمعيات الخيرية ومدي الرقابة علي نشاطها خاصة مع تسييسها، ردت عزيزة يوسف، رئيس إدارة الجمعيات الأهلية بوزارة التضامن أن المستندات المطلوبة هي شراء أوراق اشهار الجمعية من الاتحاد الاقليمي للجمعيات ووجود سند شغل مقر الجمعية وايداع 100 جنيه في صندوق صرف اعانة الجمعيات، وأن يكون اعداد المؤسسين لا يقل عن 10 أفراد لم يصدر ضدهم أي حكم نهائي بعقوبة جنائية وأن لا يقل عدد الأعضاء عن خمسة أفراد، ثم تقدم الأوراق للجهة الإدارية لإشهارها. وبالنسبة لشرط الحصول علي إعانة فيشترط أن تكون الجمعية مشهرة وتتحقق لأغراض منها ولديها حسابات ختامية، وعن الحصول علي منح أجنبية، فيتم ذلك بعد الحصول علي نتيجة مرضية بعد التفتيش المالي والاجتماعي عليها وأن تكون المنحة ملائمة لغرض الجمعية، وهناك مستهدفون لتلك المنح وموافقة من الجهات المعنية. فيما يؤكد حافظ أبو سعدة - رئيس الجمعية المصرية لحقوق الإنسان - أن قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية يحظر علي الجمعيات الأهلية العمل بالسياسة أو دعم المرشحين ماديا أو معنويا.. ولكن المشكلة أن القوانين مجرد اجراءات شكلية فمن يمتلك جمعية ويمولها يسعي لتقديم خدمات لأبناء دائرته وبالأخص في توقيت الرعاية الانتخابية وهو الذي يعد دعاية كذلك من يرأس مجلس إدارة جمعية خيرية فهل يطوعها لخدمة أغراضه الانتخابية فيسعي لتقديم اعانات شهرية ورحلات للحج والعمرة وسلع مدعمة. ينتقد «أبوسعدة» تلك الأوضاع قائلا: من الصعب حل الجمعية أو اتخاذ إجراء ضدها، لأنه في ذلك التوقيت يدعي القائمون بذلك بأن هذا دورهم الأهلي ومن الصعب إثبات ذلك. الأهم من ذلك أن المرشحين يهربون بهذه الطريقة من السقف المالي الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات وهو مائتا ألف جنيه لكل مرشح وتعامل المؤسسة وكأنها جزء منفصل من دعاية المرشح، في حين أنها أبرز وسائله لتقديم الخدمات والحصول علي أصوات المرشحين. ويطالب «أبوسعدة» بوضع ضوابط جديدة من قبل اللجنة العليا للانتخابات علي مثل تلك الظاهرة، وأن يتم رصد أداء المرشحين والجمعيات الخيرية التابعة لهم، حتي لا يتم تضليل الناخب، وسوف يتم هذا عن طريق تلقي الشكاوي من الناخبين والمنافسين للمرشحين ويتم ذلك بالتعاون مع وزارة التضامن، ومن ناحيتها تنتقد ابتسام حبيب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ممارسات المرشحين الذين لديهم علاقات وطيدة بإدارات الجمعيات الخيرية، معتبرة ذلك بأنه يقضي علي تكافؤ الفرص ويؤثر علي إرادة الناخبين. وتصف «حبيب» خدمات الجمعيات الخيرية بأنها عبارة عن رشاوي فردية وتجاوزات من الباطن للسقف المالي للدعاية الانتخابية، ولابد أن تكون هناك عقوبة للمرشحين المتورطين في ذلك. وتؤكد «حبيب» أنه لا يجب تعميم تلك الظاهرة علي جميع الجمعيات الخيرية التابعة للمرشحين، موضحة أن هناك جمعيات تابعة لرجال أعمال وأعضاء مجلس الشعب، تعمل علي مدار العام كمؤسسة السلاب ومنصور عامر، لهذا فإن الوقوف علي حقيقة التجاوزات لن يتم إلا بالرقابة الدورية لأداء تلك الجمعيات وبالأخص أثناء الدعاية الانتخابية وما قبلها بمدة زمنية طويلة.