تعلمت من الرياضي البولندي «ستانس لو أوولم» الكثير و«أوولم» كان يعمل في لاس ألاموس» بعد أن هاجر إلي أمريكا وساهم في بناء القنبلة الهيدروجينية.. كل هذا صحيح ولكن هناك «فريدرك شوبان» واحد.. موسيقي قمة لا يمكن أن يقارن به إلا أعظم العظماء مثل «بيتهوفن» مثلاً. وفيما يخص «البيانو» ربما تفوق علي بيتهوفن وعندما وصلنا إلي هذه النقطة تغير اتجاه الحديث بيني وبين توماس كبتانيك إلي مواضيع أخري عديدة بعضها بخصوص أشياء عائلية وأخري سياسية ولكن ظلت الأفكار تعوم في رأسي حول شوبان الذي أعشق موسيقاه خصوصًا «الكنشرتو» الثاني للبيانو. وكذلك مجموعة من القطع الموسيقية التي تعرف باسم «البولنديات» أيضًا للبيانو.. وتذكرت طبعا إلي أي مدي كان شوبان وطنياً فكان يعزف في الخارج ليجمع النقود لمساعدة المقاومة الوطنية لتحرير بولندا من السيطرة الروسية. هاجر شوبان إلي فرنسا وظل هناك إلي أن مات ومازال مدفوناً في باريس.. في إحدي المرات كنت أتحدث مع أرملة أستاذي الحبيب المرحوم توماس بارثا وقلت لها وكان اسمها «آدماه»: أليس من العبث وإضاعة الوقت والمجهود أن يعمل رجل عبقري مثل شوبان في السياسة.. ما قيمة حرب بين روسيا وبولندا.. وما قيمة أن تكون بولندا تحت السيطرة الروسية أو الفرنسية أو أن تكون بولندا مستقلة. ما قيمت كل هذا بالنسبة لسيمفونية تسعد الإنسانية كلها مدي الأبد بينما لا يذكر أحد اليوم أنه كان هناك حرب أو احتلال روسي لبولندا أو أن بولندا قسمت ثلاث أو أربع مرات.. هذا علي كل حال ليس عمل موسيقار عبقري مثل شوبان.. أليس كذلك؟ لم أنتظر الرد من أدماه طويلاً إذ جاءت إجابتها فورًا: لا... إذا أخذت وطنية شوبان وحبه الفياض لوطنه «بولندا» منه فلن يتبقي أي شيء ولا حتي موسيقاه. اليوم أعرف هذا تمام المعرفة.. الحقيقة كنت أعرف ذلك دائمًا تمام المعرفة، أنا أعرفه من تجربتي الشخصية.. ليس هناك أي شيء ممكن أن يعوضني عن مصر.. ليس هناك أي شيء ممكن أن أستبدل به بلادي. أعتقد أن كل المصريين يعرفون ذلك تمامًا.. لأن هذا هو شعور كل مصري يستحق أن يسمي نفسه مصرياً.. وشوبان كان بولندياً.. علي الرغم أنه كان في الحقيقة ربع فرنسي ولكن الوطن هو حيث يسكن القلب.