كتبت منذ شهور عن مجتمع المواطنة، وعن أنه شيء مختلف عن مجتمع اليد السفلي، حيث تسود في الأخير، صور مهينة ومخجلة لتقديم حلول لمشاكل الفقر والمرض والإسكان. يثب الأغنياء الشباعي في جذب يوزعون بعض الشقق، أو فرص العمل! وكل يوم يظهر رقم حساب جديد للتبرع.. وتأكد استسهالنا لثقافة ليلة القدر وشنطة رمضان، وموائد الرحمن، وأكفل يتيما والذي تصاعد إلي أكفل قرية فقيرة! ومثل هذه الأنشطة لا تمتّ بصلة للعمل الأهلي غير الحكومي، وهو عمل سياسي بالأساس يعني بتنظيم جهود الفقراء، لكي يحلّوا مشاكلهم بأنفسهم. فإذا كان لنا أن نشكّ أو نتشاءم، بأن أفعال الصدقة والإحسان لا تقدم حلولا جديدة لمشاكل الفقر والمرض والإسكان، فإنه يصبح أكثر صعوبة في الاستيعاب أن يشغلنا البعض إلي حد الهوس بأن تسعي مصر إلي امتلاك قنبلة نوويّة أو تكون لها وكالة فضاء مصرية! يرد المواطن: إن أكثر القضايا التي نواجهها إلحاحًا وتفجرا هي قضايا العدالة. من يحصل علي ماذا ومتي وكيف من الأساسيات الضرورية للمعيشة والحياة؟ والفجوات الواسعة التي ظهرت في الثروة والفرص، أصبحت مشكلات تعوق بل تحول دون حل ما غيرها! وقضايا هذا العصر معقدة، وأفضل المجتمعات هي التي تعلم كيف تدير بيئتها بصورة أفضل. ومن لا يمكنه جمع قمامته وتنظيف ما حوله، عليه أن يبحث عن طريقة للعيش برفق ومساعدة الناس في تحسّس طريقهم إلي عالم جديد يثير فينا الغيرة ويحرّضنا علي النظر في تخلفنا. والمسألة تتعلق بالاستخدام للمعلومات، بدأ البعض يفهم بطريقة خاطئة، أن يكون لنا عالم حصل علي جائزة نوبل في الكيمياء هو أحمد زويل، وآخر يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية هو فاروق الباز، وهكذا إذا تتبعنا عقولنا المهاجرة فسوف تغرنا مواردنا البشرية. لتلعب في رؤوس المتعجلين الهائجين المتحمسين، عقدة تحضرنا وأننا بناة الأهرام، وأننا لسنا أقل من الهنود والباكستانيين ويتم التخويف بمفاعل ديمونة، وبالأطماع الفارسية التي تسعي لامتلاك السلاح النووي. كيف نفهم ذلك؟ كيف نقدّر المخاطر التي قد تنجم عن استنتاجاتنا؟ لا يمكن أن يحركنا تهديد أو تقليد أو «فشخرة»، سيكون الهدف هو استخدام الموارد المتاحة في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية. واليوم مصر عضو دائم في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومن أبرز المنادين لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، وأصبح مفهومًا أن تعبير سياسة مصر النووية، هو تطوير سياسة للاستخدام السلمي للطاقة النووية. ليست ظروف الاقتصاد المصري هي التي تمثّل وحدها الحدود بشأن قدرة مصر الفعلية علي مجاراة سباق التسلح بالمنطقة، إنما تنضم مصر إلي المعسكر الواسع الذي يري عدم جدوي السلاح النووي، واختلال نظرية الردع القائمة علي امتلاكه. دعونا لا ندع شيئًا لسوء الفهم، قد يري البعض فيما سبق أننا لا نلقي بالا لخطورة امتلاك إسرائيل للسلاح النووي! نحن بالفعل نقلّل من شأنه لكل من يمتلكونه. تفكّك الاتحاد السوفييتي السابق ولم تحمه ترسانته النووية، وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر علي أمريكا، تبهدلت باكستان.. ويبدو أن السلاح النووي قد أعد لمن لديه الحماقة لارتكاب تدمير هذه الأرض! وحتي الآن لم يردع طرفا عزم علي مهاجمة الآخر والخوف من إسرائيل هو مثل الخوف من الإرهابيين، الخوف ممن ينتهك القوانين والأعراف الدولية. ومعظم من يحيا الآن علي سطح الأرض قد سري إلي وعيه تلك الصورة القاتمة عن كوكب لم يعد حصينا، عن عالم يمكن بسهولة أن يحوّرها إلي الأبد شيء من صنع البشر عشنا مع الرعب النووي عقودا، نسعي إلي التوصل إلي إجماع واسع حول المسار المستقبلي لمفاوضات نزع الأسلحة. ومن المشجع للغاية حقيقة أن نكون ضمن التحرك العالمي الذي يتزايد من أجل تدمير الأسلحة النووية وكخطوات أولي الحد منها ومنع انتشارها.