نشرت «روزاليوسف» بالأمس خبراً يقول إن القمر الصناعي (نور سات) قد أوقف مؤقتاً بث قناة «الحوار» القريبة من حركة حماس والمتعاطفة مع جماعة الإخوان.. لأنها أساءت إلي مصر في أحد البرامج الحوارية.. وقال الخبر، الذي كنت أنا محرره بينما الجريدة علي وشك الطبع، إن شركه (نور سات) قد قالت للقناة إنها لا تقبل هذه الإساءات لمصر وأنها تحترم دولتها ونظامها.. وأن الإيقاف سيبقي معلقاً إلي أن تعدّل القناة من مسارها. وللأسف الشديد فإن قناة الحوار التي قال لي مصدري إنها توقفت عن البث لم تزل تبث إرسالها بوضوح شديد.. وبالأمس كانت تنقل المناسك من عرفة.. ولم يكن صحيحاً أنها أوقفت.. ويبدو إما أن الأمر كان يعبّر عن نوايا لدي (النور سات).. أو أنها خطوة اتخذت لبضع ساعات.. وانتهي الأمر.. أو أن الخبر برمته لم يكن صحيحاً.. أو أن مصدري نفسه قد تلقي معلومة خاطئة. هنا تحتاج الأمور إلي مجموعة من التعريفات والتوصيفات.. كي تتضح جوانب الصورة. أولاً: (النور سات).. ليس قمراً صناعياً موجوداً.. كما أن (الجلف سات) ليس أيضاً قمراً صناعياً موجوداً.. ولكن التكنولوجيا أتاحت لعدد من رجال الأعمال الخليجيين أن يدخلوا هذا البيزنس بدون أن يتكبدوا مشقة إطلاق قمر صناعي.. عبر فجوة لا يمكن السيطرة عليها مصرياً.. إذ توجد مساحة بث متاحة علي القمر الصناعي (بلو بيرد) الأوروبي.. تبث علي ذات التردد الذي يخص «النايل سات».. ومن ثم فإن من يتابعون القنوات التي تبث علي هذه المساحة الأوروبية يتصورون أنهم يلتقطون القمر الصناعي المصري في حين أنهم يشاهدون قمراً آخر. هكذا استأجر رجال الأعمال العرب قنوات البث، وبدءوا يؤجرونها للشركات التي لا تجد مساحات شاغرة في «النايل سات».. أو ترفض شركة «النايل سات» أن تتعامل معها لأسباب مختلفة طائفية أو سياسية.. تلك الثغرة بدا أنه قد تم التغلب عليها قبل أسابيع عن طريق بروتوكول تعاون تم توقيعه بين النايل سات والنور سات.. يمنع بموجبه القنوات التي يوقف بثها علي النايل سات من أن تذهب من باب خلفي للبث عبر النور سات. لم تكن الفائدة تخص مصر وحدها. بل إن الفائدة تعم علي الجانبين. خصوصاً حين تم التقاط قناة للمعارضة السعودية علي تردد مخادع ظن البعض أنه علي النايل سات.. ثم تبين أنها علي تردد النور سات.. وقد بثت هذه القناة المعارضة للسعودية التي أظن أنها توقفت مجموعة هائلة من الشتائم والانتقادات غير الموضوعية للسعودية. ثانياً: قناة الحوار، هي كيان فضائي قلت إنه قريب من حماس وإن كان الدقيق هو أنها من قلب حماس.. إذ قابلت مديرها عزام التميمي قبل عامين في البحرين خلال حدث إعلامي وناقشته في سياسة القناة.. وتبين لي أنه قيادة إعلامية وفكرية في الحركة الفلسطينية وينتمي عملياً لجماعة الإخوان وإقامته في لندن.. وقد حاول إقناعي وقتها بأن القناة تريد أن تفتح أفق تعاون مع مصر.. وأمور من هذا القبيل.. احتفظت بها لنفسي إذ أدركت عدم جديتها وتضليلها. القناة منذ البداية لديها موقف من مصر لأسباب أيديولوجية، وقد كانت منبراً مباشراً لجماعة الإخوان في أحداث القضاة في عام 2006 وكانت منصة لحوارات قيادات محظورة.. خصوصاً أن هناك معلومات تقول إن أحد الشركاء فيها هو كمال الهلباوي القيادي المعروف في التنظيم الدولي للإخوان المقيم في لندن بدوره. في مساء يوم السبت أذاعت القناة حلقة من برنامج حواري في إطار نوع من التعامل سوف تقوم به بخصوص الانتخابات المصرية.. واستضافت شخصاً غريباً اسمه محمد عبدالمجيد كان يصلني منه فيض من الرسائل الإلكترونية المجنونة التي تشي بأنه غير متزن ويقدم نفسه علي أنه معارض مصري في إسكندنافيا.. وقد مضي هذا العبدالمجيد في تلك الحلقة في قناة الحوار إلي مدي بعيد جداً.. ليس فقط علي مستوي الدعوه للثورة في مصر.. وإنما وصل إلي حد الشتم حيث كانت أقل كلمة قالها من حيث المستوي المقبول للنشر (وساخة). وهناك ارتباط وثيق بين المحطة وبين جماعة الإخوان، وكان أحد الصحفيين في جريدة «الدستور» قبل أن يطرأ عليها التعديل يعمل مراسلا لها، ولا شك أن البرنامج وعملية التغطية برمتها وما سوف يتم بثه من قاذورات عبرها هو جزء من عمل الإخوان في مصر.. حيث لا تخضع الأمور لأي قانون أو ضوابط اللجنة العليا للانتخابات.. وهو ما يؤكد أن الجماعة ليس لديها أي نية طيبة للتعامل مع شئون الانتخابات والديمقراطية في مصر بطريقة نظيفة.. وإذا كان بلطجية الإخوان قد ضربوا أنصار مرشح للوطني في شبرا الخيمة فإنهم يمارسون كذلك البلطجة الإعلامية. الآن نحن بصدد اختبار للبروتوكول الذي وقعته النايل سات مع النور سات.. فإما أنه كان كلاماً بجد واتفاقاً بين أصحاب كلمة.. أو أنه كان فض مجالس وحبراً علي ورق. الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net البريد الإليكترونى: [email protected]