في كتيبه الصغير عن ذكرياته في «باريس» سمي «أرنست هيمنجواي» هذه الفترة من حياته «مونابول فيست» أي الحفل أو العيد المتحرك كان «هيمنجواي» يعبد باريس والحياة بها حتي في هذه الأيام التي كان الجوع والفقر هو خليله.. لم يفكر في الرجوع إلي أمريكا. أغلب قصص «هيمنجواي» باستثناءات قليلة تدور أحداثها خارج أمريكا.. «لمن تقرع الأجراس» أحداثها عن الحرب الأهلية الإسبانية و«العجوز والبحر» عن شواطئ كوبا والكاريبان وأحلامه عن الأسود التي تلعب في أفريقيا علي شاطئ المحيط، و«راع للسلاح» تدور أحداثها في جبال الألب وإيطاليا وسويسرا خلال الحرب العالمية الأولي. أما قصة «جليد علي الكلوفنجارو» فتدور في أفريقيا.. إلي آخره، هذا يذكرني بما قاله «يوجن ولفجانج جوته» الشاعر والفيلسوف والعالم الألماني الكبير الذي سميت علي اسمه مرافق عديدة في ألمانيا وخارجها بما فيها معهد جوته بالقاهرة، وكان من رأي جوته الذي عبر عنه في «ديوان الشرق والغرب» أن أي حضارة مهما عظمت إذا أغلقت علي نفسها تموت، مهما عظم الصراع مع الاستعمار الغربي ليس له أي علاقة بالرفض الغبي لقيم اجتماعية وعلمية غربية أثبتت جدارتها ويكفي لنا أن نعلم أن الحضارة الغربية مبنية أساسا علي عدد كبير من الحضارات بما فيها بالطبع الحضارة العربية الإسلامية وهذه حقيقة لا ينكرها بل يؤيدها «جوته» بقوة. هل أستطيع أن أنصح الشباب بأن يسافر إلي الخارج كلما سنحت له أي فرصة بالطبع.. ولكن نصيحتي أن يعود بعد رحلة طالت أو قصرت إلي بلده ليعطيه خلاصة تجربته أو ربما حتي أكثر من ذلك. كانت لي تجربة في هذا الصدد وكانت باريس نقطة للارتكاز في هذه التجربة لا يمكن أن أنساها لقد كانت طفولتي في مصر وهي أهم فترة في حياتي لتكوين الشخصية، بعد ذلك كان التعليم تقريبا كله وفترة المراهقة والشباب في ألمانياالغربية في هذا الوقت أي قبل الوحدة الألمانية، أما أطول مكان بقيت فيه فكان انجلترا وأكبر عطاء في العمل كان في المملكة العربية السعودية. .. ونكمل غدا