(معجزة شارع 34) هو فيلم أمريكي قديم ومتجدد.. قصة الفيلم ظهرت لأول مرة في الأربعينيات من القرن الماضي، وأعيدت صناعة القصة بأشكال متنوعة وممثلين مختلفين في السينما والمسرح والتليفزيون.. وأحدثها كان فيلما سينمائيا عام 1994 بطولة اليزابيث بيركنز وقد تم عرض الفيلم منذ أيام قليلة علي إحدي القنوات الفضائية بالرغم من أنه يعد من أفلام الكريمساس ونحن لا نزال في أوائل شهر نوفمبر! ربما رأي القائمون علي تنظيم عرض الأفلام أن عالمنا صار يحتاج تيمة هذا الفيلم ليس في وقت الكريسماس فقط بل في كل وقت. وتدور تيمة الفيلم باختصار عن قيمة الإيمان في حياة كل إنسان.. والإيمان الذي يتحدث عنه هنا هو الإيمان بالخير والأمل في البشر وأن المعجزات قد تحدث في وجود هذا الإيمان بقيمة وخير الإنسان.. أحداث الفيلم كثيرة وتدور حول (بابا نويل) كرمز للإنسانية الممتلئة بالخير والإيمان بوجوده ووجوده هذا الخير.. وتتنوع مواقف شخصيات القصة الرئيسيين من بطل الفيلم العجوز الذي يقوم بدور (بابا نويل) في محل لعب الأطفال ويتحدث مع كل أنواع الأطفال حتي الطفلة ذات الإعاقة السمعية والكلامية. بعض الشخصيات مثل مديرة محل لعب الأطفال تعتقد أنه من الخطأ أن تعتقد ابنتها الطفلة في وجود شخصية (بابا نويل).. وتقوم الأم باستمرار بتلقين ابنتها حقيقة أن هذا الرجل الطيب الذي يرتدي ملابس (بابا نويل) ليس إلا رجل عادي يقوم بدور هذه الشخصية الخيالية ولا يستطيع أن يلبي رغبات الأطفال من الهدايا بل تقوم الأمهات باحضار الهدايا لأبنائهم.. في حين أن جارها المحامي المشهور الذي يهتم بالمديرة المطلقة وابنتها كثيرا، لا يوافقها الرأي بل يؤمن أن من حق الطفلة أن تعيش لحظات من الإيمان بوجود الخير وبوجود المعجزات.. ويأخذ الطفلة لتقابل (بابا نويل) ويتركها لتقرر هي ما إذا كانت تؤمن به أم لا. في لحظات المناقشة بين المديرة والمحامي، يتساءل المشاهد من منهما علي حق يا تري؟ ليس فيما يخص (بابا نويل)، بل فيما هو أعم.. بمعني أكثر وضوحا: هل ينبغي ألا يؤمن الإنسان إلا بما يري ويسمع ويفهم ويدرك فقط؟ هل ينبغي أن يؤمن الإنسان بأن العالم في معظمه شر، وحروب، وإرهاب، وسعي وراء القوة والمال، وأن مفاهيم الخير للخير ومساعدة الغير وتقديم الصواب دون انتظار مقابل هي أساطير وخرافات مثلها مثل (بابا نويل)؟ كما نفكر كمشاهدين هل نربي أبناءنا علي خلق الإيمان، والتحليق خارج حدود الزمان والمكان؟ أم علي أرضية الواقع المخيف، وما له من أساس سخيف، يرسم حدودا بينة، لا يتعداها الخيال ولا تصنع المحال؟ في الفيلم تتحقق المعجزة ويثبت الإيمان في قلوب جميع الشخصيات حتي تلك التي كانت تشك في بداية الفيلم أن الخير موجود في الناس ولكنه يحتاج إلي الإيمان ليظهر.. وهذه النهاية في حد ذاتها دليل علي وجود الخير في كل الناس.. ولكن كيف الحال علي مستوي الواقع لا الخيال؟