هل يمكن أن تنجح جولة المفاوضات المقبلة بين إيران ومجموعة الدول الستة؟ لقد سبق هذه الجولة التي ستتم في فيينا في بداية النصف الثاني من هذا الشهر جولات عديدة من المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الستة وانتهت هذه المفاوضات إلي اتفاق بالفعل سرعان ما تراجعت عنه إيران بسبب اعتراض المرشد الأعلي خامنئي عليه.. والآن تعود الأطراف المتفاوضة إلي مائدة المفاوضات من جديد بحثًا عن حل، ولكن يحدث ذلك وسط مؤشرات متضاربة ومتناقضة. ففي الوقت الذي تخرج من إيران تصريحات رسمية تؤكد استعدادها ورغبتها في التفاوض حول مشكلة ملفها النووي، فإن هناك تصريحات أخري تخرج منها تشير إلي أنها غير مستعدة لمناقشة ملفها النووي في المفاوضات المقبلة في فيينا، وكأن هذه المفاوضات مخصصة للدردشة أو لمناقشة قضايا كونية! وعلي الجانب الآخر فإن الدول الستة تبدو أكثر تشددًا تجاه إيران وليس العكس.. فهي تري أن الاتفاق السابق الذي عرضته وكالة الطاقة الذرية علي إيران بتخصيب كمية من اليورانيوم الذي تملكه في الخارج لم يعد صالحًا الآن، فقد مر وقت ليس بالقصير تمكنت خلاله إيران من تخصيب مزيد من كميات اليورانيوم الذي تملكه، بل إنها رفعت نسبة التخصيب لبعض الكميات إلي نسبة 20%.. وبالتالي الكمية المطروح إخراجها من اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب خارج إيران لم تعد تكفي لطمأنة الدول الستة علي أن الإيرانيين لن يتمكنوا من صنع القنبلة الذرية. بل إن الدول الستة باتت تري أن أي اتفاق جديد مع إيران يحتاج منها تنفيذ طلبات أخري، سوف يكون علي رأسها التوقف عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية لمراقبة التزامها بذلك دون أي عرقلة لعملهم.. وكلها طلبات قد لا تقبلها إيران بسهولة، خاصة أنها.. كما يقول أوروبيون.. يزيد اتفاقا مع الدول الستة يبدو فيه أنها حققت انتصارًا دوليا. وهذا يعني أن ثمة صعوبات حقيقية ومتزايدة تعترض نجاح المفاوضات بين إيران والدول الستة. إلا أن الأمريكيين والأوروبيين يراهنون علي تأثير العقوبات المفروضة علي إيران.. وثمة تقارير مخابراتية لديهم تشير إلي أن هذا التأثير كبير وصعب ومؤلم للإيرانيين، حيث أساهم في رفع معدل التضخم، وتراجع العملة الإيرانية، وعجز الحكومة عن تدبير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، وشح النقد الأجنبي.. ويعتقد الأمريكيون والأوروبيون أن هذه المصاعب سوف تدفع الإيرانيين إلي تلبية مواقفهم علي مائدة المفاوضات حول ملفهم النووي أملاً في إنهاء العزلة الدولية لبلدهم ووقف وتجميد العقوبات الدولية المفروضة عليهم، فضلاً بالطبع عن انخراطهم في المجتمع الدولي كبداية ضروية لإبرام اتفاقات أخري حول مكانتهم الإقليمية.. وإن غدًا لناظره قريب.