رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    تحويلات المصريين بالخارج تقفز إلى 32.8 مليار دولار خلال 11 شهراً بزيادة 69.6%    شل مصر تعلن الاستثمار في حقل «غرب مينا» للغاز بالبحر المتوسط    البورصة ترتفع 0.95% بدعم البنك التجاري الدولي ومجموعة طلعت مصطفى    الصين تحذر من التشهير بها بعد الخرق الأمني على مايكروسوفت    يديعوت أحرونوت: رد حماس لم يرض الوسطاء في مفاوضات وقف النار بقطاع غزة    تصادم مروع في قنا.. مصرع شخصين وإصابة 7 بينهم طفلة    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي.. تحمل اسم ليلى علوي    برعاية شيخ الأزهر.. تدشين مبادرة تدريب طلاب الأزهر على الوعي السياحي بالأقصر    أستاذ علوم سياسية: إيران بين المفاوضات أو الضربة العسكرية.. والغرب لا يمزح    سيعود للمستشفى.. آخر تطورات الحالة الصحية ل"حسن شحاتة"    تيدي أوكو يثير الجدل برسالة غامضة وسط أنباء فشل انتقاله للزمالك    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    فخر أبو ظبي الجديد.. إبراهيم عادل حديث صحف الإمارات بعد انضمامه للجزيرة    حتى 31 أغسطس المقبل.. استمرار العمل بتيسيرات الإعفاء بنسبة 70 % من غرامات التأخير للوحدات والمحال والفيلات    حزب الحرية: ثورة 23 يوليو خلدها التاريخ وأرست مبادئ العدالة والكرامة    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    الصحة: النسخة ال 3 لحملة حملة "100 يوم صحة" تستهدف مواجهة التوحد والإدمان    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    الكرملين: محادثات صعبة مع كييف في إسطنبول اليوم.. ومذكرات التفاهم "متناقضة"    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين بغزة إلى 231    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    أوباما ينتقد اتهامات ترامب "الغريبة" بشأن انتخابات 2016"    جامعة الأقصر تعلن موعد التحويلات ونقل القيد بين الكليات    التفاصيل الكاملة ليوم الأربعاء 23 يوليو 1952    6 أساتذة يفوزون بجوائز الدولة للرواد والتشجيعية والمرأة من جامعة القاهرة    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    علامة "غريبة" ظهرت على شابة كشفت إصابتها بسرطان العظام- لن تتوقعها    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    اعتذاره مرفوض والأيام دول، سيد عبد الحفيظ يشن هجوما ناريا على وسام أبو علي (فيديو)    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    السيسي: مصر أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تسير إيران عكس الاتجاه والإشارات؟‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 01 - 2011

ربما تكون النتيجة الأهم التي خرج بها الاجتماع الذي عقد في جنيف في الاسبوع الاول من ديسمبر‏2010‏ بين إيران ومجموعة‏5+1(‏ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلي ألمانيا‏) هي الاتفاق علي عقد جولة جديدة من المفاوضات بين الطرفين للتباحث حول أزمة الملف النووي الإيراني في اسطنبول أواخر شهر يناير الحالي‏.‏ ويبدو عدم خروج هذا الاجتماع بنتائج كبيرة تمثل اختراقا في الملف النووي الإيراني‏,‏ منطقيا إلي حد ما لجهة توقف المباحثات بين الطرفين‏,‏ قبل عقد هذا الاجتماع‏,‏ مدة عام كامل شهد تطورات عديدة أضافت صعوبات أمام عملية التفاوض‏:‏ أولها‏,‏ العقوبات الجديدة التي فرضت علي إيران سواء من مجلس الأمن بموجب القرار‏1929‏ الصادر في يونيو‏2010,‏ أو من بعض الدول التي بدأت في تطبيق عقوبات أحادية الجانب علي إيران مثل الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا واليابان والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية وكندا‏.‏ وثانيها‏,‏ مواصلة إيران عمليات تخصيب اليورانيوم رغم الضغوط والعقوبات الدولية التي تتعرض لها‏,‏ بشكل أدي إلي زيادة كمية اليورانيوم منخفض التخصيب‏(3.5%)‏ التي تمتلكها إلي أكثر من‏3000‏ كيلو جرام‏,‏ فضلا عن إنتاج ما يزيد علي‏17‏ كيلو جراما من اليورانيوم مرتفع التخصيب‏(02%).‏
من هنا يمكن تفسير حالة الضبابية التي تواجه أي قراءة لما يمكن أن تسفر عنه المباحثات القادمة في اسطنبول‏,‏ والتي تعود في جزء منها إلي غياب الثقة بين الطرفين‏.‏ فالقوي الكبري تري أن إيران تتفنن في ممارسة لعبة كسب الوقت‏,‏ تناور وتجادل ولا تقدم تنازلات‏,‏ أو علي الأقل‏,‏ لا تبدي مرونة تجاه مطالبها الرئيسية خصوصا مطلب تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم‏.‏ فيما تري إيران أن الغرب يريد حرمانها من حق تكفلة لها القوانين الدولية‏,‏ وهو إمتلاك دورة الوقود النووي‏.‏ وقد أدي ذلك إلي عدم تحقيق مشروع تبادل اليورانيوم الذي طرحته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر‏2009,‏ لأي نتائج تذكر بسبب وضع إيران شروطا عديدة لتنفيذه‏,‏ منها أن يتم بالتدريج وبالتزامن‏,‏ ورفض القوي الكبري لذلك‏.‏ وعلي ضوء ذلك لم يعد أمام الطرفين سوي انتظار ما يمكن أن تسفر عنه اجتماعات اسطنبول القادمة‏.‏
لكن اللافت هنا أنه في الوقت الذي كان من المتصور فيه أن تعكف إيران علي دراسة الخيارات المتاحة أمامها للتفاوض مع القوي الكبري في الاجتماع المقبل‏,‏ وأن تحرص علي إظهار أكبر قدر من التماسك السياسي أمام الضغوط والعقوبات الدولية المفروضة عليها‏,‏ أقدم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد علي خطوة مفاجئة بإقالة وزير الخارجية منوشهر متكي وتعيين علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية في منصب وزير الخارجية بالوكالة‏.‏
منطق المفاجأة هنا يكمن في أن قرار الإقالة‏,‏ الذي جاء مهينا لكونه صدر وقت أن كان وزير الخارجية في مهمة عمل خارجية حيث كان في زيارة للسنغال وقال أنه سمع قرار إقالته من المسئولين السنغاليين‏,‏ يمكن أن يعطي انطباعا للخارج بأن ثمة خلافات حادة داخل دوائر صنع القرار في إيران حول إدارة الملف النووي‏,‏ وأن الرئيس أحمدي نجاد يواجه ضغوطا وانتقادات حتي من جانب حلفائه من داخل التيار المحافظ‏,‏ بما يمكن أن يعطي مصداقية لبعض التقارير التي تتحدث عن توتر العلاقة بين المرشد الأعلي للجمهورية علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد‏,‏ وعن أن الأول بدأ يتساءل عن ما إذا كان الثاني يخفي عليه بعض الحقائق‏.‏ لكن التمعن في قرار الإقالة ومغزي توقيته يكشف عن دلالات أخري ربما تكون أكثر أهمية مرتبطة بالصراع السياسي الداخلي الذي تشهده إيران في الوقت الحالي‏.‏ إذ تكشف المؤشرات أن إقالة متكي كانت آخر معارك صراع الأقطاب داخل التيار المحافظ بين الجناح ز س س س‏.‏
الصراع كان أحد إنتاجات اللعبة المفضلة التي يمارسها المرشد الأعلي علي خامنئي والتي يحرص من خلالها علي عدم السماح لتيار واحد بالسيطرة علي كل مفاتيح صنع القرار في الدولة‏,‏ مهما كان مدي إقترابه وتأييده للمرشد‏.‏ لذا وعندما فاز أحمدي نجاد علي كل منافسيه المحافظين‏,‏ بما فيهم هاشمي رفسنجاني وعلي لاريجاني‏,‏ في انتخابات‏2005,‏ لم يسمح خامنئي للخاسرين بالخروج من السلطة‏,‏ فدعا الأول إلي البقاء داخل النظام رئيسا لمجمع تشخيص مصلحة النظام ثم رئيسا لمجلس الخبراء‏,‏ وعين الثاني أمينا للمجلس الأعلي للأمن القومي‏,‏ كما ضغط علي الرئيس لتعيين منوشهر متكي‏,‏ حليف لاريجاني ورئيس حملته الانتخابية في عام‏2005,‏ في منصب وزير الخارجية‏.‏
ومنذ هذه اللحظة بدأ التنافس يتصاعد بين الطرفين إلي أن قام أحمدي نجاد بإطاحة لاريجاني من منصبه في أكتوبر‏2007,‏ لكن المرشد الأعلي حال دون استفراد أحمدي نجاد بمراكز صنع القرار‏,‏ فضغط من أجل تعيين لاريجاني في منصب رئيس مجلس الشوري ليستمر التنافس والصراع بين الرئيس والبرلمان حتي الآن‏.‏ من هنا جاء قرار أحمدي نجاد بإقالة متكي كجزء من الصراع السياسي مع تيار لاريجاني‏,‏ لكن ثمة أسبابا أخري عجلت بإقالة متكي من منصبه‏:‏
أولها‏,‏ الخلاف الذي نشب بين الرئيس ووزير الخارجية علي خلفية قرار الأول تعيين أربعة مبعوثين خاصين له في مناطق الشرق الأوسط وبحر قزوين وأفغانستان وآسيا‏,‏ وهو ما اعتبره الثاني ازدواجية دبلوماسية تكشف سعي الرئيس إلي تهميش دور وزارة الخارجية‏.‏
وثانيها‏,‏ سعي وزير الخارجية إلي الالتفاف علي الرئيس من خلال فتح قنوات للتواصل مع المرشد الأعلي للجمهورية علي خامنئي مباشرة‏,‏ حيث وجه متكي شكوي للمرشد من قرارات الرئيس خصوصا فيما يتعلق بتعيين مبعوثين خاصين له‏,‏ ما دفع المرشد إلي التدخل ومطالبة الرئيس بدعم دور وزارة الخارجية‏,‏ وهو ما رد عليه الرئيس بتغيير صفة المبعوثين إلي مستشارين مع احتفاظهم بالصلاحيات نفسها‏,‏ وبدا ذلك جليا في الزيارة التي قام بها مبعوث الرئيس للشرق الأوسط اسفنديار رحيم مشائي إلي الأردن وتسليمه رسالة من الرئيس أحمدي نجاد إلي العاهل الأردني الملك عبد الله‏,‏ وهي الزيارة التي تزامنت مع صدور قرار إقالة متكي خلال وجوده في السنغال‏,‏ ما دفع المراقبين إلي الربط بينهما باعتبار الزيارة سببا للإقالة‏.‏
لكن يبدو أن لإقالة متكي في هذا التوقيت مغزي مهم بالنسبة لإدارة الصراع مع الغرب حول الملف النووي‏.‏ إذ بدا لافتا تعيين علي أكبر صالحي بالذات في منصب وزير الخارجية بالوكالة‏.‏ وربما يكون لذلك دواع داخلية مرتبطة بسعي الرئيس إلي تسهيل تمرير قرار إقالة متكي في ظل حالة الاستياء التي إنتابت خصوم الرئيس السياسيين لاسيما في البرلمان‏,‏ خصوصا أن صالحي يحظي باحترام كافة القوي والتيارات السياسية إلي جانب المرشد الأعلي خامنئي‏.‏ لكن وربما يكون ذلك هو الأهم يمكن النظر إلي هذه الخطوة باعتبارها إشارة إلي سعي إيران للمزج بين العمل الدبلوماسي والفني في إدارة المفاوضات مع القوي الكبري حول الملف النووي‏,‏ بشكل يدعم من احتمال نجاح إيران ومجموعة‏5+1‏ في التوصل إلي اتفاق جديد لتسوية أزمة الملف النووي الإيراني في اجتماع اسطنبول القادم‏.‏
وتكتسب هذه الخطوة الإيرانية وجاهة خاصة في ضوء توافر مؤشرات بأن إيران تنتظر اللحظة المناسبة التي يمكن أن تشكل فرصة لا تعوض لتسوية أزمة ملفها النووي مقابل حصولها علي امتيازات تكنولوجية واقتصادية وسياسية سوف تجعل منها رقما مهما في الترتيبات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها منطقة الخليج‏.‏ لكن ذلك يبقي مجرد احتمال من ضمن احتمالات عديدة لما يمكن أن يتمخض عنه الاجتماع القادم‏,‏ في ظل حقيقة باتت تدركها جيدا القوي الكبري ومفادها أن إيران دائما ما تعطي إشارة إلي اليمين ثم تتحرك إلي اليسار‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.