بقلم : د. نبيل شعث ترجمة هاشم عبد الحميد نتذكر هذه الأيام مؤتمر مدريد الذي عقد في الماضي من أجل تحديد ملامح عملية السلام في الشرق الأوسط علي أساس قبول قرارات مجلس الأمن 242 و 338 علي حدود عام 1967، وللأسف وبعد 19 عاماً لا تزال إسرائيل لا تعترف بهذه الحدود كأساس لأي اتفاق في المستقبل. وكفلسطيني شاركت في المفاوضات التي جرت منذ 19 عاماً لا يسعني إلا أن أقدر المجهودات التي تبذلها إدارة أوباما لإحياء مفاوضات عملية السلام وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عام وإقامة الدولة الفلسطينية بسيادة علي حدود 1967 . والآن ونحن أمام نقطة تحول فاصلة يجب أن نؤكد بعض النقاط المهمة، دائماً ما يعوق الطريق الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال الاستعمار الإسرائيلي الذي يجري بشكل يومي لأرضنا فالسلطة قائمة بالاحتلال بالإضافة لفرض سياسة الأمر الواقع وفرض المشروع الاستعماري علي الفلسطينيين بهدف ضم أراض والسيطرة علي الموارد الطبيعية من جانب واحد فقط. إن استمرار الاستيطان الإسرائيلي هو نهاية لكل فرص السلام الحقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإقامة مستعمرات ليس أمراً بسيطاً أو هو مجموعة من قوافل الخيام وهي ليست موجودة فقط في المدن الإسرائيلية بل أيضاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أن المناطق الفلسطينية مقسمة إلي عدة مناطق معزولة عن بعضها البعض وبالإضافة لذلك تقوم إسرائيل حالياً بتأسيس بنية تحتية متقدمة لدعم تلك المستوطنات بما في ذلك الطرق الإسرائيلية ( حتي في سنوات الفصل العنصري بجنوب أفريقيا لم تكن هناك طرق سريعة للبيض وأخري للسود)، هذا بالإضافة للجدار غير القانوني والفصل الفعلي داخل عاصمتنا التاريخية القدس مما جعل القدسالشرقية مزدحمة ومنعنا من الوصول لأماكننا المقدسة التي هي جزء أساسي من ثقافتنا الفلسطينية واقتصادنا وتاريخنا. بعد 19 عاماً من مؤتمر مدريد لا تزال إسرائيل ترسل رسائل واضحة بخصوص المفاوضات والآن بعد ما يقرب من عقدين منذ بداية عملية السلام تضيف إسرائيل شرطاً جديداً ليس له أساس قانوني وهو الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وتتجنب إسرائيل المسئولية عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بالإضافة لإضفاء الشرعية علي التمييز ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين لشعب لا يقبل بالعيش بالذل والهوان. بنيامين نتانياهو كان المتحدث باسم شامير في مدريد وهو الآن رئيس للوزراء في إسرائيل ومرة أخري ومثل شامير تماماً يلعب نتانياهو ويرسل رسائله من خلال الصحافة وليس عبر طاولة المفاوضات، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية من المحادثات غير المباشرة لم نتلق اقتراحاً إسرائيلياً واحداً بينما نسمع فقط شروطاً مسبقة من خلال الصحافة. وللأسف فإن لعبة وسائل الإعلام لا تقدم شيئاً نحو السلام، نتانياهو يصر علناً علي أن القدسالشرقية وغور الأردن جزء من الدولة الإسرائيلية وهو يعلم أن أي زعيم فلسطيني لا يمكن أن يقبل بتلك الحقيقة التي تتناقض مع قرارات القانون الدولي، لماذا يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي الآن أكثر قلقاً من أن تكون القدس مدينة مفتوحة وعاصمة مشتركة لدولتين؟ ولماذا هو قلق أيضاً من وجود سيادة لقوات دولية تحت السيادة الفلسطينية في وادي الأردن؟. بعد ما يقرب من 20 عاماً علي محادثات السلام الفلسطينية عملياً تغير الوضع علي أرض الواقع بشكل كبير، ففي عام 1993 كان لدينا 236000 مستوطنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ارتفع هذا الرقم الآن إلي ما فوق 500000 وفي عام 1995 أنشأنا السلطة الفلسطينية وهي اليوم لا تملك أي سلطة وفي كل مدننا بكل ليلة تقوم القوات الإسرائيلية بعمليات مداهمة كما أننا لا نسيطر علي حدودنا ولا علي الصادرات والواردات ومرور السياح وإصدار بطاقات الهوية وهكذا دمرت إسرائيل عملية السلام. اليوم موقفنا هو نفسه منذ 19 عاماً: حل الدولتين بسيادة لكل منهما علي حدود 1967 والقدس هي مدينة مفتوحة ومشتركة موطناً لعاصمتين ( الشرقية للدولة الفلسطينية والغربية لإسرائيل) مع حرية الوصول للأماكن المقدسة، كما أننا نسأل إسرائيل حول الاعتراف بمسئوليتها عن وضع اللاجئين الفلسطينيين والعمل من أجل التوصل لحل عادل علي أساس القانون الدولي حيث ينتظر 57 من الدول العربية والإسلامية إقامة علاقات مع إسرائيل من خلال مبادرة السلام العربية. لسوء الحظ أن إسرائيل تريد من كل فلسطيني أن يعيش في «ثقوب جبن سويسري» ببلد فارغ تماماً تأخذ منها الأرض والموارد الطبيعية، السياسة الإسرائيلية أحادية الجانب تدفعنا بعيدا عن طاولة المفاوضات لذا فإن الفلسطينيين يترقبون أوائل شهر نوفمبر لتجمد إسرائيل المستوطنات وخلافاً لذلك وكما قال الرئيس محمود عباس سننتقل إلي الولاياتالمتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية علي حدود 1967 وإذا لم يكن كذلك سنتوجه إلي الأممالمتحدة. وزير التعاون الدولي الفلسطيني الأسبق نقلاً عن أل باييس الإسبانية