ذكر علماء الاجتماع أن دراسة الدين أو الظواهر الدينية قد مرت بثلاث مراحل رئيسية ذكرها الدكتور: عبد الباسط محمد حسن، علي النحو التالي: المرحلة الأولي: (بدأت دراسة الظواهر الدينية في هذه المرحلة عن طريق الاستطراد فقط، بمعني أن الباحثين الأوائل لم يتجهوا إلي دراسة النظام الديني في ذاته وإنما كانوا يتطرقون إليه أثناء تعرضهم لوصف الحياة الاجتماعية للشعوب المختلفة، وكانوا يقتصرون علي وصف المعتقدات الدينية في رقعة محدودة من الأرض وبدون الدخول في مقارنات بين المعتقدات المختلفة. (د. عبدالباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص 421). ويقول الدكتور أحمد الخشاب: (وبمرور الوقت اتجهوا إلي المقارنة بين المعتقدات في أكثر من بلد أو إقليم نتيجة لكثرة الرحلات والأسفار التي قاموا بها، ونتيجة لزيادة الاتصالات التجارية والسياسية والحربية بين المجتمعات المختلفة،كما كانوا يميلون إلي تفضيل دين علي دين،وكانوا في أغلب الأحيان يحورون الديانة التي يدينون بها علي أنها أفضل الديانات وبذلك ابتعدوا عن الجانب العلمي في الدراسة). (راجع: د. أحمد الخشاب، علم الاجتماع الديني، مفاهيمه النظرية وتطبيقاته العملية، ص 29،ص 30.) المرحلة الثانية: يقول الدكتورعبد الباسط محمد حسن: (اتجه العلماء في هذه المرحلة إلي دراسة الظواهر الدينية في المجتمعات المختلفة مستخدمين المنهج التطوري، وكان يسيطر عليهم تصور عن الظواهر الاجتماعية باعتبارها تتقدم عبر خطوات محددة من البسيط إلي المركب وبحيث يسير التطور في الطريق المرسوم له حتي ينتهي إلي أعقد المراحل وأكملها. (المصدر: د. عبدالباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص421). ويقول الدكتور الخشاب: (ويستند المنهج التطوري علي التسليم بالتشابه الجوهري في الطبيعة البشرية في كل زمان ومكان، وقد ترتب علي ذلك التسليم بأن الشعوب تسلك نفس الطريق، ومن هنا جاء التعميم بأن الديانة تطورت إلي عبادة الأرواح، أو عبادة مظاهر الطبيعة حسب ما تصوره الطوطمية كانت أولي الديانات قاطبة، وأن جميع المجتمعات قد مرت بها المدرسة الفرنسية). (د. أحمد الخشاب، علم الاجتماع الديني، ص 51) وقد تفرغ عن هذا الافتراض الاعتقاد بأن الجماعات الإنسانية الأولي كانت تحيا علي نفس النمط من الحياة الدينية الذي نجده في الجماعات المتأخرة المعاصرة، ومن ثم انحصر مجهود العلماء والمفكرين في ترتيب الجماعات حسب درجة كمالها، وتدرج معتقداتها من البساطة إلي التركيب. فكانوا يبدأون باختيار الشكل الأول البسيط للظاهرة الدينية حسبما تسمح بذلك معلوماتهم التي جمعوها من مجتمعات مختلفة، ثم ترتب بعد ذلك الأشكال والصور الأخري للظاهرة الدينية بشكل يتفق مع مفهوماتهم وتصوراتهم عن تطور الظاهرة الدينية. (د. عبد الباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص422). المرحلة الثالثة: يقول الدكتور عبدالباسط حسن: (اتجه الباحثون-ابتداء من الثلاثينيات من هذا القرن-إلي استخدام المنهج العلمي في دراسة المعتقدات الدينية، وابتعدوا عن النظريات الظنية التخمينية، وحاولوا الكشف عن الكيفية التي تؤثر بها النظم الدينية في مظاهر الحياة الاجتماعية وفي العلاقات الإنسانية والأساليب التي تتكيف بها تلك النظم وفقا للظروف الاجتماعية التي تنتشر فيها، أو تمارس في نطاقها دون أن يحاولوا تقويم الظواهر والنظم الدينية بالنظر إلي ديانتهم كما كان يفعل الباحثون الأوائل. وقد أدي هذا الموقف إلي أن أصبحت الدراسات الأنثروبولوجية والسوسيولوجية الحديثة المتعلقة بالظواهر الدينية ذات صبغة موضوعية إلي حد كبير). (د. عبد الباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص 423). ويقول الدكتور أحمد أبو زيد: (فبالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا اتجهوا إلي دراسة المجتمعات البدائية للتعرف علي الطريقة التي ينظر بها هذا القطاع المهم من قطاعات المجتمع البشري الكبير إلي الكون وموقفه منه علي اعتبار أن هذه النظرة وذلك الموقف يمثلان صورة واحدة من صور اهتمام الإنسان في كل عصر ومكان بالبحث عن المجهول،ومحاولة كشف أسرار الكون الذي يحيط به،والذي يؤلف هو نفسه جزءا صغيرا منه علي الرغم من أهميته فيه). (أحمد أبو زيد، نظرة البدائيين إلي الكون، ص43). ويقول الدكتور عبد الباسط حسن: (أما علماء الاجتماع،فقد اتجهوا إلي دراسة الظاهرة الدينية عموما باعتبارها ظاهرة اجتماعية سواء كان ذلك في المجتمعات البدائية أو المتحضرة. وظهر فرع متخصص من فروع علم الاجتماع عرف باسم (علم الاجتماع الديني) يدرس الظواهر والنظم الدينية من حيث نشأتها،والوظائف التي تؤديها والعلاقة التي تقوم بينها وبين غيرها من الظواهر والنظم الاجتماعية وكذلك الجماعات والمنظمات والاتجاهات الدينية،والأدوار التي يقوم بها رجال الدين في المجتمعات الحديثة،فضلا عن دراسة الحركات الدينية باعتبارها حركات اجتماعية) انتهي. (د. عبد الباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص 423).