مع استمرار الاحتجاجات التي تعم فرنسا ضد الاصلاحات في قانون التقاعد الذي اقترحته حكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أعلن سائقو الشاحنات الفرنسيون عن إغلاق الطرق الرئيسية أمس في تحرك لإرغام ساركوزي علي التراجع عن القانون الجديد الذي يرفع سن التقاعد من 60 إلي 62 عاما، في حين هددت النقابات بشل قطاع السكك الحديدية وتسيير العديد من المظاهرات الضخمة. وذكرت أهم نقابتين للعمال في فرنسا أن إضراب السائقين أدي إلي "تجميد" العمل في المواقع النفطية ومستودعات المحروقات والمحاور الاستراتيجية. وأدت الاضرابات ومسيرات الاحتجاج إلي نقص كبير في الوقود، وسارع المئات من سائقي السيارات إلي محطات الوقود للتزود بالبنزين خوفا من نفاده. وأغلقت مئات من محطات الوقود نتيجة إضراب معظم المصافي الفرنسية ال12 التي توقف عشر منها. في الوقت ذاته، ذكرت صحيفة" لوموند" الفرنسية أن أكثر من ألف محطة بنزين خاصة في مختلف أنحاء فرنسا في طريقها لنفاد مخزونها الاحتياطي من الوقود. مشيرة إلي أن اتحاد مستوردي النفط المستقلين" يو إي بي" الذي تبلغ مبيعاته 60 % من اجمالي توزيع النفط في فرنسا أكد أن الأمور في طريقها للتدهور خاصة في محطات الوقود الخاصة. وأكد الكسندر دي بينوا المندوب العام لاتحاد المستوردين أنه من بين اربعة آلاف محطة وقود توزع 60 بالمئة من المحروقات في فرنسا، هناك نحو 1500 محطة تعاني من نقص في احد المنتجات او من شح كامل. بينما اتهم دومينيك بوسرو وزير النقل الفرنسي المحطات التي تدعي أنه ليس بها وقود بأنها تخصص الوقود لزبائنها، مقدرا عدد المحطات المتضررة من الإضراب بنحو مائتين في البلاد. وفي وقت لاحق أعلنت شركة النفط الفرنسية" توتال" أن ما بين 350 و400 من محطات الوقود التابعة لها تعاني من اضطرابات في تزويدها بالبنزين. وكانت الهيئة المعنية بصناعة النفط قد حذرت من ان الاضرابات المستمرة منذ يوم الثلاثاء الماضي في كل مصافي تكرير النفط وعددها 12 في أنحاء فرنسا يمكن ان تسبب مشكلات خطيرة في التزود بالوقود وهو ما يعني انه سيتعين علي الحكومة دراسة استغلال احتياطيات الطوارئ. وفي تصعيد آخر، اتفقت نقابات العاملين بالسكك الحديدية علي تنظيم إضرابات جديدة أمس مما قد يؤدي إلي تعطل ثلثي القطارات المنتظمة ونصف خدمات القطارات فائقة السرعة. وتقرر تنظيم مسيرات جديدة مناهضة لخطة إصلاح نظام التقاعد في أنحاء البلاد اليوم بهدف إرغام الحكومة علي التراجع عن القانون قبل طرحه علي مجلس الشيوخ بعد أن صوتت عليه الجمعية الوطنية" مجلس النواب" في وقت سابق. أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في فرنسا أنه سيتم إلغاء 50% من الرحلات الجوية من وإلي مطار أورلي، و30% من وإلي مطار شارل دي جول وباقي مطارات فرنسا، بسبب تنظيم يوم جديد من الإضرابات والاحتجاجات علي خطط الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد في البلاد. ودعت الهيئة في بيان لها المسافرين إلي مراجعة شركات الطيران للتأكد من مواعيد إقلاع رحلاتهم علي ضوء هذه التغيرات، ومن المقرر أن تستمر حركة الإضرابات والاحتجاجات في المطارات لمدة 24 ساعة. من ناحية أخري، أعلنت شركة كهرباء فرنسا احتمال انخفاض إنتاج الشركة من الكهرباء نتيجة الإضرابات الحالية، مشيرة إلي أن هذا الانخفاض في إنتاج الكهرباء لن يؤثر علي الجمهور. وفي قصر الرئاسة الفرنسي الاليزيه، عقد الرئيس نيكولا ساركوزي اجتماعا أمس مع رئيس الوزراء فرنسوا فيون ووزراء العمل والبيئة والنقل والداخلية والتعليم والعلاقات مع البرلمان، لبحث تداعيات استمرار حركة الاحتاجات والاضرابات في البلاد ضد رفع سن التقاعد ولاسيما فيما يتعلق بنقص امدادات الوقود. علي صعيد آخر، انضم امس الأول طلاب المدارس الثانوية في محيط العاصمة باريس للاضرابات ضد الإصلاحات المزمعة في قانون المعاشات والتقاعد ونقلت صحيفة" لوباريزيان" الفرنسية أن اشتباكات حدثت بين الشرطة وطلاب مدرسة "جوليوت كوري دي نانتر" حيث أغلق 300 من الطلاب المعروف عنهم الإنتماء للحركات الاجتماعية المداخل المؤدية لحرم المدرسة ومنعوا المعلمين من الدخول إليها. وذكرت مصادر الشرطة أنه بالرغم من محاولة بعض من أولياء الأمور و بعض أعضاء البرلمان الفرنسي التوسط لدي الطلاب إلا انهم ألقوا الحجارة علي قوات الأمن التي ردت بدورها وألقت الغازات المسيلة للدموع. وأعلنت وزارة التعليم الفرنسية أن الإضرابات أثرت فقط علي 6 % من المدارس الثانوية في فرنسا البالغ عددهم 4300 مدرسة. وفي ذات السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته ونشرت نتائجه أمس صحيفة" لو باريزيان" أن 71 % من الفرنسيين يؤيدون الإضرابات والتعبئة العامة ويتعاطفون مع الحركة المناهضة لقانون التقاعد الذي تفرضه حكومة ساركوزي، مؤكداً أن نسبة تأييد الأضرابات لدي الفرنسيين في تصاعد باستمرار؛ اذ أظهر آخر استطلاع للرأي يوم 12 أكتوبر الجاري أن 69 % بدعمون الأحتجاجات. وأشارت نتائج البحث أن النسبة ترتفع بين الشباب الفرنسي لتصل إلي 81% ممن يؤيدون المظاهرات والإضرابات عن العمل وكذلك النساء بنسبة 76 % في مقابل 64 % بين الرجال.