كنت واثقا حينما أرسلت لسيادتكم شكوتي الأولي أنها ستجد من وقتكم المقدار الكافي لعرضها علي المسئولين. كما كنت واثقا أكثر أن أحدا منهم لن يحرك ساكنا. وتحولت ثقتي ليقين حينما قرأت مقالتك التي بدأتها بجملة (يصل ويسلم لوزارة التربية ما لم يكن عنوانها قد تغير). وكان يقيني في محله إذا لم يحدث أي شيء علي الإطلاق تجاه فتوي مدرسة العلوم لابنتي بأنها ستعلق من شعرها في جهنم وسترسب إذا لم ترتد الحجاب، بل زاد الأمر إلي حد مرعب. إذ دخل مدرس اللغة الفرنسية الفصل وقام بتحجيب ابنتي بالقهر وإلا حرمها حضور الدرس. وحينما قالت له ابنتي أن والدها لا يأمرها بارتداء الحجاب رد بأن والدك لا يحسن تربيتك التربية الدينية الصحيحة لذا وجب عليه هو أن يربيها. هالني هذا الإرهاب لي ولابنتي. ذهبت للمدرسة في قمة هلعي، ولحسن حظ مدرس اللغة الفرنسية أنه لم يكن موجودا لكن جميع زملائه دافعوا عنه بحجة أنه مدرس جديد ويريد فرض الالتزام علي بنات الفصل من أولها حتي يقمن بحسن الاستماع!.وقال لي أحد المدرسين إن هناك ندرة في مدرسي اللغة الفرنسية فتضطر الوزارة للاستعانة بشباب لا يملكون الخبرة الكافية هو يدافع عن زميله لأنه ليست له خبرة. قلت وأنا أدافع عن وطن ليس له أي ذنب. كلي ثقة أنك ستهتم بشكواي الثانية وبأن أحدا من المسئولين لن يحرك ساكنا وبأن عنوان الوزارة الصحيح يمكن أن نجده في درج مكتب مرشد الجماعة المحظورة. التوقيع ياسر بدوي لا تظلم المسئولين بالوزارة لعدم الاهتمام بشكواك فربما لديهم تعليمات بعدم قراءة الصحف القومية لأنها متهمة بأنها حكومية!. في الصفحة الأولي من روزاليوسف عدد الثلاثاء الماضي تصريح لمستشار وزير الأوقاف بأن (من أراد اعتناق المسيحية فله الحرية وعلي الدولة حمايته وبالمثل يعامل من أراد الإسلام دينا) وأيده د. عبد المعطي محمود عضو مجمع البحوث الإسلامية وكان ذلك في مسجد النور بالعباسية. لكن لا تنسي أن الواقعة التي تشكو منها حدثت في مدرسة وليست في جامع. ووزارة التعليم لا شأن لها بالأوقاف حتي لا يحدث تضارب في الاختصاصات. الأوقاف تصرح كما تشاء ومدرسو التعليم يفعلون ما يشاءون.افترض أن بعضهم أٌقتنع بفتوي استيلاء الناس علي ما يجدونه من آثار ثمينة وبيعها أو هدمها فدرس هؤلاء المدرسون هذه الفتوي لتلاميذهم. هل ستشكو أيضا؟. المسئولون لا يدخلون أولادهم مدراس الفقراء فليس عندهم هذه المشكلة فلماذا يهتمون بها؟. لا أظن أن هناك منشورا من الوزارة يأمر المدرسين بإجبار البنات بدءا من أولي إعدادي بلبس النقاب والحجاب وإلا كانت المدرسة قد واجهتك به. فإذا كنت تلمح أن المدرسة تنفذ منشورًا سرياً من الجماعة المحظورة فهذا لا يدخل في اختصاص الوزارة. ففي بلادنا ديمقراطية تسمح للجماعات المحظورة أو السلفية أن ترسل منشوراتها السرية و الشفهية رأسا للمدارس.ولكن الدستور يغل يدها عن التصرف. حتي قانون الطوارئ لا يسمح للأمن ولو بالتحري عن الأمر، فالتعليم محمية مستقلة.قد تتدخل الداخلية إذا اعتصم المدرسون غداً لتستجيب الحكومة لتدريس فتوي بيع وحرق الآثار. ولكن حرصا علي منع الفوضي لا غير. ولسوف تستجيب وزارة التعليم فضا للخلاف فلا تقع الفوضي. إياك أن تسول لك نفسا كحل أخير أن تشكو لمنظمات حقوق الإنسان المدنية سواء في مصر أو بقية انحاء العالم. فهذه المنظمات مشغولة بمراقبة الانتخابات عندنا وتتلقي دعما ماليا لذلك. هي ضد منع النقاب في فرنسا وتتظاهر لذلك عندنا وفي العالم .ولكنها لن تقف ضد فرض الحجاب والنقاب أو ما هو أكثر من ذلك. وكل صحفنا بلا استثناء ضد تحريم النقاب في فرنسا .ولا أحد يتحدث عن الإرهاب لفرض الحجاب والنقاب علي فتيات وممرضات ومدرسات بل وممثلات وراقصات مصر وفي القاهرة عاصمة النور في أفريقيا.وصاحبة الريادة في.... وأكمل أنت بقية المنظومة التي نحفظها جميعا. منذ أكثر من عقد بدأ التحرش الجنسي بالنساء غير المتحجبات علنا ثم حوادث إلقاء ماء النار علي وجوههن نهارا في الطريق العام فلم نسمع عن احتجاج من هذه المنظمات فهي مع الحرية فقط. (ومن رحمة الله بك ما يلقنه المدرسون لابنتك حتي لا تواجه هذه الحوادث). إياك إذن وحقوق الإنسان. فهي مهتمة بحرية البرادعي وحرية المحظورة وحرية الفتاوي. ولا شأن لها بأن يفرض أي شيء عليك أو علي ابنتك وأهلك كلهم. ولاحظ أن تهديد الأطفال بالرسوب و الحرمان من التعليم وعقابهم في نار جهنم هم وأولياء أمورهم إذا لم يتبعوا تعليمات السلفية هو أمر ضروري تمهيدا للانتخابات الحالية والقادمة عندما يكبر هؤلاء الأطفال وعندئذ يعرفون من سيصوتون لهم في الانتخابات. إنه تزوير وتزييف الإرادة بشفافية مؤكدة. ستصفق لها أمريكا وأوروبا. إياك وحقوق الإنسان فالأصل عندها هو الحرية. وأنت حر أن تسلح ابنتك بمطواة كما نصحت عبلة كامل ابنها في أحد الأفلام، فتدافع عن تحرش المدرسين لعقلها الذي هو حق من حقوقهم. واستخدام السلاح حادث في مدارسنا منذ سنوات. قد تسألني لم السكوت علي كل هذا؟. أقول لك إنها السياسة، فهي خير معلم للجبن. تسكت لتكسب أصوات الناخبين أو الواصلين. والسكوت علي الأقل فيه سكوت عنك!. قد قيل لك إن الساكت عن الحق شيطان أخرس. والحق أقول لك إنه انتهازي جبان. لكن لم يثبت بعد أن السكوت يضمن لك السلامة أو طول العمر، فكثيرا ما يكون العكس. وعليك الاختيار فهذا هو حقك الوحيد والذي تعطيه لنفسك.