سيادة الرئيس.. عندما توليتم الحكم في مثل هذه الأيام من عام 1981، كانت إحدي القضايا الشائكة، والتي تدور حولها تساؤلات عديدة، مشروعة وغير مشروعة، تتعلق بحرية التعبير في مصر ، خاصة بعد أحداث سبتمبر المصرية (سبتمبر 1981)، حيث تم الزج بصفوة من كتاب مصر ومثقفيها، علي اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم الصحفية والسياسية، في السجن.. إضافة إلي قرارات سابقة تقضي بنقل كثير منهم من مواقعهم، أو جلوسهم في البيت وحرمانهم من العمل الصحفي، لا لشيء إلا لأنهم اختلفوا مع الدولة، أو مارسوا حقاً أعلنت الدولة أنه مكفول لهم!!! ولقد كانت رسالتكم واضحة، ومنذ اليوم الأول، حين أمرتم بالإفراج عن كافة معتقلي سبتمبر 1981، بل واستقبلتهم في قصر الرئاسة.. كانت الرسالة قوية وعملية: "لن يسجن أو يتم اعتقال شخص بسبب مواقفه السياسية، أو بسبب كتاباته الصحفية".. ويوماً بعد يوم تلاشت الخطوط الحمراء في مجال وسائل الإعلام، حتي أصبح الجمهور نفسه يطالب بعودة بعضها، حماية للنشء، ومراعاة لبعض القيم.. غير أن الأمر برمته عكس إشارة مهمة، وهي أن الدولة مع حرية الإعلام، وحرية الفكر والعقيدة، وأن ذلك ليس "شعاراً" ترفعه، وإنما "واقع" نمارسه.. وزاد عدد الصحف اليومية والأسبوعية في مصر زيادة كبيرة، وزاد عدد القنوات الفضائية المصرية زيادة لم نكن نحلم بها، واتسع هامشها وسقفها، بحيث أصبحنا نعاني أحياناً من عدم وجود سقف لما يمكن أن يقال أو يكتب!!! ويبدو أن هذا الإنجاز "غير المسبوق" في المنطقة العربية كلها، وهذه الاستمرارية في التعهد الذي قطعتموه علي أنفسكم، لا يعجب البعض، داخلياً وخارجياً، بحيث كثرت المؤامرات التي تحاول القضاء علي هذا الإنجاز، أو تضييق الحدود بالنسبة له، أو تشويه بعض ملامحه.. سيادة الرئيس لقد أثبتت المواقف العديدة أنك اصبحت محصناً ضد أي محاولة التفاف حول قرارتك أو مواقفك الداعمة للديمقراطية وحرية التعبير. لقد أصبح النظام المصري، والمؤسسات المصرية، وحرية التعبير التي أرسيتم دعائمها ووسعتم مجالها أقوي من أن تهزها حملة تشكيك في الداخل أو الخارج، وأرقي من كثير من الممارسات المستفزة. سيادة الرئيس.. إن رعايتكم الكريمة والمستمرة لحرية الإعلام، وعملكم الدائم علي تعميق مظاهر الديمقراطية في مصر، قد رفع طموح الممارسين والدارسين إلي طلب المزيد، لقد أصبحنا نتوقع ونحن نحتفل بسنة جديدة من سنوات حكمكم لمزيد من الحرية واستمرارية هذا الانجاز.. إن التاريخ سيذكر لكم تلك الحرية، وسيسجل هذا الإنجاز.... فحرية التعبير الحقيقية هي عنوان التقدم، وجوهر التحضر... (للرسالة بقية)..