سيادة الرئيس.. عندما توليتم الحكم في مثل هذه الأيام من عام 1981، كان المشهد المصري العربي مخيفاً ومحبطاً.. كان العرب كلهم في ناحية، ومصر في ناحية أخري.. ولسنا بطبيعة الحال بصدد تحديد من كان علي صواب، ومن كان علي خطأ في هذه المقاطعة، فالأحداث التاريخية أوضحت من كان علي بصيرة من الأمر، ومن كان علي عكس ذلك.. ونتيجة لجهود ثماني سنوات متصلة، عادت العلاقات العربية المصرية، أو كما قال البعض: فقد عاد العرب إلي مصر! وعادت الجامعة العربية إلي مقرها. لقد كان منطقكم، ولايزال وكما عكسته كلمتكم في قمة سرت أمس الأول، إن لدينا إرثاً مهما وتجربة غنية من العمل العربي المشترك يستحقان أن نعتز بهما، وأنه يجب علينا بذل المزيد من التكاتف وتوحيد الصف العربي في مواجهة العديد من التحديات المشتركة، إن المرحلة الراهنة تقتضي منا جميعا.. دعم التضامن العربي وتوحيد الصف والمواقف.. كي نتحدث بصوت واحد.. دفاعا عن قضايانا ومصالحنا وهويتنا العربية.. ولنحقق معا ما تتطلع إليه شعوبنا من سلام وأمن واستقرار وتنمية وتقدم، وهو تصور يجمع بين الواقعية السياسية من ناحية، وبين الرومانسية القومية من ناحية أخري، ويعكس الرغبة في الربط بين الحاضر بمعطياته المختلفة والمستقبل بتحدياته المتعددة. ولقد كانت مواقفكم في كل الأحداث التي تعرضت لها الأمة العربية موقفاً متسقا مع هذه القناعات، ومتناغما مع أولويات السياسة المصرية والأمن القومي العربي.. وهو ما ضمن لمصر استقراراً ساعدها علي تجاوز كثير من الأزمات، وتركيزاً قاد عملية التنمية بها. غير أنه يا سيادة الرئيس، بدأنا نري في الآونة الأخيرة تطاولاً من بعض الصغار علي الدور المصري في المنطقة، وتجاوزا من بعض الجهات في حق المصريين العاملين بها، ورغبة في إفساد علاقات مصر مع جيرانها تتزعمه بعض القوي التي تنسب نفسها إلي المحيط العربي.. بدأنا يا سيادة الرئيس نري بعض الأنظمة العربية تتدخل لإحداث أزمة في مياه النيل، شريان الحياة في مصر.. ورأينا بعض الهواة يحاولون القيام بدور سياسي أكبر من قدراتهم، وأعقد من بساطتهم، وأعمق من سطحيتهم.. وليست المشكلة في أنهم يقومون بذلك، فلكل الحق في تنمية قدراته.. ولكن المشكلة في أننا نبدو للبعض وكأننا استسلمنا لهذا الوضع، وكأننا قبلنا بهذا التحدي.. رغم معرفتنا بحقيقة الدور المصري في المنطقة، وبحقيقة حجم مصر ووزنها في السنوات الأخيرة. هل نحتاج إلي سياسات من نوع مختلف تقوم علي الإظهار والشو الإعلامي أكثر من تركيزها علي الانجاز نفسه؟ هل نحتاج إلي سياسات هجومية تخيف الآخرين بدلاً من أن تحاول لم شمل العرب تحت راية واحدة؟ هل نحتاج إلي وسائل إعلام زاعقة أكثر من حاجتنا إلي وسائل إعلام موضوعية؟ ما السبيل لكي نبرز للآخرين، وأقصد رجل الشارع العربي وليس المسئولين العرب، حقيقة الأدوار المصرية المشرفة في قضايا العرب المختلفة؟ أسئلة تحتاج إلي إجابة. (وللرسالة بقية)