خلال يومين متتاليين نشرت صحيفتا "المصري اليوم" و"الشروق" علي صدر صفحتيهما الأولي تقريرين زعمت فيهما فكرة الانفراد، والنشر لأول مرة، والحصول علي وثائق، مما يعطي إيحاء لقارئ الصحيفتين بأنهما تميزتا مهنيا عن سائر الصحف اليومية الأخري وهو أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة. في عدد "المصري اليوم" الصادر الأربعاء 6 أكتوبر كتبت الصحيفة في صدر صفحتها الأولي تقريرا بعنوان: "وثيقة إسرائيلية تكشف: ديان قال لجولدا مائير بعد 25 ساعة من حرب أكتوبر: علينا الهروب أو الاستسلام" ويشير مضمون التقرير إلي أنه يعتمد علي محضر اجتماع عقدته الحكومة الإسرائيلية بعد 25 ساعة من اندلاع حرب أكتوبر، وأفرجت عن المحضر هيئة أرشيف الدولة الإسرائيلية وسمحت بنشره علي الناس، وبغض النظر عن محتوي المحضر الذي نشر في نفس اليوم في الصحف المصرية ومعظم الصحف العربية نقلا عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية التي نشرت محضر الاجتماع، فقد فاجأت المصري اليوم الجميع بالقول "حصلت المصري اليوم علي نسخة كاملة منها". ومعروف أن أي صحيفة تحصل علي وثيقة تنشر صورة لها، لكن الغريب والمعيب مهنيا أن "المصري اليوم" نشرت في صفحتها الأولي صورة للموضوع المنشور في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية وكتبت تحتها أنها صورة من الوثيقة الإسرائيلية! ويعني هذا الأمر أن الصحيفة الخاصة لا تحترم قواعد وأصول مهنة الصحافة، أو أنها تحاول التدليس علي القارئ، أو أن القائمين علي أمرها لا يعرفون ما هو الفرق بين الوثيقة وصورة صحيفة نشرت وثيقة، أو أنهم يعتبرون أن صفحات الصحف الإسرائيلية وثائق مهمة تستحق النشر في الصفحة الأولي باعتبارها وثيقة ذات مرجعية وحجية كبيرتين! أما "الشروق" فقد نشرت في صفحتها الأولي الخميس 7 أكتوبر تقريرا بعنوان: "الشروق تنشر لأول مرة خطاب بدء الحرب بخط يد الرئيس السادات" ومع متن الخبر نشرت الصحيفة صورة خطاب التوجيه الاستراتيجي كتبه الرئيس الراحل أنور السادات بخط يده إلي وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل علي. ومن المعروف والمعلوم أن هذا الخطاب ليس سريا فقد نشر من قبل في عدة كتب وصحف وعلي مواقع إلكترونية، وهو بالمناسبة موجود منذ سنوات علي موقع الرئيس أنور السادات علي الإنترنت، وصفحة الرئيس السادات علي موقع مكتبة الإسكندرية، وموقع مقاتل من الصحراء الذي أسسه السعودي الفريق خالد بن سلطان منذ سنوات.. وسنوات.. وبالطبع صورة الخطاب منشورة علي مئات المواقع الإلكترونية. ولم أفهم ماذا تعني الشروق بأنها تنشر لأول مرة الخطاب، فهل المقصود أنها تنشره لأول مرة باعتبارها صحيفة وليدة لم تكمل بعد عامها الثاني، ويعتبر القائمون علي أمرها أن الصحافة ولدت مع "الشروق"، أم هو نوع من عدم المعرفة.. أم غياب للقواعد والمعايير المهنية؟ تقريبا في كل يوم هناك سقطات وغياب المهنية والموضوعية في معالجات الصحافة الخاصة والقومية والحزبية، وقد آن الأوان أن تراجع الصحافة المصرية ما تنشره، لأن الكثير مما ينشر مصحوبا بعناوين لأول مرة ووثائق حصلنا عليها وغيرها من العبارات التي تعطي إيحاءات غير صحيحة هو نوع من "الهجص" المهني!