تناقلت وكالات الأخبار العالمية والمحلية أخبار ترقية الخضروات والفواكه وحلولها محل اللحوم والأسماك وبخاصة في العناوين الرئيسية.. وكانت هذه الترقية المحمودة نتيجة زيادة هائلة في أسعار جميع أنواع الخضروات وعلي رأسها الطماطم، وجميع أنواع الفواكه علي حد سواء.. مما أهّل تلك السلع التي كانت في مرتبة دنيا من الأسعار أن تترقي بسرعة شديدة وتطيح بسابقاتها من اللحوم وأتباعها.. وإحقاقا للحق فإن الأسعار الجنونية للحوم وأتباعها في وقت سابق وعروض الناس بوجه عام عنها قد ساهم كثيرا في ابتعادها عن منصبها القديم الذي احتلته لعقود من السنوات في صدر العناوين الاقتصادية وفي الأحاديث اليومية للمواطنين.. ونتج عن وصول سعر كيلو اللحمة إلي درجة الغليان من الجنيهات أن عزف المواطنون عن أكلها والحديث عنها.. وبالتالي لم تعد وكالات الأنباء تهتم بأخبارها كثيرا.. وأدي هذا بالتالي إلي ترقية الخضروات والفواكه وحلولها محل اللحوم.. ومن الأسباب التي أدت إلي هذه الترقية أيضا أن الساحة الغذائية قد فرغت في الفترة السابقة من المنافسين الحقيقيين للخضروات والفواكه.. فقد ارتفعت أسعار سلع غذائية كثيرة لدرجة مذهلة جعلت عزوف الناس عنها أكلا وحديثا متكررا.. وصارت تلك السلع بالنسبة للمواطنين إما محرمة أو تستهلك بنسبة ضئيلة علي حسب أهميتها علي مائدة المواطنين.. ولم يتبق للمواطن محدود الدخل سوي الخضروات والفواكه لملء البطون واتقاء شر الجوع.. لكن تلك الترقية لم تلق التهنئة المناسبة من المواطنين، بل راحوا يكيلون النقد اللاذع لسلع طالما اعتادوا منذ أزمنة أجدادهم أن يعتبرونها في منزلة قليلة الأسعار وفي متناول اليد وتكفي لغذاء الفقراء مهما كان فقرهم.. بل تفننوا في تزيين موائدهم بها حتي وإن خلت من اللحوم وأتباعها.. وكان المصريون القدماء قد قاموا بزراعة تلك الخضروات والفواكه منذ قديم الأزمان وعرفت الشعوب المجاورة لهم أن خضروات مصر وفاكهتها لا ألذ ولا أكثر منها.. مما جعل ارتفاع منزلة تلك السلع في بلدنا ما لا يمكن تصوره.. ولم يعد أمام المواطنين بعد تصريحات الترقية الأخيرة للخضروات والفواكه، وبعد إحساسهم المحزن بالرثاء لأنفسهم سوي استعادة أبيات الشاعر المصري الشهير بشاعر النيل حافظ ابراهيم عندما قال: أيها المصلحون ضاق بنا العيش.. ولم تحسنوا عليه القياما عزت السلعة الذليلة حتي.. بات مسح الحذاء خطبا جساما وغدا القوت في يد الناس كالياقوت.. حتي نوي الفقير الصياما ويخال الرغيف في البعد بدرا.. ويظن اللحوم صيدا حراما إن أصاب الرغيف من بعد كد.. صاح من لي بأن أصيب الإداما أيها المصلحون أصلحتم الأرض.. وبتم عن النفوس نياما أصلحوا أنفسا أضر بها الفقر.. وأحيا بموتها الآثاما