بالأمس القريب، كان الأنبا بيشوي يوجه النقد للمجتمع وللدولة لأنهما سمحا لكل من محمد عمارة وزغلول النجار بازدراء المسيحية، كما انتقد موقف الدولة من قبل في استضافة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي علي قنواتها الرسمية ليفسر آيات الكتاب المقدس حسبما يتراءي له، وكان له كل الحق في ذلك.. ولا يمكن لأي من أصحاب الدولة المدنية أن يرفض ما قاله الأنبا بيشوي حينذاك من تمسكه بثوابت المسيحية ومن رفضه لازدرائها. واليوم يقوم الأنبا بيشوي بما كان يرفضه بالأمس، ويطالب المسلمين بمراجعة آيات القرآن الكريم.. لتبدأ مرحلة مختلفة من السجال الديني الدائر في المجتمع المصري، فعل الأنبا بيشوي فعلته.. وعلي رجل الشارع العادي أن يدفع ثمن أخطاء الأنبا بيشوي الذي يجلس في قلايته المعزولة عن فوضوية الشارع المصري وطائفيته التي لن تطال الأنبا بيشوي بأي حال من الأحوال مثلما تطال غيره من المسيحيين المصريين. لم يفكر الأنبا بيشوي لحظة في ردود الأفعال المترتبة علي تصرفاته.. لم يفكر فيما يمكن أن يروج له شخص جاهل بصحيح الدين في منبره بأحد الزوايا الصغيرة في أي حي عشوائي علي حدود القاهرة. أو فيما يمكن أن يقوم به شاب في مقتبل العمر.. دفاعاً عن دينه. أود أن أسأل الأنبا بيشوي: ما الهدف من تلك التصريحات المستفزة؟ وهل تقبل أن يطلب منك أحد أن تراجع آيات الكتاب المقدس؟ وهل حدوث هجوم من البعض غير المنضبط دينياً ووطنياً علي المسيحية.. يعطيك المبرر أن تقوم بالدور نفسه.. بدلاً من أن تلجأ لقوة الدولة من خلال قوانينها وإجراءاتها؟. للأنبا بيشوي مواقف معلنة وصريحة ضد المدعو القمص زكريا بطرس الذي يستحسن الهجوم علي القرآن الكريم والتشكيك في آياته وتفسيرها حسب وجهة نظره التي يريد أن يؤثر بها في كل من يشاهده. واليوم يقوم الأنبا بيشوي بالدور نفسه باحتراف وتقمص للدور الذي يلعبه أمام المجتمع لأهداف غير معلنة ربما يأتي في نهايتها وهم الدفاع عن المسيحية. إن هجوم الأنبا بيشوي، والهجوم المضاد من د. محمد سليم العوا، ثم هجوم الأنبا بيشوي مرة أخري هو صراع الرموز الدينية التي كان من المفترض فيها الرصانة والموضوعية، ولكن في غفلة من زمن تحول الأمر إلي مباراة تحدٍ بين فريقين.. وجب أن ينتصر أحدهما وينهزم الآخر. لا أخفي سراً حين أكتب أنها المرة الأولي التي أكتب فيها عمودين منفصلين (ضد المواطنة).. يناقش كل منهما شخصية وقضية مختلفة، بالأمس فرضت الأحداث نفسها، وكتبت عن رفيق حبيب الذي انتصر للجماعة الإخوان المحظورة بدون أي مشكلة، واليوم أكتب عن الأنبا بيشوي الذي انتصر للطائفية بدون أي حرج شخصي للمجتمع الذي يعيش فيه أو للمسيحيين المصريين الذين من المفترض أن يكون أشد حرصاً عليهم.. علي اعتبار أنه الأسقف والراعي وسكرتير للمجمع المقدس.