ليس نزيفا للدماء فقط وإنما نزيف للدولارات التي تفر هاربة من مصر لتعود بمنتجات أكثر ضعفا تتسبب في قتل الأبرياء دون أن يكون هناك رادع لمستوردي الإطارات غير الصالحة للاستخدام الآدمي سوي مواصفة قياسية وليدة لا تستطيع وحدها مواجهة الغزو العشوائي من الواردات في ظل محدودية الإنتاج واضطرار الشركتين المصريتين لتصريف إنتاجهما في الأسواق المجاورة تاركة السوق المحلي لقائمة طويلة من الموردين الأجانب. فالارقام والاحصاءات التي كان يجب أن تثير حفيظة جميع الوزارات والجهات المعنية 21% من حوادث الطرق التي ذهب ضحيتها وفقا لآخر احصاء نحو 7 آلاف مواطن في 35 ألف حادث كان بسبب انفجار الإطارات وعدم صلاحيتها .. السؤال المطروح حاليا هو لماذا لم تمتد يد العون للصناعة المحلية التي تعاني من إغراق السوق بالواردات مما اضطرها لتقليل طاقاتها الإنتاجية وتسريح نحو ألفي عامل بعد منافسة ضارية مع 108 ماركات موجودة بالسوق. اليابان وإندونيسيا والصين أكبر الموردين.. وإسرائيل تدخل علي الخط في الوقت الذي لا يتعدي فيه إنتاجنا السنوي مليون إطار سيارات أغلبها توجه للتصدير بخلاف إطارات النقل الثقيل التي تلقي رواجا بالمقارنة بإطارات الملاكي التي يزيد الاقبال فيها علي الإطارات المستوردة ليصل حجم وارداتنا من الإطارات 1.6 مليار جنيه مصري بإجمالي 1.3 مليون إطار سنويا في حين نصدر بنحو 268 مليون جنيه بإجمالي 345.7 ألف إطار سنوي وبلغة الأرقام فإن اليابان تحتل المركز الأول في الدول الموردة للاطارات لمصر، وذلك بنحو 132.8 ألف إطار سنويا بقيمة 293.6 مليون جنيه ثم تأتي بعد ذلك تايلاند بقيمة 207.2 مليون جنيه بنحو 173.7 ألف إطار سنويا، أما الإطارات الصيني فتأتي في المرتبة الثالثة بالنسبة للموردين الأجانب بقيمة 200.2 مليون جنيه انقسمت بين إطارات واردة من جمهورية الصين الشعبية وإطارات واردة من هونج كونج بقيمة 709 آلاف جنيه. وتوزعت باقي الواردات بين كوريا الجنوبية ب 134.4 مليون جنيه بنحو 71 ألف إطار سنويا والهند ب 68.8 ألف إطار وفرنسا بنحو 50 ألف إطار وألمانيا ب 31.4 ألف إطار فضلا عن عمان وسنغافورة وفيتنام وباكستان وتايوان والسوق الأوروبية المشتركة والمملكة المتحدة والنمسا وسيرلانكا والإمارات والولايات المتحدةالأمريكية وجمهورية جنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين. اللافت للنظر والذي كشف عنه التقرير الرسمي أن مصر تستورد إطارات إسرائيلية بنحو 329.7 ألف جنيه سنويا رغم تعدد قائمة الموردين للإطارات. وفيما يخص الصادرات فإن أغلب صادرات الإطارات من مصر تكون للدول العربية والافريقية المجاورة فضلا عن عدد من الدول الأوروبية وتعد إيطاليا أكثر الدول التي تصدر لها محتلة رأس القائمة وذلك بنحو 57.4 مليون جنيه ثم السعودية بنحو 23 مليون جنيه والمغرب 36.6 مليون جنيه وسوريا والأردن والجزائر والسودان واليمن وتونس ولبنان والكويت واليونان وتركيا ورومانيا واسبانيا وألمانيا إلي جانب عدد من الدول الأفريقية وتشمل اثيوبيا وأوغندا وتوجو والصومال والكاميرون والكونغو ومالي والسنغال وساحل العاج وزيمبابوي وزامبيا وغانا وغينيا وذلك بإجمالي صادرات بقيمة 268.3 مليون جنيه ونحو 345.7 ألف إطار سنويا. .. وشركتان محليتان فقط لإنتاج «نسر» و«بريللي» تواجه الصناعة المحلية لإنتاج الإطارات منافسة غير شريفة مع دول شرق آسيا في ظل إغراق السوق المصري بمنتجات رديئة ومخالفة للمواصفات وبأسعار تقل عن المنتج الوطني مما يجعلها تجد رواجًا داخل السوق. اكتشفت«روزاليوسف» عن أن هناك شركتين محليتين فقط لإنتاج الإطارات في مصر هي شركة النصر والتابعة لقطاع الأعمال والشركة الثانية بريللي قطاع خاص وقد تأثرت بإغراق السوق بالسلع الرديئة مما جعلها تخفض من طاقتها الإنتاجية لمواجهة سيل الفيضانات من السلع المغرقة. يقول هشام موسي إخصائي مبيعات بشركة النقل والهندسة للإطارات «نسر» تعتبر شركة النقل والهندسة الكيان الوطني الوحيد المنتج للإطارات بجميع أنواعها إذ أنها إحدي الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية التي بدأت إنتاجها عام 1956 وتشتهر ماركتها «بإطارات النسر» موضحًا أن الشركة تنتج مختلف الإطارات سواء الخاصة بسيارات الركوب والشاحنات والنصف نقل والجرارات الزراعية والمقطورات والدراجات والموتوسيكلات وكشف إخصائي المبيعات بشركة النسر عن أهم التحديات التي تواجه الشركة والتي تأتي علي قائمتها إغراق الأسواق بالإطارات المستوردة غير المطابقة للمواصفات القياسية ويتم بيعها بأقل من تكلفتها بنسبة تصل إلي 20% مما يهدد المصانع الوطنية وتشريد العمالة وتخفيض الطاقات الإنتاجية مؤكدًا أن الشركة تعمل حاليًا ب25% من طاقتها الإنتاجية وذلك بسبب وجود منتجات في السوق بأسعار زهيدة يتم استيرادها من دول شرق آسيا وعلي رأسها الإطارات الصينية والهندية مؤكدًا أنه يتم ضرب الفواتير للتهرب من الجمارك حيث يتم احتساب الإطار البالغ قيمته 200 جنيه ب50 جنيهًا كنوع من أنواع التهرب الضريبي. قال إن الإطار المستورد يتم بيعه في السوق المحلي ب180 جنيهًا في حين أن الإطار المحلي ب240 جنيهًا شاملاً الضريبة مما يعطي الفرصة للمستورد في إطلاق عنانه حيث أنه مازالت لدي المستهلك ثقافة الأرخص حتي لو كان رديئًا متناسبًا إن الإطارات إحدي الصناعات المغذية الأساسية في السيارة التي يجب أن تكون مطابقة للمواصفات القياسية كنوع من أنواع الوقاية والسلامة. قال موسي: إنه لا يوجد ضوابط علي المنافذ الجمركية مطالبًا بضرورة إخضاع الإطارات المستوردة لاختبارات من أكثر من جهة لكي لا يحدث تحايل موضحًا أن شركة النقل والهندسة حاصلة علي شهادات الأيزو لالتزامها الكامل بالمواصفات العالمية لذا كانت إحدي الجهات التي لها الحق في إخضاع هذه المنتجات المستوردة للاختبارات حتي تتم الموافقة علي دخولها البلاد. انخفاض العمالة أشار إلي أن حجم العمالة انخفض من 4500 عامل إلي 1650 عاملاً وذلك بعد خروج ثلاث دفعات للمعاش المبكر مشيرًا إلي أنه ينافس الشركة 108 ماركات عالمية معظمها من دول جنوب شرق آسيا وأكثرها مجهولة الهوية مما نتج عنه انخفاض الطاقات الإنتاجية بالمصانع. تخوف إخصائي المبيعات بشركة النقل والهندسة للإطارات بالإسكندرية توقف مشروع الشراكة مع إحدي الشركات الإندونيسية بخروج الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار من الوزارة وتوليه منصبه الجديد باعتباره أحد الدعائم المتبنية هذا المشروع وكان من المقرر إتمام الصفقة أوائل الشهر القادم مناشدًا الحكومة بإتمام الصفقة حيث إنها طوق النجاة لصناعة الإطارات الوطنية حيث إن الشركة القابضة للصناعات الكيماوية تمتلك الحصة الكاملة. يقول المهندس هشام البنهاوي مدير المبيعات بشركة بريدجستون العالمية للإطارات أنه يوجد بالفعل إطارات مخالفة للمواصفات القياسية العالمية مما يهدد حياة المواطنين بالإضافة إلي الممارسات الخاطئة للأشخاص حيث لا توجد لديهم الخبرة الكافية للتعامل والتعرف علي الإطارات. يوضح البنهاوي أنه توجد حملات تقوم بها الشركة لتوعية المستهلكين علي جميع الفئات سواء عمالاً أو موظفين أو طلابًا بالجامعات وذلك عن طريق عقد لقاءات وندوات موسعة تهدف لتوعية السائق بالمشاكل التي قد تصادفه جراء تعطل الإطارات إما عن طريق الضغط الهوائي الزائد مما يؤدي لانفجارها أو حدوث انحرافات للزوايا وذلك كله يُعرض حياة المواطنين للخطر. يشير البنهاوي إلي أن هناك إطارات محمية من تسرب الهواء مما يزيد من صلابته ومقاومته للحرارة بحيث يستطيع الإطار تحمل وزن المركبة مع دورانه دون نفاذ الهواء منه. ويشير إلي أن الإطارات اليابانية تتصدر مبيعات الشركة موضحًا أن ما يتم التركيز عليه في عملية الاستيراد التأكد من سلامة الصنع وشهادة المنشأ منوهًا أن الشركة تمنح 4 سنوات ضمانًا علي المنتج ويتم الكشف الدوري عليه. قال: إنه يوجد في مصر 35 ماركة للإطارات المستوردة نافيًا أنه يتأثر بالإطارات المخالفة للمواصفات القياسية حيث إن ماركة شركته عالمية وأن المنتج الجيد يفرض نفسه. استيراد عشوائي يقول المهندس فاروق رياض نائب رئيس شعبة المطاط باتحاد الصناعات أن هناك استيرادًا عشوائيا للإطارات من الصين وتايوان بأقل من التكلفة الحقيقية للمنتج المحلي مما هدد كثيرًا من المصانع بالإغلاق والبعض الآخر بتخفيض طاقته الإنتاجية موضحًا أن الشعبة تلقت العديد من الشكاوي من الصناع تطالب فيها بحظر عمليات الاستيراد من أسواق مجهولة المنشأ. يشير نائب رئيس الشعبة إلي أن هناك أساليب لدخول المنتجات الرديئة وذلك عن طريق إدخال خامات مطاط مستوردة غير مطابقة للمواصفات ثم يتم إجراء العملية التصنيعية بعد صهرها ووضعها في قوالب الإطار سواء داخليًا أو خارجيًا. وطالب رياض بضرورة إحكام المنافذ الجمركية لمنع دخول مثل هذه المنتجات التي تغرق الأسواق مشيرًا إلي أنه يوجد مصنعان فقط لإنتاج الإطارات في مصر الأول شركة النقل والهندسة وتابعة لقطاع الأعمال ويصل حجم إنتاجها 400 ألف إطار سنويًا والشركة الثانية شركة الإسكندرية للإطارات «بريلي» وتعمل في إطار النقل الثقيل فقط وتنتج 600 ألف إطار سنويًا يوجه 40% من إنتاجها للتصدير. مواصفات فنية يوضح الدكتور نبيه السمري عضو مجلس إدارة شعبة الصناعات المغذية باتحاد الصناعات أن المواصفة الخاصة بالإطارات تعتبر من المواصفات الفنية الكيميائية علي أساس أن المدخل الأساسي والمكون للإطار عبارة عن خليط من المطاط بمعايير معينة حيث أنه في حالة عدم الالتزام بهذه المعايير إما تزيد نسبة المكون فيكون المنتج النهائي لينًا مما ينتج عن تقطعه وعدم تحمله الطرق الوعرة الموجودة في مصر أو يكون المخلوط ناقصًا فيكون المنتج «جامدًا» فينتج عنه انشقاقات تؤدي إلي الانفجار. أضاف عضو مجلس إدارة الصناعات المغذية أنه لابد من توافر عناصر الأمان علي الطريق بتحقيق ثلاثة عوامل هي حالة السيارة والطريق نفسه والسائق . أشار إلي أن المواصفات القياسية الجديدة للسيارات وقطع الغيار التي وضعتها وزارة التجارة والصناعة ستحقق معايير الأمان والسلامة المطلوبة علي الطرق وتتناقص الحوادث والخسائر الناتجة منها سواء في عدد الوفيات أو من الناحية الاقتصادية حيث أثبت الإحصائيات أن 40% من حوادث الطرق ناتجة عن عيوب في السيارة.