عرض - هالة عبدالتواب هو رجل يثير جدلاً كبيراً في فرنسا، حيث يطلق عليه "الإمام الجمهوري"، في إشارة إلي سعيه للتوفيق بين قيم الجمهورية الفرنسية ومبادئ الإسلام. فيما يري خصومه أنه "إمام المخابرات الفرنسية" التي جعلت منه قنبلة صوتية. يؤمن حسن شلغومي أن الإسلام ليس بديلاً عن الهوية، فالإسلام في رأيه أسلوب حياة ونظام قيم. ويحث المسلمين في فرنسا علي تأكيد الانتماء إلي الدولة مع التمسك بقيم الإسلام في الوقت ذاته. وهو يحث الشباب المسلم في فرنسا علي احترام دولتهم وعلمها ونشيدها الوطني، مشيراً إلي أن أزمة المسلمين في أوروبا مرجعها أنهم "يضعون قدماً في أوروبا وأخري في أوطانهم." وفي كتابه الأخير الذي حمل عنوان "من أجل إسلام فرنسي" و الذي تعمد أن يتزامن صدوره مع نهاية شهر رمضان والاحتفال بالعيد ، يؤكد شلغومي ، إمام مسجد درانسي أن الكتاب ليس بصدد "إختراع " إسلام جديد ، أو تحليل ما حرمه الإسلام بنصوص واضحة صريحة ، بل إعادة تعريف قيم الإسلام السامية بما يتلاءم مع قيم الوطن الذي يعيش فيه المسلمون الفرنسيون برفض البرقع وتعدد الزوجات حيث يؤيد شلغومي سياسة الحكومة الفرنسية بالحظر الكامل لارتداء النقاب، ويوضح أنه انتشر نتاجاً لحركة سياسية بعينها، وأن جمهور الفقهاء لا يري ضرورة لتغطية الوجه. حتي إن الإمام حسن شلغومي الذي يعيش في ضاحية درانسي التي يقطنها كثيراً من المسلمين قد ذهب إلي أبعد من ذلك بدعوة إن النساء اللاتي يرغبن في تغطية وجوههن أن يرحلن إلي السعودية أو أي دولة إسلامية أخري يكون فيها النقاب تقليدا. وكان شلغومي- 36 سنة- قد أكد أكثر من مرة في حوارات صحفية تأييده للحظر القانوني للبرقع "الذي لا مكان له في فرنسا وهي دولة تملك فيها المرأة حق التصويت في الانتخابات منذ عام 1945، وأضاف شلغومي الذي تلقي تهديدات بالقتل لترويجه للحوار مع اليهود ولتأكيده الدائم بأن النقاب لا أساس له في الإسلام و"يخص تقاليد أقلية ضئيلة تعكس فكرا يسيء للدين الإسلامي".إلا إنه انتقد بعض الإجراءات الأشد صرامة التي اقترحها سياسيون محافظون مثل فرض غرامات أو قطع الدعم عن أطفال الأم المنتقبة.لكن الإمام المولود في تونس والحاصل علي الجنسية الفرنسية وافق علي أنه لا ينبغي أن تمنح فرنسا الجنسية للمهاجرات المنتقبات. ودائما ما صرح شلغومي وهو إمام مسجد في درانسي التي كانت موقعا خلال الحرب العالمية الثانية لمعسكر لاحتجاز اليهود قبل نقلهم إلي معسكرات النازي أن "البرقع سجن للنساء ووسيلة للهيمنة الجنسية وتلقين التشدد الإسلامي." فمن بين آراء شلغومي المثيرة للجدل أيضا ، تأكيده أن المسلمين في فرنسا ليس لديهم مصالح في إنكار محرقة اليهود، وهو يداوم علي زيارة موقع شهد ترحيل أكثر من 70 ألف يهودي من فرنسا إلي ألمانيا، وعلي حد تعبيره إنه يجب التفريق بين الرغبة في التعايش مع مسلمي ويهود فرنسا، وبين إسرائيل كدولة تنتهج سياسة اغتصاب وتشريد الفلسطينيين.وأضاف أن الإسلام يدعو للتسامح والتعايش، داعياً إلي الاستفادة من تجربة اليهود في فرنسا الذين نجحوا في الاندماج مع المجتمع دون أن يفرطوا في ديانتهم. وكان شلغومي من بين -40 - شخصية علمية ودينية إسلامية فرنسية التقت بالرئيس الأمريكي أوباما بعد توليه رئاسة أكبر قوة في العالم وخاصة بعد الخطاب الذي وجهه للعالم الإسلامي في القاهرة في يوليو 2009. وحرص شلغومي أن تكون الرسالة التي وجهها للرئيس الأمريكي تعبر عن صورة طبيعية للإسلام ،صورة عن الإسلام المتسامح الذي تعلمه منذ صغر سنه في حي الزهور في العاصمة تونس وفي معهد العلوية، ثم في جامعات ومؤسسات عربية وإسلامية عديدة بدمشق ونيودلهي وباريس، الإسلام الذي يدعو إلي الحب والرحمة والمودة والتضامن بين الاغنياء والفقراء، بين القوي والضعيف، ويتعامل مع أخطاء الإنسان مهما كانت علي أساس أنها جزء من الماضي، وأن الأهم هو التوبة إلي الله واحترام الآداب والأخلاق الإسلامية» والإيمان بقاعدة «إن الله عفو غفور» والتماس أعذار لمن أخطأ سابقا علي أن يفكر خصوصا في الإحسان مستقبلا إلي إخوانه البشر مهما كانت معتقداتهم بعيدا عن منطق الثأر وعقليات العنف والتشدد والتعصب لأن الإسلام دين قام علي الحب احترام الآخرين والاعتراف بالأديان الأخري وبالأنبياء السابقين وقد خصص القرآن الكريم مئات الآيات التي تتحدث عن بني إسرائيل وأنبيائهم وعن المسيحيين والسيدة مريم والنبي عيسي عليه السلام فلا يمكن اليوم الترويج لإسلام يبرر العنف والقتل والحقد والانتقام من منطلقات دينية سياسية مهما كانت الأخطاء الفادحة التي ارتكبت في حق المسلم سابقا. ونقل شلغومي لأوباما وقادة البيت الأبيض والكونجرس رغبة المسلمين في سلام حقيقي وشامل في المستقبل وأملهم في تعاون أكبر بين المسيحيين واليهود والمسلمين برغم أخطاء بعض المتشددين والمتطرفين غير المسلمين في المراحل السابقة ومن بينهم الرئيس الأمريكي السابق بوش والمقربون منه من بين صقور الإدارة الأمريكية السابقة والذين تبرأ منهم باراك أوباما منذ مرحلة الحملة الانتخابية التمهيدية ثم مباشرة بعد فوزه في نوفمبر الماضي، وبقي متسقا مع المبادئ التي طالما تحدث عنها وبثها في خطبه، خصوصا في الخطاب الذي توجه به في القاهرة إلي حوالي مليارين من المسلمين في العالم رافعا لافتة السلم بقوله «السلام عليكم». وسنذهب إلي واشنطن لنقول له:«وعليكم السلام ورحمة الله».