نشرت مجلة "المجلة" يوم الأحد الماضي مقالاً مهماً تحت عنوان رئيسي: (من المسجد إلي الرئاسة) وعنواناً آخر فرعي: (الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة)، ولقد اشترك في كتابته كل من: إليزابيث إسكندر (مديرة برامج الأبحاث بمؤسسة القرن الجديد والمتخصصة في الشئون المصرية) والباحث الشاب مينا منير (الكاتب والمترجم). يتناول المقال ملاحظة مهمة، وهي مسألة استغلال المشاعر الدينية من أجل الفوز بالشرعية السياسية، وهي الاستراتيجية المتبعة علي مر العصور بداية من الإسكندر الأكبر الذي سعي للحصول علي لقب ابن الإله آمون، ومروراً بنابليون بونابرت الذي ادعي أنه يحترم الدين الإسلامي ويرغب في التعاون مع رجاله في بداية غزوه لمصر، وصولاً إلي إطلاق لقب (الرئيس المؤمن) علي الرئيس الراحل أنور السادات. ومؤخراً استغل د. محمد البرادعي المدخل الديني أو بمعني آخر التوظيف السياسي للدين من أجل الحصول علي شرعية سياسية مفترضة. وهو ما ظهر من خلال تصريحاته في شهر فبراير الماضي بعدم استبعاده إقامة علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناً. ثم قيامه بأداء صلاة الجمعة بمدينة الفيوم في يونيو الماضي وسط العديد من مؤيديه ومن ضمنهم أعضاء من الجماعة المحظورة. حذر المقال من خطورة استخدام البرادعي للمسجد كقاعدة انطلاق للقفز علي الساحة السياسية المصرية.. رغم إدراكه الجيد لأهمية المدخل الديني بالنسبة للشعب المصري، وما يمكن أن يترتب علي ذلك من زيادة التطرف. وإذا كنت أتفق فيما سبق مع ما جاء بالمقال، فإنني أختلف معه في بعض الأفكار علي غرار: - لم تمنع المادة 76 المرشحين المستقلين من التنافس في الانتخابات الرئاسية، ولكنها اشترطت أن يؤيد المرشح المستقل للرئاسة 250 عضواً علي الأقل من الأعضاء المنتخبين بما لا يقل عدد المؤيدين عن 65 عضواً من مجلس الشعب، و25 عضواً من مجلس الشوري، و10 أعضاء من المجالس الشعبية المحلية لكل محافظة بما لا يقل عن 14 محافظة. - لا أعتقد في صحة الطرح الذي جاء بالمقال من أن الحزب الوطني يسعي إلي الحفاظ علي ولاء المؤسسات الدينية الكبري بهذا الشكل القاطع. كما أختلف أيضاً مع فكرة أن تأييد المؤسسات الدينية قد منح الحزب الوطني قشرة ظاهرية من الشرعية أمام الشعب المصري.. فالأمر ببساطة أن القاعدة البشرية العريضة من أعضاء الحزب والتي تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين عضو هي التي منحت الحزب شرعيته. - إن الحديث علي اعتبار أن البابا شنودة الثالث يعتبر زعيماً سياسياً وممثل الأقلية القبطية أمام الدولة.. هو تكريس لما تروج له جماعات الإسلام السياسي الآن. وهو ما يضع الكنيسة أمام المجتمع في مواجهة طائفية من جهة، كما يضعها في مواجهة مع الدولة المصرية من جهة أخري من خلال حديث الاستقواء. أتفق تماماً مع فكرة محورية.. جاءت في سياق هذا المقال المهم، وهي أن استخدام الدين في الوصول إلي العامة هو أمر سهل لأنه متوقع ومقبول، ولكنه أيضاً يعوق التطور الديمقراطي.