ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد نقلاً عن مجلة فورين بوليسي -ترجمة - ابتهال مخلوف أقام الرئيس أوباما أمس مأدبة عشاء لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك لبدء الجولة الجديدة من المحادثات المباشرة بين المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين. لكنني أعتقد أن ذلك المجهود لن يذهب بعيداً، لأن الجانبين متباعدان جدا كما لن يكون لإدارة أوباما الإرادة السياسية لدفعهم نحو تقديم التنازلات الضرورية. وعلاوة علي ذلك، هناك بضعة تلميحات أن إدارة أوباما علي وشك تكرار نفس الأخطاء التي قضت علي جهود ادارة الرئيس بيل كلينتون لصنع السلام في الشرق الأوسط ومحاولات ادارة الرئيس جورج بوش -الاٌقل إخلاصاً - مثل خارطة الطريق وقمة أنابوليس التي ولدت ميتة. وفي الاسبوع الماضي قدمت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ملخصاً لمؤتمر عبر الهاتف بين مستشاري الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، وهم "دينس روس" و"دان شابيرو" و"وديفيد هيل" من جانب وعدد من قادة المنظمات اليهودية الأمريكية ذات النفوذ من جانب آخر بهدف وضع اتفاق "اطار عمل" بين الجانبين يمكن تنفيذه علي مدي يتجاوز عشر سنوات. لكن، ألم نشاهد هذا الفيلم من قبل؟ فهذه الفكرة تبدو كبيرة الشبه باتفاقية أوسلو التي وضعت ايضا كإطار عمل من أجل السلام، ولكن بسبب تأجيل القضايا الصعبة الي النهاية وعدم وجود موعد نهائي للوصول للحلول الرئيسية قد يجعل من القمة نسخة جديدة من قمة خارطة الطريق وانابوليس، أي تصبح قطعة من الورق توضع فوق الأرفف حتي تحين الظروف الملائمة لتنفيذها. وأعتقد ان ذلك هو ما جعل أحد المراقبين المخضرمين مثل هنري سيجمان يندد بعملية السلام الطويلة ويصفها بأنها "عملية احتيال" وهنا تكمن المشكلة، فما لم يكن الإطار الجديد محدداً ومفصلاً تجاه القضايا الجوهرية مثل الحدود ووضع القدسالشرقية ومشكلة اللاجئين، سيكون لدينا مرة أخري المشهد ذاته الذي يجد فيه المفسدون من كل طرف الحافز للقيام بكل ما في وسعهم لعرقلة العملية. يمكنني ان اتصور بسهولة أن نتنياهو ومتشددين آخرين سعداء مع تلك الترتيبات، لأنها ستكون قادرة علي الحفاظ علي توسيع المستوطنات (إما علنا أو سرا)، في حين تستمر المحادثات، وهو ما لم يحدث من أي وقت مضي منذ أوسلو (ومن المفارقات أن أعضاء حماس قد يرحبون سراً بهذه النتيجة أيضا، لأن من شأنها تشويه سمعة مزيد من المعتدلين مثل عباس وفياض. كما أن المبرر ضعيف جداً لأن تقوم أمريكا بعمل افضل مما انجز في تسعينيات القرن الماضي. وتكمن المفارقة الكبري في المفاوضات في أن الولاياتالمتحدة مستعدة وقادرة علي ممارسة ضغوط كبيرة علي كل من حركتي فتح وحماس - ولو بطرق مختلفة- علي الرغم من أن ذلك أشبه بعصر الليمون الجاف الآن، وقد اعترفت حركة فتح بالفعل بحق اسرائيل في الوجود واستسلمت لعدم المطالبة ب 78 % من فلسطين وتجري المساومة علي نسبة 22% فقط المتبقية رغم أنه تنتشر فيها المستوطنات اليهودية التي يعيش فيها نصف مليون نسمة. ويجب علي اسرائيل أن تقدم تنازلات رئيسية وأكبر، لأنها ببساطة هي سلطة الاحتلال ووجودها في الضفة الغربية وسيطرتها الفعلية علي غزة يجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية. وقد يعتقد البعض أن ذلك ليس عدلاً لكن التحدي هو كيف نخلق "دولتين لشعبين" اذا كانت اسرائيل لا تنسحب من تقريبا كل الضفة الغربية؟ وبذلك يمكن لزعمائها الحفاظ علي الطابع الديمقراطي واليهودي، وتجنب أن تصبح دولة الفصل العنصري من خلال السماح للفلسطينيين بإقامة دولة خاصة بهم ويمكن الحياة عليها، وسحب عشرات الآلاف من المستوطنين من الضفة الغربية، حتي لو تم ذلك بتبادل الأراضي وإعادة صياغة الحدود. والأمر المحير هو، لماذا أقحمت إدارة أوباما نفسها في تلك المقامرة عالية الخطورة؟ فالرئيس لن يكون قادرا علي دفع نتنياهو دون أن يواجه الضغوط من" ايباك" والنعيق من نفوذ الحزب الديمقراطي من الداخل . أخمن أن أوباما دخل اللعبة بثقله لأنه وعد بذلك ولأنه يعلم أيضا أن الصراع في المنطقة هو الضرر الأكبر علي مصالح أمريكا الاستراتيجية . بالإضافة إلي ذلك، فإن غريزته السياسية تدفعه للعبة سياسية طويلة وعلي أية حال، فمن الصعب لي رؤية الحكمة في هذه اللحظة من التاريخ. وهنا مجموعة من الأشياء التي يمكن أن تقرأها للحصول علي وجهات نظر أخري. يمكنك أن تبدأ مع"مارتن انديك" المتفائل في مقاله في صحيفة نيويورك تايمز وهو يعرف الكثير عن كيفية إفشال عملية السلام (بعد أن كان لاعبا رئيسيا في إدارة كلينتون لعملية أوسلو) ولكنه يري الآن أن الوقت ملائم كبيئة للتفاوض لصنع السلام أكثر مما كان عليه في أي وقت في العقد الماضي، ولكن آفاق السلام تعتمد علي" إرادة قادة". وبالنظر للقادة المجتمعين في واشنطن ونواياهم تدرك صعوبة تحقيق السلام فليس هناك دليل دامغ علي ان نتانياهو قد تغيرت وجهات نظره أو ان واشنطن ستمارس ضغوطها عليه لفرض اتفاق لكن يمكن لأوباما أن يرسم مساراً جديداً في الشرق الأوسط وعليه أن يدرك المفهوم القديم للمنطقة وأنها منقسمة بين معسكرين: المتشددون والمعتدلون والحل الأنسب لأمريكا القيام بدور فعال وتنسيق جهود مختلف الدول خاصة مع مصر والمملكة العربية السعودية ويمكنها أيضاً القيادة مع آخرين.