جميع أوراق السياسات التي خرجت من أمانة سياسات الحزب الوطني الديمقراطي، وكان لي شرف الاشتراك في إعداد البعض منها، وكذلك موافقة الأمانة العامة للحزب علي تلك السياسات، واشتراك الحكومة (حكومة د.نظيف) عليها كلها-كل هذه الأوراق أثبتت (نظرياً) أن الصناعات التحويلية هي القادرة علي قيادة التنمية في الدولة. رغم أن توجيهات السياسات الاقتصادية في مصر (بلادنا)- قد تحولت من اقتصاد موجه إلي اقتصاد سوق- إلا أن حركة هذا الاقتصاد مازالت تتأرجح بين السوق الموجه والسوق المفتوح (الحر)!!. وهذه ليست دعوة للتوجه إلي الخلف، ولكن بتحليل ما يتم في مصر، نجد أننا لم نستخدم آليات السوق الحر كما هو في الكتاب أو كما هو مرسوم لهذا الاقتصاد من خرائط سياسية، تنفيذية في جميع أرجاء المعمورة فنجد أن النظم الرأسمالية العتيقة في العالم تحكمها توجهات محافظين ويمينيين، تؤمن بالحرية الكاملة (دعه يعمل.. دعه يمر) وهناك تيار آخر يؤمن بدور الدولة -حيث تعطي مزيدًا من الحرية والتحرر وليست علي حساب العدالة الاجتماعية وهذا هو التيار الليبرالي في الأسواق الحرة. نحن لم نعط في تطبيقنا لهذا النظام ذلك البعد الاجتماعي، ولم نستطع أن نحقق تلك المعادلة الصعبة- وهي النمو والعدالة الاجتماعية. وذلك لن يتأتي إلا بنظام ضريبي يحقق العدالة بين المصريين، فليس من المعقول أن يكون هناك نظام ضريبي- يحدد 20% من الإجمالي للدخل بعد خصم المصروفات المعتمدة للتشغيل، وحدود دنيا للمصروفات الشخصية محددة برقم لا يزيد علي خمسة آلاف جنيه سنوياً، وينطبق ذلك علي من يعمل في مليار جنيه وأكثر، وأيضاً علي من يحصل علي ما لايزيد علي ثلاثين ألف جنيه في العام وهذا لا يمثل العدل، مهما كانت الحجج والتبريرات التي تقول بأن الاستقرار الضريبي هو المحفز للاستثمار. ولم نر في دول مثل أمريكا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا واليابان هذه الدول العظيمة في الاقتصاد العالمي لم يتأثر اقتصادها أبداً باستقرار النظم الضريبية فيها عند حد أقصي 20% وطُِبقَّ علي جميع الفئات ذات الدخول العالية والمتدنية في نفس الوقت!. نحن في أشد الاحتياج إلي أن ندفع بالتنمية، وهذا لن يتأتي دون استثمار في البشر، في التعليم وفي الصحة، وفي الخدمات، وهذا يتطلب مضاعفة ما نستثمره اليوم، ولن تستطيع الموازنة العامة للدولة، أن تفي بتلك الاحتياجات أمام عائد ضعيف، وفجوة تزداد عاماً بعد عام في ميزان المدفوعات المصري، العدالة الاجتماعية تتطلب تعديلاً ضروريا في النظام الضريبي القائم. حيث ما أتممناه في القانون القائم وهز لا يخضع للكتب السماوية!