كتب علينا أن نعيش في زمن تلاميذ السحرة والمشعوذين. زمن أطلقنا فيه حضارة نجحت في الإتيان بتحسن متواصل في حياة العديد من الناس، ولكن ربما علي عجل. فلم يكن في مقدورنا قياس الآثار المترتبة علي كل الأشياء التي كنا نفعلها علي كوكب الأرض. هذه السفينة التي نبحر بها في الكون هي سفينة ذات تعقيداتها الخاصة بها، فنتعلم الآن، وبشكل مؤلم، أن علينا أن نغير الكثير من جوانب سلوكنا من أجل الإبقاء علي استدامة الأرض كأمر لا بديل له للحفاظ علي جميع أشكال الحياة عليها، بما فيها حياتنا نحن البشر. نحن لسنا أقوياء أو عقلاء بقدر ما نعتقد أحيانا. ففي الحقيقة ما زال الترابط الوثيق بين الطبيعة والأنشطة البشرية ينطوي علي أسرار عميقة الغموض. وهنا علينا أن نسجل في المقام الأول امتناننا للعلماء الذين كرسوا حياتهم للكشف عن أسرار الطبيعة، في تفاٍن عظيم لا يمكن تفسيره إلا علي ضوء شغفهم والتزامهم بقضية البشرية. لا يمكن لأي أحد في يومنا هذا أن يتجاهل تحديات العيش وضمان استدامة البيئة. نحن جميعا مسئولون. لكن ثمة مسئولية أكبر تقع علي عاتق أولئك الذين حظوا قبل غيرهم بهبات الحضارة الحديثة والمعاصرة. ليست هذه قضية وطنية، وإنما قضية عالمية. لا أحد معفي. ولا يوجد بلد، مهما بلغت قوته، قادر علي ضمان استمرارية المسائل الحيوية الموجودة علي المحك. لهذا أصبحت الاتفاقيات العالمية لازمة ضرورية أكثر فأكثر، ولكن علي أن تضمن ولاء وإمتثال جميع أعضاء المجتمع الدولي لها واستدامة الموارد اللازمة وتضافر جهود العلماء والعالمات، بغية التمكن من مواجهة تحديات مثل تحدي التمادي في مجال الإرشاد الزراعي. الواقع أننا نعرف في الوقت الراهن الكثير من الأشياء التي يتوجب فعلها، لكننا لا نعرف تطبيقها جماعيا. ولذلك يكتسب تثقيف الأهالي وتأهيلهم أهمية بالغة. نحن في حاجة إلي إجراء المزيد والمزيد من الأبحاث ولتطوير معرفة تكون ملكا للبشرية جمعاء، وتحت تصرفها التام وفي متناول كل الشعوب. لدينا في هذا الجانب من القارة الأمريكية تحديات تستحق البحث فيها بقدر كبير من التعمق. فعلي سبيل المثال، نحن بحاجة الي معرفة المزيد حول دورة الفوسفور، فنحن لا نتسمم فقط بالزئبق، فلدينا أيضا مشاكل خطيرة في مجال التسمم بالرصاص والملوثات الضارة. وهذا يحدث في هذه المنطقة من العالم حيث يتوافر واحد من أكبر مخازن المواد الغذائية الزراعية في الأرض، حيث سنضطر إلي مضاعفة الإنتاجية لتلبية الطلب العالمي المتزايد علي الغذاء. ومع ذلك، فإن الأسمدة التي نستخدمها غير ملائمة وغير مناسبة عندما يتعلق الأمر باحترام البيئة. وحتي الآن، لا نعرف كيف يمكن التحكم في ظواهر التغذية المتعددة. في هذه اللحظات، تخيم علي أورجواي مرة أخري حالة من الكرب تجاه ما قد يحدث أو لا يحدث في المحيط الهادئ. فيمكن لظواهر مثل ظاهرة "النينيو" أن توثر علي هذا البلد بموجة جفاف تتكرر بوتيرة متزايدة. نحن بحاجة لأن تتيح لنا الهندسة الوراثية إمكانية تطوير نباتات أكثرة قوة وقدرة علي تحمل الجفاف ومقاومته. لكننا لا نزال غير قادرين علي أن نفعل ذلك. فيتوقف إيجاد الحلول لمثل هذه القضايا علي إجراء أبحاث تكون في خدمة البشرية كلها. ليس هذا حلما، بل أمر ممكن تماما. فمن ناحية، يعتبر الارشاد الزراعي أمرا أساسيا. لكنه لا يكفي في حد ذاته. فينبغي تكثيف البحوث لا بشأن القضايا الآنية فحسب، وإنما لتوقع ما سوف يأتي. لهذا نحن بحاجة إلي العلوم. كل هذه الجهود ترتبط بضرورة صيانة البيئة حتي تستطيع البشرية الحفاظ علي حياتها بل تحسينها، بضمير اجتماعي، علي الأقل في هذه القارة التي تعد واحدة من أغني قارات العالم في الموارد الطبيعية. لكنها أيضا القارة الأكثر ظلما في الأرض لانها تسيء توزيع ثمار ثرواتهم. فقد علمتنا الحياة أنه عندما يكون هناك نقص، تدفع الشرائح الأضعف الثمن. رئيس أوروجواي نقلا عن وكالة انتر بريس سيرفس