الأستاذ عبد الله كمال رئيس التحرير يأبي أن يترك مسلسل (شيخ العرب همام).. وبعد أن يكتب (خلص الكلام) يعود في نهاية المقال لينفي أن (الكلام خلص).. ومعه كل الحق فالكلام عن المسلسل لا ينتهي بسرعة لأنه عمل قيم وغني.. وبعيدا عن تيمة (الدكتاتور العادل) الذي كتب عنه الأستاذ عبد الله كثيرا ورسم ملامحه منذ فترة طويلة ثم وجده متجسدا في شخصية شيخ العرب همام، وكأنه الصورة الدرامية لما أراده، يبقي المسلسل زاخرا بتيمات أخري أري في معظمها ملامح إنسانية عامة، ومصرية خاصة، ومنها: الانتماء: وهي تيمه مهمة جدا جدا في عصر لا نشعر فيه بهذا الشعور الوطني فيقدمه المسلسل في شكل قبلي تحكمه الأرض والعادات والتقاليد والأسرة الكبيرة التي تتشارك في تلك الأرض وذلك الميراث التاريخي.. وتربطها أواصر القربي وصلات الدم والتصاهر.. ويأخذ فيها الانتماء شكلا اجتماعيا اقتصاديا أكثر من الشكل السياسي الوطني المنظم للانتماء.. وتقديم التيمة بهذا الشكل قد يدخل بسهولة قلوب المصريين وإن كان لا يداعب عقولهم من بعيد أو قريب.. الترهيب والترغيب: وهي تيمة قد تبدو فرعية ولكنها أساسية في البناء الدرامي الذي يقوم فيه البطل (همام) بأداء دوره الزعامي الدبلوماسي بهاتين الوسيلتين ويكاد يضبط إيقاعهما بشكل نموذجي يحرص فيه علي الانتقال بين التخويف تارة والإنصاف والتطميع ذ إن جاز التعبير ذ تارة أخري.. ويطبق تلك السياسة بشكل ملحوظ خارج بيته وداخله.. عند الحرب يرهب الجنود بالوعيد ويرغبهم بالمكافآت.. ومع زوجتيه يرهبهما ويرغبهما حسب اقتضاء الموقف.. ويتبع همام سياسة الثواب والعقاب بشكل عفوي لا يتبع قانونا مكتوبا، وهو أسلوب يتماشي مع عوام الناس إلي درجة كبيرة.. التدين المزدوج: فالشعب الذي يوقر الدرويش صاحب الكرامات ويؤمن بكلماته البسيطة ويأخذها علي محمل الجد والنبوءة، هو نفسه الذي يؤمن بفاعلية (الأعمال) ويستدعي من يقومون بصنعها، ويستخدمهم.. هو الشعب ذاته الذي يوقر قوتين متضادتين الخير والشر ويؤمن بفاعلية كل منهما بشكل ازدواجي عجيب.. ولا ننسي هنا أن نشيد بدور الدرويش (الشيخ سلام) الأخ الأصغر لهمام الذي يؤدي الدور بحرفية عالية ويحصد إعجاب المشاهدين.. اختلاط الخير والشر: وهي تيمة إنسانية عالية المستوي تميز بها المؤلف لأنه خلط مقادير الخير والشر ببراعة داخل كل الأجناس والمجتمعات.. ففي الهمامية الكبار همام وأبناء عمومته يوجد الخير ويوجد الشر.. فابن عمه وزوجته صاحبة الأعمال يمثلان وجود الحقد والشر داخل بيت همام.. وفي الهمامية بحري يوجد الأشرار أيضا.. وفي المماليك يختلط الشر ببعض الخير في مماليك لا يؤمنون بالمؤامرات ويتعاملون بشرف وأمانة.. الحب غير المتكافئ: ويظهر بطريقة مبالغ فيها بين قاطع الطريق و(ليلة) ابنة الشيخ اسماعيل الهمامي.. وهو الحب المستحيل الذي لا يقوي علي التقاليد والأعراف.. والأدهي أنه يحول قاطع الطريق قاسي القلب الجبار الذي تهابه القوافل مجتمعة إلي مغني الربابة مرهف الحس باكي المدمع.. والوحيد الذي يشجع هذا الحب المحرم هو الدرويش صاحب القلب المحب.. ومازلنا في انتظار حل المعضلة.. أما التيمات فهي كثيرة وأما رسم الشخصيات والنجوم الذين قاموا بأدائها فلا تتسع المساحة لذكرهم.. وأقتبس كلمات الأستاذ عبد الله كمال في نهاية مقاله: (ولم يخلص الكلام بعد)..