هل يوجد في مصر شخص لم يحزن علي ما تعرضت له لوحة "زهرة الخشخاش" وعلي سرقتها من متحف محمد محمود خليل؟ وهل يوجد في مصر شخص غير غاضب بسبب تردي حالة المتحف وسوء إدارته؟ الإجابة بالطبع لا.. ويكاد يكون هناك اتفاق بين الجميع علي ذلك.. ولكن لماذا يعمينا الغضب أحياناً عن التقييم الموضوعي لكثير من الموضوعات؟ ولماذا يتم الربط بين أشياء لا صلة لها ببعضها ويتم "شخصنة" القضايا من أجل تحقيق مصالح شخصية للبعض علي حساب الصالح العام أحياناً؟ دعونا نتفق علي أن حادث سرقة اللوحة، وبهذه الطريقة التي تمت بها، هو موضوع يجب ألا يمر بسهولة دون معاقبة المخطئ، وهذا هو الأهم، اكتشاف عيوبنا وأخطائنا حتي نتجنبها ولا نكررها مستقبلاً.. ودعونا نتفق علي أن ما لدينا من كنوز ثقافية لا يماثلها إمكانيات مالية للمحافظة عليها.. وهو ما يحتاج إلي الالتفات له، والعمل علي إحداث المعادلة بينهما، وهي أولوية أصبحت ملحة وعاجلة.. ودعونا نتفق، كذلك، علي أن القامات الثقافية، والرجال الذين يتصدون للعمل العام لا يجب ألا يتم إصدار الأحكام علي إنجازاتهم وجهودهم بهذه الطريقة الانطباعية، وبذلك الشكل العاطفي. أقول هذا، وكثير من الصحف تحاول أن تربط بين حادث سرقة اللوحة والفنان فاروق حسني وزير الثقافة في محاولة لتحميله المسئولية الكاملة عن هذا الموضوع من ناحية وفي محاولة للتقليل من الإنجازات التي قام بها الرجل طوال فترة وزارته من ناحية أخري.. لقد تم اختزال تاريخ فاروق حسني في موضوع سرقة اللوحة، وتم اختصار مشواره كله في صفحة واحدة، وتمت الاستعانة بمصدر واحد لكتابة تاريخه، وهو تاريخ يحق له أن يعتز به وأن يفخر بما قدمه فيه. لماذا يحاول البعض تجريد الرجل من فضله علي الثقافة المصرية؟ ولماذا يحاولون التقليل من قيمته؟ ولماذا يحاولون إيهام الرأي العام بأن ما فعله لا قيمة له؟ ومن صاحب المصلحة في هدم كل من يحاول أن يقدم شيئاً مفيداً لهذا الوطن؟.. لماذا لا يتم الهجوم علي "الهدامين" ومقاولي الهدم وخفافيش الظلام؟ ولماذا يتم التركيز علي البنائين وعلي مصابيح الثقافة؟ أسئلة أكاد لا أجد إجابة عن أحدها.