هل ذهبت جهود منظمات حقوق الإنسان هباءً وعبثاً في مجتمعنا المصري؟! هذا السؤال طرحه الفقيه القانوني القدير د. محمد نور فرحات، وهو سؤال له واجهته لأنه يحمل العديد من التفسيرات والدلالات حول حال حقوق الإنسان في مصر. إن الإجابة عن هذا السؤال تحتاج منا إلي تحديد ما وصل إليه حال حقوق الإنسان بعد انتشار العديد من مراكز حقوق الإنسان ومنظماته في مصر منذ النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين.. أي أنها تجربة جاوزت الربع قرن. لا شك أن هناك العديد من الإيجابيات لتلك التجربة علي غرار: - أن هناك تزايدا متصاعدا في انتشار تأسيس مراكز حقوق الإنسان وجمعياته علي مستوي جميع محافظات الجمهورية، وهو تزايد مرتبط بمدي حاجة المجتمع المصري لمثل تلك المنظمات التي تدعم مفهوم المجتمع المدني المصري.. خاصة مع حالة الانفتاح السياسي وتزايد مساحة حرية الرأي والتعبير. وهو ما يظهر في التقارير الدورية لتلك المنظمات. - أن هناك اتجاهات متعددة لتلك المنظمات، فمنهم من يهتم بحقوق الإنسان علي المستوي النظري أو علي مستوي التطبيق، أو بحقوق المرأة، أو بحقوق الطفل، أو بالسجناء، أو بقضايا التعذيب. أي أن اتجاهات الاهتمام لتلك المنظمات تتنوع بين الحقوق العامة والحقوق الشخصية علي جميع مستويات الحرية (السياسية والدينية والصحية و..)، وهو ما يعني بشكل آخر أن هناك شبه تكامل في الاهتمامات. - أن مراكز حقوق الإنسان ومنظماته قد قامت بدور كبير وملحوظ في زيادة وعي المجتمع تجاه مفاهيم حقوق الإنسان وقضاياه، وهو الوعي الذي ساعد علي زيادة قدر اهتمام رجل الشارع العادي بقضايا حقوق الإنسان ومشكلاته. - أن دور تلك المراكز والمنظمات في عقد الندوات واللقاءات والتدريبات قد أسهم بشكل واضح في ظهور عدة أجيال.. خاصة من الشباب المهتمين بمنظومة حقوق الإنسان المصرية. ومن الملاحظ أن غالبيتهم يعمل الآن في المجال نفسه سواء بشكل مؤسسي أو بشكل تطوعي. - وترتب علي ما سبق، رفع الوعي المؤسسي للعديد من منظمات المجتمع المدني الجديدة والوليدة.. حيث أصبحت مفاهيم حقوق الإنسان ضمن رسالة وأنشطة تلك المنظمات بشكل أساسي. - أسهمت أنشطة تلك المراكز والمنظمات علي رفع وعي العديد من الصحفيين بسبب التدريبات المتراكمة المتخصصة في تناول قضايا حقوق الإنسان، ومناقشتها بشكل موضوعي وحقوقي. وهو ما تم أيضاً مع العديد من الفئات المتخصصة مثل كتاب الدراما. - أن إصدارات تلك المراكز والمنظمات سواء النشرات والمجلات والكتب، أو المواقع الالكترونية لها.. قد أسهم في مناقشة العديد من القضايا المهمة، كما ترتب عليه وجود مساحات مشتركة مع المهتمين بقضايا حقوق الإنسان في الدول العربية أو الدول الغربية. إن ما سبق، يمثل دوراً إيجابياً لمراكز حقوق الإنسان ومنظماته، ولكن هناك أدواراً أخري.. يجب رصدها. وللحديث بقية..