مجلس جامعة الإسكندرية يستعرض مستجدات التوسع بفرعي أبو ظبى وماليزيا    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    وزير السياحة والآثار يصدر قراراً وزارياً بزيادة أجر المرشد السياحي في مصر    الكهرباء: تشغيل الكابل الثاني بمحطة جزيرة الدهب وتقدم في التغذية البديلة.. فيديو    بيسكوف: اطلعنا على تصريحات ترامب حول تقليص مهلة وقف إطلاق النار في أوكرانيا    موعد مباراة مصر وجنوب السودان ببطولة الأفروباسكت للسيدات    الزمالك يدرس إبرام صفقة تبادلية مع المصري لضم أحمد عيد.. وعائق وحيد    رومانو يكشف حقيقة تقديم النصر عرضا لضم كوكوريا    «أوقاف سوهاج» يتفقد مساجد قرية برخيل بسبب الحرائق المتكررة    تعليمات حاسمة لرؤساء لجان امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية بالفيوم    وزير الثقافة يُعلن اسماء الفائزين بجوائز الدولة للتفوق لعام 2025    «الأعلى للثقافة» يُعلن الفائزين بجوائز الدولة التقديرية لعام 2025 (الأسماء)    أحمد التهامي يكشف كواليس العمل مع عادل إمام ويشاركنا رحلته الفنية|خاص    السياحة الإسلامية في مكة والمدينة: دليل شامل لزيارة المواقع المقدسة    «الصحة»: تطوير قسم الأشعة بمعهد ناصر بالتعاون مع شركة إماراتية    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    شعبة المصدرين: أوروبا تتجه للاعتماد على مصر في تلبية احتياجاتها الغذائية والصناعية بسبب توتر الأوضاع الدولية    حلمي عبد الباقي وسعد الصغير وطارق عبد الحليم في انتخابات التجديد النصفى لمجلس عضوية نقابة الموسيقيين    متحف كفر الشيخ: ورش لتعليم النحت وأخرى فنية وتدريب صيفي لطلاب الآثار    أنغامي ترد على خطوة عمرو دياب.. وتؤكد: تامر حسني رقم 1 في الوطن العربي بلا منازع    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    الهلال الأحمر الفلسطينى يثمن جهود مصر فى دعم غزة منذ بداية العدوان    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة حلقة في مؤامرة التهجير القسري لشعبنا    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو الاعتداء على بائع متجول في الجيزة    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    «التعليم» تعلن ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية 2025/2026    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    بايرن ميونخ يجدد عقد لاعب الفريق لمدة موسم    «يا عم حرام عليك».. شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارة المعبد البوذي    ريال مدريد يعلن انتقال لاعبه إلى خيتافي    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    معلومات الوزراء يستعرض أبرز التقارير الدولية حول سوق المعادن الحرجة    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    6 مشروبات تناولها قبل النوم لإنقاص الوزن بسرعة    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    رئيس الوزراء: الحرف اليدوية أولوية وطنية.. واستراتيجية جديدة لتحقيق طفرة حتى 2030    كوكا يتدرب في معسكر الاتفاق قبل الإعلان الرسمي لضمه    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البوري ب130 جنيها    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    نتنياهو يقترح خطة عمل جديدة لغزة.. ماذا تتضمن؟    مقتل 16 شخصا وإصابة 35 في غارات روسية جنوب شرق أوكرانيا    سفير تركيا: خريجو مدرسة السويدي للتكنولوجيا يكتسبون مهارات قيّمة    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    عل مدار الساعة.. مواعيد انطلاق 80 قطارًا من محطة بنها إلى المحافظات اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    في المنزل.. علاج تراجع اللثة وطرق الوقاية    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان القديم!

في أواخر الستينيات بدايات السبعينيات كان لرمضان مذاق مختلف، هو رمضان بلا خشاف " قراصيا، مشمشية ، تين "، بلا مكسرات " لوز ، جوز ، عين جمل، كاجو " وكانت الكنافة بالقشطة وعيش السرايا لونه أحمر وفي أكثر المحلات رفاهية يكسي بالقشطة، وكانت سيدات البيوت تصنع بنفسها الكنافة والبقلاوة والبسبوسة والقطايف العصافيري وكان البلح هو الخشاف الرئيسي علي مائدة الإفطار!!!
وفي منتصف السبعينيات بدايات الثمانينيات وحتي الآن وبعدما تغيرت السياسة الاقتصادية واعتنق الانفتاح الاقتصادي منهجا للاقتصاد المصري وفتحت بوابات الاستيراد علي مصراعيها وسافر المصريون للعمل بالخليج، ادت المكسرات اللبنانية والسورية والتركية لمائدة افطار الطبقة المتوسطة المصرية وأصبحت الكنافة " مبرومة " بالمكسرات والفزدق وتغير شكل عيش السرايا من لونه الأحمر الساطع بالقشطة البيضاء لقرص أحمر داكن يميل للبني مغطي بالفزدق الأخضر.
وتوقفت نساء الطبقة المتوسطة المصرية وطبعا نساء الطبقات العليا عن صناعة الحلويات في البيوت وشرائها جاهزة من المحلات المختلفة ولم يعد الطعم مهما بقدر ما اسم المحل وارتفاع ثمن الحلويات هو المهم للتباهي الاجتماعي الفارغ!!! ولكن.... هل اصبح مذاق رمضان اجمل؟ هل منحت تلك البهرجة والرفاهية لموائد الافطار مذاقا أعذب؟... زمان كانت صينية الكنافة التي تصنع في البيت ورائحة الشربات و" الفانيليا " وصوت تحمير القطايف و" طشتها " في العسل البارد يعطي رمضان مذاقا ومناخا وجوا أكثر حميمية ودفئا!!!
كانت امي وجارتها يتبادلن الكنافة والقطايف والجلاش وكنا نعرف أن كنافة " طنط عايدة " أطعم كنافة، اما قطايف " ليلي " فهي الاجمل لانها " عصافيري " و" بتقرمش" وآخر طعامة، أما اليوم ، فلم نعد نتبادل أطباق الحلويات أنا وجاراتي، لان كلنا نشتري من ذات المحل ولان كل منا تغلق بابها علي نفسها وأسرتها واختفت من حياتنا سياسة الأبواب المفتوحة دفئا وحنانا بين الجيران والاهل !!! هل صار رمضان الآن بأبوابه المغلقة وحلوياته الجاهزة ومكسراته السورية والتركية، هل صار رمضان اجمل ؟!! لااظن !!!
في السبعينيات والثمانينيات ، كنا نتابع بوجي وطمطم بعد الافطار وبعدها نتفرج علي فوازير " نيللي " أو " شيريهان " ونتفرج علي مسلسل عربي علي القناة الأولي وآخر علي القناة الثانية، تارة كانت الشهد والدموع وتارة كانت ليالي الحلميه ومرة كانت نصف ربيع الآخر ومرة كان لن أعيش في جلباب ابي وتارة كان مسلسل يحكي عن هارون الرشيد مرة وآخر يحكي عن الفرسان والمماليك مرة أخري ونري مسلسل الوسية يتحدث عن فقر الفلاحين والاقطاع قبل الثورة ونري مسلسل زينزنيا يتحدث عن اسكندرية وأهلها الاجانب والمصريين مندمجين في مجتمع واحد مسلمين ومسيحين ويهود ..... مسلسل واحد علي هذه القناة ومسلسل ثاني علي تلك القناة وبرنامج حواري ساخن " حوار صريح جدا " او برنامج مسابقات يقدمه مدحت شلبي!!
كنا نسمع مسلسلا في الراديو علي البرنامج العام مرة شنبو في المصيدة ومرة ليلة القبض علي فاطمة ومرة الصبر في الملاحات ومرة العتبة جزاز!!!! نسمع فوازير آمال فهمي وألف ليلة وليلة بصوت زوزو نبيل وابتهالات النقشبندي...
الآن وفي السنوات الاخيرة ، صار التليفزيون المصري عشرات القنوات أرضية وفضائية وصار الراديو مائه موجة عادية وأف أم واستحدثت إذاعات واصبح البث التليفزيوني والإذاعي أربعا وعشرين ساعة لا يتوقف وصار هناك فضائية مصرية خاصة ومائة بل مائتين بل ثلاثمائة قناة فضائية عربية، عامة ومتخصصة، أفلام مسلسلات قنوات دينية اسلامية مسيحية، قنوات أغان ورقص ، طرب قديم وحديث...... ولان رمضان هو موسم المشاهدة التليفزيونية، اصبح هناك عشرة عشرين خمسين سبعين مائة مائة وعشرين مسلسلا جديدا في شهر رمضان، كل القنوات التليفزيونية تنتج مسلسلات وبرامج حوارية جديدة، عشرات البرامج ، حوارات ساخنة، مواجهات، فضائح ، مقالب، اسئلة تافهة وجوائز ومسابقات، واصبح المشاهد ممزعا بين الأبطال والنجوم، واصبحت المسلسلات تذاع اكثر من مرة في نفس اليوم، وتذاع اكثر من مرة علي أكثر من قناة، فإذا لم تر عزيزي المشاهد الحلقة التي تحبها من أولها، تستطيع أن تلحقها علي قناه اخري وتتفرج علي النصف الأول الذي لم تره.
وأصبح الإعلام الرمضاني صخبا رهيباً مابين مسلسلات ومواجهات ساخنة وحوارات مليئة بالأسرار والفضائح ومحطات تنقل الصلاة من الحرم المكي وأخري تنقل صلاة التراويح وأخري تستضيف شيوخا يفتون في كل شيء وأي شيء ويشرحون لنا جمال رمضان وكرم رمضان وفائدة الصوم والاحساس بالفقراء والمحتاجين، وسط هذا إعلانات شاي وسمنة وزيت وشركات تليفون محمول وأرض وإعلانات عن بطاطس مقلية وجبنة بيضا ومربي وإعلانات عن مشروبات علشان «تسترجل» وإعلانات علشان «الشعر ينعم والبشره تبيض» وإعلانات عن البرامج التي ستأتي والمسلسلات التي ستذاع وما الذي سنراه غدا، في نفس الوقت يحاول الراديو اقتناص أي فرصة لسماعه وسط صخب المسلسلات والبرامج الحوارية، واختفت مهنة المذيع التليفزيوني، فأصبح الصحفيون ورؤساء التحرير والكتاب والممثلون والممثلات هم المذيعون للبرامج بأشكالها المختلفة، فهذه تقدم البرنامج وترقص وهذا يقدم البرنامج ويسخر من ضيوفه وهذا يتناقش بجدية وهذه تعمل مقالب.. الدنيا اتغيرت وأصبح رمضان الإعلامي التليفزيوني مختلفا بانعكاسات هذا الاختلاف علي ايقاع حياتنا ووقت النوم ووقت اليقظة..... وسط هذا كله، تلاشت الحياة الاجتماعية وانشغل الناس عن التزاور والخروج وتبادل المودة للمكوث أمام التليفزيونات تلهث بحثا عن النجوم والمغنيين والمطربين اللي عاملين مسلسلات.... وسط هذا كله... هل أصبح رمضان أجمل وأكثر دفئا وأكثر حميمية وأكثر تقوي ؟؟؟؟؟ لا أظن!!!
هل أنتمي أنا لزمن قديم أبحث عن جماله وسط قبح نعيش فيه ويحاصرنا؟! هل هي مشكلتي الشخصية؟ أنا التي أكره ما نعيشه فاعود للماضي أنقب بين كنوزه عن الدفء والحميمية والونس والتقوي والخشوع ؟؟؟ لا أظن.. أظن الأيام التي نعيشها أكثر صخبا مما نتحمل اكثر قبحا مما نستحق أكثر برودا عما نتحمل! وحين يأتي رمضان وسط ذلك الصخب والقبح والبرود نفر منه لرمضان الآخر القديم الحميم الدافئ الجميل، رمضان الذي كان بسيطا لكنه أكثر جمالا ودفئا! وكل سنة وكلنا طيبون!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.