رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وفيه أهم عبادة يقوم بها الإنسان وهي الصوم، حيث يختبر الناس مشاعر الجوع والعطش، ليعرفوا معني الحاجة والفاقة والفقر والجوع، فيخرجون من الشهر الكريم وقد لانت مشاعرهم، واستوعبوا حكمة الصيام في الإنفاق علي الخير، ومحاربة الفقر، سواء بالزكاة المباشرة للفقراء، أو حتي بتوفير فرص العمل التي تفتح أبواب العمل للعاطلين فتقيهم شر الحاجة. لكن هذا الشهر المبارك لم يعد كذلك فقد تحوّل إلي مناسبة للسفه والإنفاق غير المحدود علي الطعام والشراب بحيث تحول سلوك المسلمين الغذائي في شهر رمضان إلي حالة مثيرة للاستغراب والدهشة.. لأنها تتعارض مع الحكمة من فرض الصيام في هذا الشهر الكريم. وترصد مجلة الإيكونومست البريطانية بعض مظاهر شهر رمضان من أهمها أنه يزيد التكاليف الاقتصادية، خاصة في ظل سيادة ثقافة الاستهلاك. ففي جميع أنحاء العالم العربي، زادت أسعار زيت الطهي علي سبيل المثال، حيث إن الحلويات المقلية هي من الأكلات الشهيرة في رمضان، وكذلك الحال بالنسبة لأسعار السكر والعسل، خاصة في منطقة المغرب العربي. وتقول المجلة: إن مستوردي الغذاء يستفيدون من ذلك بشكل جيد، خاصة المتعاملين في الفستق والتمر والمشمش المجفف، ورغم أن المقاهي تغلق طوال النهار في رمضان، إلا أنها تستفيد بشكل جيد طوال الليل، لكن بالنسبة لكثير من الشركات، خاصة الحكومية، يتراجع الإنتاج مع تراجع عدد ساعات العمل اليومية خلال رمضان بمقدار ساعتين أو ثلاث. ومع حلول رمضان في الصيف، حسب المجلة، تشعر الحكومات بالقلق من زيادة استهلاك الكهرباء مع استمرار تشغيل الأنوار لفترات أطول والسهر حتي الفجر، لكن نفس الحكومات تدعم المواد الغذائية لضمان وصولها إلي جميع الأسر، وتفرض الرقابة علي الأسعار في كثير من الأحيان علي تجار التجزئة الذين تسول لهم أنفسهم رفع الأسعار للاستفادة من زيادة الطلب. حينما أطالع هذا التقرير لابد أن أسأل نفسي عن الحكمة من فرض صيام رمضان، وهل لا نزال نتعامل معه بمثل هذه الروحية المفترضة.. أم أننا حولناه إلي شهر للطعام.. والمسلسلات.. والمقاهي والحفلات الساهرة .. وبدلا من أن نشعر بآلام الفقر والجوع نمتلئ من التخمة؟!