كتب - داود كتاب جاءنا حر الصيف مرة أخري.. ومرة أخري يذوب كرب الناس وألمهم ومناشداتهم حول اكتظاظ جسر الملك حسين بالمسافرين بسرعة كما يذوب الجليد في درجات الحرارة الحارقة في وادي الأردن. يشكل جسد الملك حسين نقطة العبور الوحيدة المفتوحة أمام 3.5 مليون فلسطيني من الضفة الغربية.. وهو مفتوح رسميا من الثامنة صباحا وحتي منتصف الليل.. إلا أن الحافلة الأخيرة تغادر عمليا في العاشرة مساء وتتم احيانا إعادة المسافرين من الجانب الأردني بعد التاسعة مساء بسبب الاكتظاظ في شهور الصيف.. يزيد عدد الذين يغادرون الضفة الغربية علي عدد هؤلاء القادمين إليها، حسب إحصائيات أصدرها الجانب الفلسطيني.. وقد ذكرت السلطة الفلسطينية أن حركة المرور كانت معتدلة في الاسبوع الاول من يونيو الذي شهد مغادرة 17473 مسافراً من أريحا، ودخول 9411 إلي الضفة الغربية.. ولا تضم هذه الاعداد سكان القدسالشرقية الذين يعبرون الجسر مباشرة دون الذهاب إلي معبر أريحا.. ويقدر عدد سكان القدس الذين ينتهي بهم الأمر علي نفس المعبر علي الجانب الأردني بحوالي 3500 شخص أسبوعيا.. هذا ولم تنشر السلطات الأردنية أي إحصائيات. ومنذ نشر هذه الاحصائيات ازداد عدد الفلسطينيين المغادرين «للزيارة أو العمل أو للسفر» بشكل ملحوظ الأمر الذي اضطر العديد من العائلات الفلسطينية إلي قضاء الليلة علي الحدود. ويضيف الحجاج المتوجهون لأداء مناسك العمرة إلي الأعداد التي تكتظ بها المعابر أيام الأحد والأربعاء، الأمر الذي يتسبب بالمزيد من الفوضي والتأخير.. وحتي بعد تأمين الدور بالصعود الي الحافلة، جري الإبلاغ عن ساعات عديدة من التأخير، تصل أحيانا إلي 46 ساعات، لعبور مسافة الثلاثة كيلو مترات من جانب لآخر، هناك عدد قليل من المرافق، إن وجدت حيث يقف المسافرون تحت أشعة شمس وادي الأردن الحارقة، الحافلات مكيفة إلا أنه لايوجد بها ماء أو أي خدمات صحية أساسية. وقد تم ادخال بعض الإجراءات لتيسير المشكلة، مثل اتباع أسلوب الأرقام للمنتظرين، كما يحصل في البنوك أو الاصطفاف في السوبر ماركت، لم تكن أجهزة التكييف علي الجانب الأردني تعمل بصورة كاملة لمدة أسابيع قليلة، حيث عاني المسافرون والعاملون من العرق الشديد. لا يسمح للمسافرين بأستخدام سياراتهم الخاصة الأمر الذي يضطرهم لتغيير الحافلات ثلاث مرات لاتمام عملية العبور ويتم فصل حقائبهم التي تعامل بطريقة غير لائقة، عنهم عند مغادرتهم أو دخولهم المعبر الذي تسيطر عليه السلطات الإسرائيلية وباستثناء الأسر والأفراد الذين يعانون علي الجسر، فإن القضية نادراً ما يجري بحثها علي أي مستوي رسمي يعبر أفراد حاشية الرئيس الفلسطيني دون تأخير، ويستخدم أفراد السلطة الفلسطينية أموال دافعي الضرائب الفلسطينيين لدفع رسوم خدمة كبار الشخصيات الباهظة وهي خدمة تحتكرها شركة أردنية وأخري إسرائيلية تستوفي كل منهما مبلغ 46 دولارا لنقل الراكب، وتدفع شركات كبار رجال الاعمال تلك الرسوم نيابة عنهم ويستخدم الاجانب والدبلوماسيون الدوليون معبرا أخر، وهم أحيانا لا يعلمون مدي المشاكل والساعات الطويلة من الانتظار التي يضطر «السكان المحليون» أن يتحملوها. لايجري عمل سوي القليل لمحاولة حل مشكلة الصيف ذات الفترة القصيرة، أو المشكلة علي المدي البعيد يرغب الاردن في بناء معبر جديد ولكنه يفتقر الي التمويل، في غياب حل سياسي، مازالت المملكة تعتبر ذلك نقطة عبور مؤقتة غير دولية، ورغم أن الأردن ليست عنده مشكلة في ترك المعبر مفتوحا طوال 24 ساعة إلا أن الإسرائيليين يعترضون لايتكلم أحد أو يفكر بإيجاد نقطة عبور ثانية أو حتي ثالثة. ومن بين الجهود لمواجهة احتياجات المسافرين الذين يعبرون الجسر حملة الكرامة الدولية لحركة الفلسطينيين وهي مجموعة علي الفيس بوك جمعت 1460 عضواً. تحاول «الكرامة» ايجاد أساليب تسمح للناس بعبور النهر بكرامة واحترام.. حققت المنظمة التي تشكلت قبل سنة بعض التقدم علي الجانب الفلسطيني «من خلال دمج نقاط الخروج»، ولكنها لم تحقق أي اختراقات رئيسية أو خفض في ساعات الانتظار، وقد كشف حازم قواسمة، مؤسس كرامة، الذي عقد مؤتمرا صحفيا هذا الاسبوع ليصف انجازات منظمته أن أعضاء من منظمته قابلوا ممثلة الأممالمتحدة الاقليمية لحقوق الانسان في رام الله وقدم لها طلبا للتدخل لتسهيل المعاناة في المعبر. من الطبيعي أن يشكل الفلسطينيون من المناطق المحتلة رأس الحربة لمتابعة هذا الجهد.. ولكن الوقت قد حان لأن تنخرط الاطراف الاقليمية والعالمية في هذه الكارثة الانسانية اليومية.. يحتاج الأردن، الذي وقع معاهدة سلام مع إسرائيل لأن يعطي هذه القضية تغطية أوسع بكثير.. يتوجب علي إسرائيل كذلك أن تعي المعاناة التي تحصل أمامها.. يمكن للموافقة علي فتح المعبر لمدة 24 ساعة أن تصنع العجائب للحد من المعاناة. صحفي فلسطيني