استيقظت ذات صباح علي صوت زوجتي تصرخ كيلو بانيه الفراخ ب«41 جنيها»!!! ولسه هيغلي علي رمضان وكيلو الفراخ المبردة ب24 جنيهاً والجزار بيقلي كيلو اللحمة ب60 جنيهاً!!! واذا طلبت 2 كيلو من القطع الممتازة لازم اخذ معاها كيلو مفروم يعني ممكن الكيلو يصل إلي 90 جنيهًا يبقي بلاش لحمة ولا فراخ ، وتوكلت علي الله الي مكتبي حيث يقع سوق الخضار والفاكهة والاسماك امامه وبعد ان قمت بركن السيارة القيت نظرة علي اسعار الاسماك فوجدت كيلو السمك البلطي ب18 جنيهًا والبوري من 30 الي 25 جنيهًا اما انواع الاسماك الفاخرة فيصل سعر الكيلو منها الي 80 جنيهًا وسالت البائع ايه الاسعار ديه قال الي السوق كده .. مش عجبك يا استاذ في اسماك مجمدة صيني ارخص وانصرفت دون الشراء وذهبت لالقاء نظرة علي سوق الخضار والفاكهة والبائعون هم اصدقاء ايضا واذا بي اجد سعر كيلو البطاطس اربعة جنيهات والطماطم 3جنيهات والكوسة ب5 جنيهات فسالت البائع ليه الاسعار مرتفعة قال لي لسه كمان رمضان داخل واحنا كمان مش عارفين نبيع وذات الحال في سوق الفاكهة كيلو العنب البناتي ب6 جنيهات والتين البرشومي ب8 جنيهات ولا داعي للخوض في اصناف المانجو واسعارها ويكفي للشخص ان ياخذ واحدة حتي يتذكر فقط رائحتها دون المساس بها او يذهب الي العربات التي تتفنن في بيع المانجو المغشوشة حتي تتذكر انه ما زالت في الدنيا مانجو، ورد علي صديقي البائع انا صعبان عليا الغلبان في البلد اصل الفاكهة ما بقتش بتاعة الغلابة وبجوار بائع الفاكهة محل عطارة وعلافة من المفترض انه يبيع انواع الغلال الرخيصة سالته ما هي الاخبار قال لي الرز الكويس الي يتاكل باربعة جنيهات لكن في اصناف اخري للغلابة تبدا اسعارها من 75.2 جنيه وانت وحظك والسكر اليوم 50.4 جنيه وقابل للزيادة طيب وحاجات رمضان الزبيب المصري ب14 جنيهاً والزبيب المستورد ب22جنيهًا اما قمر الدين فيبدأ سعره من 8 جنيهات واللي يتشرب ثمنه 12 جنيهًا وتريد ان تعرف بقية الاسعار علي العموم كله ولع فقلت علي الفور لا يوجد داعي فانصرفت صاعدا الي مكتبي مهموما ولدي تسأول واحد : ماذا يحدث في مصر ولماذا ولمصلحة من ؟ منذ عام 2005 ووفقا لاحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء فان هناك انخفاض في الانتاج الزراعي خاصة في انتاج الحبوب وايضا نقص في الانتاج من الثروة الحيوانية وايضا السمكية ورغم ذلك لم تتحرك الحكومة لوضع سياسة علمية لعلاج هذا التدهور وان سياستها في معالجة هذه المشكلات قد باءت بالفشل ولا نجد منها سوي قول واحد ان طبقة الوسطاء والسماسرة هي السبب في هذه الازمات وان الحل في محاربة هؤلاء هو الاستيراد وفتحت باب الاستيراد علي مصراعيه واصبحنا نستورد الفول، الغذاء الشعبي الرئيسي وتنوعت مصادر استيراد اللحوم والاسماك والدواجن بين عدة دول، دون ان تضع اية خطة استراتيجية لمعالجة النقص الحاد في الغذاء واعتبار سياسة الاستيراد هي حلول مؤقتة وليست دائمة ، واتخذت الحكومة من تحول الاقتصاد المصري الي آليات السوق الحر ذريعة لترك السوق يشتعل بطريقة لم تحدث في تاريخ مصر، رغم ان الاقتصاد الحر ليس معناه ان يكون كل شخص حرًا يفعل ما يريد ويعبث كيفما شاء ، ونري ان تركيز الحكومة الحالية يتجه الي الاهتمام بالسياسة العقارية وتحقيق الموارد من خلال بيع الأراضي وايضا فرض الضرائب بأنواعها المختلفة ولم تنجح الحكومة في ضخ استثمارات جديدة في قطاع الزراعة او الثروة الحيوانية او السمكية لتنميتها او حتي ضخ استثمارات اخري الي قطاع الصناعة بل ان الاراضي التي كانت مخصصة للاستصلاح الزراعي تركتها باهمال يقترب من العمد لتتحول الي منتجعات سياحية عقارية والاراضي المخصصة لإقامة المشروعات الصناعية تركت للتسقيع في ايدي سماسرة وتجار اراضي وبالتالي تحولت مصر من دولة صناعية زراعية الي دولة عقارية، وبذلك فقد وقعت في نفس الخطأ الذي لم يستطع الاقتصاد الامريكي بكل طاقاته وإمكانياته ومحلليه والقائمين علي ادارته ان يتفادوه فلقد وجه الاقتصاد الامريكي اموالاً طائلة الي الاستثمار العقاري معتبرة إياه الامل الموعود في انتعاش اقتصادي مأمول وتراجع الاهتمام عن سلع وخدمات اخري كانت تحقق التوازن في السوق الامريكي، وهو الامر الذي مع بداية الازمة المالية العالمية وانخفاض اسعار العقارات الجنوني وعدم قدرة شركات التامين علي تغطية الخسائر الفادحة للبنوك الناتجة عن عدم وفاء الافراد بالتزاماتهم المالية أربك الي حد كبير جدا التحكم في اسعار السلع والخدمات الاخري التي ارتفعت اسعارها فباتت تمثل حملا اضافيا علي قدرة الاقتصاد علي تحمل الاضطراب الناشئ عن الازمة الذي كان السبب الرئيسي فيه هو عدم التوازن في تنوع الانشطة الاقتصادية والرهان علي احد انواع الاستثمار وهو الامر الذي تحول في النهاية الي كابوس مروع هدد الاقتصاد العالمي كله وعانت منه العديد من الدول حتي خارج القارة الامريكية وهو ذات الكابوس الذي نعيشة الآن ونتمني ان يزول سريعا «ونلاقي حد يلم الاسعار» والسماسرة والوسطاء ورجال الاعمال الجشعين قولوا يارب.