يبقي الفنان سعيد صالح صاحب علامات مميزة في تاريخ المسرح المصري الحديث فمن منا ينسي دوره في مسرحية «هالو شلبي» وعبارته الشهيرة «أستك منه فيه» أو دوره في مسرحيتي «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت»، فبعد سنوات طويلة من عطائه المسرحي قررت إدارة المهرجان القومي للمسرح في دورته الخامسة تكريم الفنان سعيد صالح، وعن التكريم والمسرح قال التكريم: شيء جيد لكنه لم يكن يهمني ولا كنت أنتظره كل ما يهمني في المقام الأول هو إحساس الناس بعملي والمجهود الذي بذلته طوال السنوات الماضية، لكن بالطبع فكرة إقامة مهرجان قومي للمسرح تأخرت كثيرا فهذا المهرجان كان من المفروض أن ينظم منذ فترة طويلة لأن هناك أسماء عديدة أثرت حياتنا المسرحية وكانت تستحق التكريم منذ سنوات. رغم أنك قدمت أعمالا مسرحية عديدة فقد اخترت الابتعاد عنه حاليا، لماذ؟ - لأننا كنا نقدم أعمالا مسرحية جادة وأعدنا للمسرح هيبته من جديد ووقتها أخرج المسرح أجيالا كثيرة خصوصًا في السبعينيات وهذه الأجيال هي التي أثرت السينما المصرية مثل عادل إمام ويونس شلبي وحسن مصطفي وأحمد زكي ، وأذكر أن آخر عمل قدمته كان مسرحية "قاعدين ليه؟" بمسرح الدولة ونجحت المسرحية نجاحا كبيرا لكن للأسف هذه الأعمال لم يتم تصويرها ومع ذلك لم أرفض العمل بالمسرح حاليا كما يظن البعض، لأن المسرح هو المتنفس الوحيد بالنسبة لي وهو المكان الذي أجد فيه أصدقائي وأحبائي لأنه موطني الأصلي فكيف أرفض العمل به وجمهوري الحقيقي هو جمهور المسرح وأستمتع جدا معه؟! لكن لم يعد هناك نصوص جيدة تجعلني أعود من جديد وإذا وجدت هذا النص لن أتردد لحظة. لماذا كنت تفضل دائما العمل بمسرح القطاع الخاص؟ - في مسرح القطاع الخاص كنت أعمل مع أهم فرقة قطاع خاص في مصر وهي فرقة الفنانين المتحدين وقدمت معها أهم 30 عملاً مسرحيا لأن هذه الفرقة كانت تحت رعاية رجل اسمه سمير خفاجة وهو منتج محترم وواع ويحب عمله وأذكر أنه عندما كانت تحتاج الفرقة إلي أي إكسسوارات أو ملابس كان يسافر أوروبا خصيصا لإحضارها وإحضار أي شيء يحتاج إليه العمل، فهذا الرجل كان يعتبر الأب الروحي لكل الأعمال المسرحية التي قدمناها معه إلي جانب أن أجور القطاع الخاص كانت أعلي . إذن في رأيك لماذا اختفي القطاع الخاص من الساحة المسرحية؟ - لأن الفنانين هجروا المسرح نحو السينما والتليفزيون والمسرح في النهاية هو الذي يصنع نجم السينما والتليفزيون، والأعمال المسرحية التي تقدم حاليا جميعها أعمال هزيلة فأين المسرحيات المؤثرة؟ لابد أن يكون هناك تأثير عملي، لذلك أعتقد أن فرق القطاع الخاص وبالتحديد الفنانين المتحدين هي أكثر فرقة مسرحية صنعت مسرحا جيدا حتي مع وجود الفرق المسرحية الأخري مثل فرقة "نجيب الريحاني" و"علي الكسار" و"فؤاد المهندس" التي كانت تقدم مسرحيات اجتماعية مؤثرة جدا وكانت لا تصنع أعمالاً وروايات من أجل الضحك فقط، بل كنا نقدم مسرحيات هادفة تقدم موضوعات جادة ومشكلات تخص المجتمع والضحك يكون ضمن سياق الرواية نفسها وفي نفس الوقت لا بد أن يكون هناك مضمون وهذا ما حدث في "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت" و"أولادنا في لندن" و"هاللو شلبي". الجمهور ارتبط بفكر هذه الأعمال المسرحية ومضمونها. هل من الصعب أن يكون هناك فرقة متحدين جديدة حاليا؟ - ليس صعبا لكن حتي يتحقق ذلك لا بد أن يكون هناك سمير خفاجة جديد بمعني وجود منتج متفوق يحب ما يقدمه وواع وحر وهي الصفات التي لا بد أن تتحقق في أي منتج مسرحي، وبصراحة حاولت أن أنشيء فرقة مسرحية وقدمت بها ثلاثة أعمال كان اسمها فرقة "مصر المسرحية" قدمنا عروض "كعبلون" من إنتاجي الخاص و"حلو الكلام" و"شرم برم" و"أبو نظارة" و"قاعدين ليه؟" لكن بسبب ضعف الإمكانيات المادية لم أستطع الاستمرار. ما رأيك في إنتاج مسرح الدولة حاليا؟ - إذا اقتنع الناس أن المسرح فن هام وجيد سوف نقدم أعمالاً محترمة لأن الطريق الصحيح لفن محترم وهادف تمد في الأساس علي رد فعل الجمهور الموجود أمامه هو المسرح ، وحاليا يعرض علي أعمال مسرحية عديدة لكنني أري أنه لا بد أن أعود لعمل شيء جيد جدا فكما ذكرت أنا أعشق هذا الفن، وللأسف الناس لا يهتمون بتقديم مسرح جيد ومحترم، المسألة أصبحت مجرد ملء المسارح بأعمال دون النظر إلي قيمة هذه الأعمال. ما رأيك في القرار الذي أصدره مؤخرا وزير الثقافة بتعيين الفنان محمد صبحي مستشارا لشئون المسرح؟ - الحقيقة أني غير مقتنع بهذا القرار فإذا كان صبحي قادرا علي إصلاح المسرح كان " نفع نفسه" فلماذا لم يعد لمسرحه؟ فهو صاحب فرقة مسرحية لا يعدل منذ سنوات وكان من الأولي أن ينشئ هو مسرحا جيدا، لذلك في رأيي هذا القرار لن يفيد في إصلاح حال المسرح ، والدليل أن صبحي وضع مؤخرا خطة غير منطقية وغير مقنعة بالمرة وكان من الأجدي أن يعين الوزير شخصا يستطيع أن يفعل شيئا حقيقيا في تطوير المسارح.